حين يتحول التعليم إلى أثر خالد ، بقلم : أية محمد ناجي الحاج أحمد

حين يتحول التعليم إلى أثر خالد ، بقلم : أية محمد ناجي الحاج أحمد

في يومٍ تتفتح فيه القلوب قبل الأزهار، ويعلو فيه صوت الامتنان على كل الأصوات، نقف أمام المعلم وقفة إجلال، كأننا أمام نهرٍ لا ينضب، يروي عطش الأرواح بالمعرفة، ويزرع في العقول بذور الأمل. المعلم ليس مجرد ناقلٍ للعلم، بل هو صانع أثر، يكتب في صفحات العمر حكايات لا تُمحى، ويعلّمنا أن الإنسان يُقاس بما يتركه من أثرٍ خالد في الآخرين.

يوم المعلم هو يومٌ للذاكرة، يومٌ نحتفي فيه بالذين جعلوا من التعليم رسالة حياة، ومن القاعة فضاءً للحرية والإبداع. هو يومٌ نرفع فيه الأقلام تحيةً، ونكتب فيه قصائد حبٍ وامتنان لأولئك الذين حملوا مشاعل النور في دروبنا.

ومن بين هؤلاء المعلمين الذين تركوا بصمة لا تُنسى، تبرز الدكتورة تهاني بشارات، قدوة إنسانية وأدبية، وصوتٌ يعلّمنا أن العلم لا يكتمل إلا حين يُعانق الإنسانية. لم تكن مجرد أستاذة جامعية، بل كانت روحاً تُضيء الطريق، تؤمن أن التعليم ليس تلقيناً، بل رحلة بحث عن الذات، واكتشاف للقدرات، وصناعة للأثر.

في قاعاتها، لم يكن الطالب متلقياً صامتاً، بل شريكاً في صناعة المعرفة، وكانت هي الحاضنة التي تمنحهم الثقة ليجرّبوا ويبدعوا ويخطّوا طريقهم الخاص. كتابها “إنما الإنسان أثر” لم يكن مجرد عنوان، بل كان فلسفة حياة، ترى أن قيمة الإنسان تُقاس بما يزرع من محبة وعلم ونور.

إن دور الدكتورة تهاني يتجاوز حدود التدريس؛ فهي معلمة وصديقة وأم ثانية لطلبتها، تحتضنهم بحب وتدفعهم نحو التميز. عطاؤها المستمر منارة للأجيال، ورسالتها الإنسانية تجعل من يوم المعلم مناسبة للاحتفاء بها وبأمثالها ممن يتركون أثراً خالداً في المجتمع.

أنا أرفع لها باقة امتنان، وأدعُ الله أن يبارك في عمرها وصحتها، وأن يظل عطاؤها نورًا يضيء دروبنا. فكل عام وهي بخير، وكل عام وهي مثال حيّ على أن النجاح الحقيقي هو أن يترك أثراً في الاخرين

يا دكتورة تهاني بشارات، يا من جعلتِ من التعليم قصيدة حبٍ تُكتب في قلوب طلبتك، ومن عطائكِ نهراً لا ينضب…
أنتِ الأثر الذي لا يزول، والنبض الذي يذكّرنا أن التعليم ليس مهنة، بل رسالة حياة.

أدعُ الله أن يحفظكِ، وأن يجعل من كلماتكِ نوراً يتوارثه الأجيال، ومن عطائكِ جسراً يعبر عليه كل من يبحث عن ذاته.

كل عام وأنتِ المعلمة التي تُعلّمنا أن الإنسان أثر، وأن أجمل ما يتركه المرء في الدنيا هو بصمة حبٍ وصدقٍ في قلوب الآخرين.