
قرية الشباب في كفر نعمة ، مساحة أمل تحت الاستهداف والاستعمار الزاحف ، بقلم : رشاد ابو حميد
تتعرض قرية الشباب الواقعة في منطقة وادي كفر نعمة، غرب رام الله، لسلسلة متصاعدة من الاعتداءات التي تنفذها مجموعات من المستوطنين، في مشهد يعكس سياسات فرض الأمر الواقع والاستعمار الصامت الذي يستهدف الإنسان والأرض والمساحات المدنية الفلسطينية، لا سيما تلك التي تشكّل متنفسًا للشباب ومراكز فعل مجتمعي مستقل.
في أحدث هذه الاعتداءات، أقدمت مجموعات من المستوطنين، وفي جنح الظلام، على تركيب بوابة حديدية على مدخل وادي كفر نعمة، في خطوة تصعيدية خطيرة تهدف إلى عزل المنطقة وقطع الطريق المؤدي إلى قرية الشباب، وحرمان السكان والمزارعين من حقهم الطبيعي في الوصول إلى أراضيهم ومصادر رزقهم، في انتهاك صارخ للحقوق الأساسية المكفولة بموجب القانون الدولي.
ولا يُعد هذا الاعتداء حدثًا معزولًا، بل يأتي ضمن سلسلة ممنهجة من الانتهاكات التي شهدتها القرية خلال الأيام الماضية، شملت التخريب المتعمد، والسرقة، وتدمير المحتويات والمعدات، في محاولة واضحة لتقويض هذا الفضاء الشبابي المدني، ومنع الشباب الفلسطيني من ممارسة حقهم في التعلّم والتنظيم والعمل المجتمعي ضمن مساحة آمنة ومستقلة.
وتكتسب هذه الانتهاكات خطورة مضاعفة في ظل حقيقة أن غالبية أراضي المنطقة مصنفة ضمن أراضي (ب)، والتي يُفترض أن تكون خاضعة للسيطرة المدنية الفلسطينية، ما يجعل هذه الإجراءات غير القانونية خرقًا فاضحًا للاتفاقيات الناظمة، وتعديًا مباشرًا على الصلاحيات المدنية، فضلًا عن كونها شكلًا من أشكال العقاب الجماعي.
ولا يقتصر أثر تركيب البوابة الحديدية على قرية الشباب وحدها، بل يمتد ليطال المزارعين وأهالي المنطقة، إذ يحرمهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، ويهدد سبل عيشهم، ويعمّق حالة الخنق الجغرافي والاقتصادي المفروضة على القرى الفلسطينية، في إطار سياسة تهدف إلى تفريغ الأرض من أصحابها.
من منظور القانون الدولي الإنساني، فإن هذه الممارسات تمثل انتهاكًا جسيمًا، إذ تحظر القواعد الدولية فرض القيود التعسفية على حركة المدنيين، وتجرّم الاعتداء على الممتلكات والمساحات المدنية المحمية، وتُلزم قوة الاحتلال بضمان حماية السكان المدنيين وعدم الإضرار بمصالحهم أو مصادر رزقهم.
إن استهداف قرية الشباب لا يمكن فصله عن السياق الأوسع لمحاولات تفكيك البنية المجتمعية الفلسطينية، واستهداف المبادرات الشبابية التي تسعى إلى بناء وعي جمعي، وتعزيز الصمود، وخلق بدائل ثقافية وتنموية في وجه الإقصاء والاستعمار.
ورغم هذه الاعتداءات، تؤكد الجهات المشرفة والداعمة لقرية الشباب أن هذه المساحة ستبقى عنوانًا للصمود والعمل الشبابي الحر، وأن محاولات كسر الإرادة أو فرض الوقائع بالقوة لن تنجح في إلغاء الحق الفلسطيني في الأرض والحياة والتنظيم.
إن ما تتعرض له قرية الشباب اليوم هو اختبار حقيقي للمجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية، ويتطلب تحركًا عاجلًا لوقف الانتهاكات، وضمان الحماية للمدنيين، ومحاسبة المسؤولين عنها، قبل أن تتحول هذه الجريمة إلى سابقة جديدة تُشرعن الاستيطان بالقوة وتُمعن في خنق ما تبقى من فضاءات الحياة الفلسطينية.
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .