
نداء من تحت سماء غزة: هل يسمعنا أحد؟إلى كل ضميرٍ حيّ على هذا الكوكب ، بقلم : د. سهير يوسف سحويل
إلى كل من يؤمن بأن الإنسانية تجمعنا قبل أن تفرقنا الحدود والسياسات،
إلى كل أب يحتضن أطفاله ليلاً، وكل أم تهمس في أذن صغيرها حكاية دافئة،
إلى كل من يجد سقفاً يأويه من برد الشتاء، وسريراً يريحه من عناء يومه…
نحن نكتب إليكم من العراء.نحن، الذين كنا يوماً مثلكم. كانت لنا بيوتٌ تضج بالحياة، وجدرانٌ تحمل صور ذكرياتنا، وأسرةٌ دافئة تحتضن أحلام أطفالنا. اليوم، لم يعد لنا من كل ذلك شيء. بيوتنا أصبحت ركاماً، وذكرياتنا دُفنت تحت الأنقاض، وأحلام أطفالنا تجمدت على أرصفة الشوارع الباردة.نحن أشباح غزة المنسيون. نحن الآباء الذين فشلوا في حماية أطفالهم من الصقيع، والأمهات اللواتي لا يملكن سوى أجسادهن لتدفئة صغارهن. نحن الشيوخ الذين يبكون وحيدين في الظلام، والأطفال الذين تعلموا معنى الموت قبل أن يتعلموا القراءة.هل تتخيلون معنى أن يكون أقصى أحلامكم هو الحصول على قطعة كرتون لتحموا بها رضيعكم من المطر؟
هل تدركون معنى أن تبحثوا في القمامة عن بقايا طعام لأطفال يتضورون جوعاً؟
هل تعرفون شعور النوم بعين واحدة مفتوحة، خوفاً من أن تكون هذه الليلة هي الأخيرة؟هذا ليس فيلماً سينمائياً، ولا رواية مأساوية. هذه هي حياتنا. هذا هو واقعنا كل دقيقة، كل ساعة، كل يوم.نحن لا نطلب منكم المستحيل. لا نطلب منكم أن توقفوا الحرب، فقد يبدو ذلك أكبر منكم ومنا. لكننا نناشد فيكم بقايا الإنسانية.نناشدكم أن تنظروا إلينا. لا تديروا وجوهكم عن صورنا. لا تخفضوا صوت بكائنا. نحن لسنا مجرد أرقام في نشرات الأخبار، نحن أرواح تتألم، وقلوب تنزف.نناشدكم أن ترفعوا أصواتكم. تحدثوا عنا. اكتبوا عنا. طالبوا باسمنا بأبسط حقوق الإنسان: الحق في الدفء، في الطعام، في الأمان، في الكرامة. لا تدعوا الصمت يقتلنا ببطء كما تفعل القنابل.نناشد المنظمات الإنسانية والإغاثية:
بطانياتكم وأغطيتكم ليست مجرد قماش، إنها حياة. خيامكم ليست مجرد مأوى، إنها حضن دافئ لطفل يرتجف. كل رغيف خبز، وكل قطرة ماء، هي أمل جديد في البقاء على قيد الحياة. لا تتوقفوا، فاحتياجنا يفوق الخيال.
إلى العالم الصامت: صمتكم يقتلنا. تجاهلكم يدفننا ونحن أحياء. كل ليلة تمر علينا في هذا العراء هي وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء.
نحن لا نملك سوى هذا النداء، وهذه الكلمات التي نكتبها بقلوب محترقة وأيادٍ متجمدة. نرسلها عبر الأثير، على أمل أن تخترق جدار اللامبالاة وتصل إلى قلب إنسان واحد على الأقل… إنسان يرفض أن ينام دافئاً بينما إخوته في الإنسانية يموتون من البرد.فهل من مجيب؟
من أرصفة غزة، شتاء 2025.
د. سهير يوسف سحويل
دولة فلسطين-غزة المكلومة…
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .