12:51 صباحًا / 29 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

عملية خمسة أحجار، ماذا تخفي؟ بقلم : بديعة النعيمي

عملية خمسة أحجار، ماذا تخفي؟

عملية خمسة أحجار، ماذا تخفي؟ بقلم : بديعة النعيمي

أطلق جيش الاحتلال بتاريخ ٢٦/نوفمبر/٢٠٢٥، عملية شملت مدينة طوباس والقرى المحيطة تحت مسمى “خمسة أحجار”، ادعى بأنها تكتيكية “أمنية” لملاحقة ما يصمهم عادة ب “المخربين أو الإرهابيين”. بينما العملية بدت في الحقيقة عملية عسكرية هدفها المبطن إعادة رسم الجغرافيا السياسية في شمال الضفة الغربية.


ففي الساعات الأولى للعملية، قامت القوات الصهيونية بإحكام حصارا كاملا على المنطقة، ثم أغلقت المداخل بالجرافات، وانتشرت دوريات راجلة وراجمة، فيما حلقت المروحيات الهجومية فوق المنازل على ارتفاع منخفض في مشهد يعكس حجم العملية. ومع تقدم الوقت تم اقتحام عشرات المنازل، وإجبار العائلات على إخلاءها وسط البرد القارص، بينما تم تحويل بيوت أخرى إلى نقاط تمركز عسكرية. كما ووثقت الساعات الأولى اعتقالات واسعة، ومنع طواقم الإسعاف من الوصول إلى بعض الأحياء.

وفي اليوم التالي، ٢٧/نوفمبر، انتشر مقطع ظهر فيه جنود صهاينة وهم يطلقون النار على شابين فلسطينيين برغم استسلامهما، وقد أجمعت “منظمات حقوقية” على أن هذه الحادثة هي واحدة من أخطر مشاهد الإعدام الميداني منذ سنوات، ما يؤكد أن “خمسة أحجار” هي حملة قمعية مفتوحة لا سقف لها.


ومع استمرار الحصار وقطع الطرق وتعطيل المدارس والخدمات، بدأ هدف العملية يتبلور، وهو إعادة تشكيل للمنطقة بكاملها وفق منطق عسكري استيطاني.

وهنا يكمن خطر “خمسة أحجار”، من حيث أنها امتداد ل “سياسة فرض الأمر الواقع”، وهي سياسة تتعمد دولة الاحتلال من خلالها فرض حقائق ميدانية جديدة على الأرض قبل أي حوار سياسي، بحيث تتحول السيطرة العسكرية المؤقتة إلى واقع سياسي دائم. وقد أفردت مقالا خاصا لهذه السياسة.

إذن فعملية “خمسة أحجار” واحدة من عمليات فرض تلك السياسة، إذ عندما تتم محاصرة خمس قرى في وقت واحد، وتتحول إلى مربعات أمنية مغلقة، ويجبر سكانها على العيش تحت رقابة يومية، فإن الهدف يتضح أكثر ولن تنجح محاولة تغطيته بغربال، ويكمن في محاولة إخضاع الشمال الفلسطيني إلى منطقة تحت سيطرة طويلة الأمد. وهنا يكمن الخطر وراء هذه السياسة، فهي كالخلايا السرطانية، تعمل بصمت وتتكاثر، تغير الأرض أولا، ثم السلوك اليومي للسكان من خلال الحصار والإغلاق، ثم فجأة يظهر المرض في مراحله الأخيرة، باعتباره “حقيقة” استشرت في الجسد وواقع يفرض نفسه عليه.

غير أن هذه السياسة مع الجسد الفلسطيني قد يكون لها ارتدادات خطيرة عليها، ذلك لأن الجسد قد يتمرد على المرض ويرفضه، والتجارب السابقة كثيرة، وقد شاهدناها في جنين ونابلس. فالضغط اليومي يولد مقاومة فطرية لا تحتاج إلى تنظيم، بل إلى تراكمات من التنكيل والتضييق، تترجم بدورها إلى مواجهات في الشوارع، وفي الأحياء، والمواجهات إلى انتفاضة ثم ثورة.


وما بين يمين متطرف يطالب بمزيد من العنف والتوسع، وأصوات أخرى تحذر من أن العملية تنقلب إلى مستنقع استنزاف طويل، وستفتح جبهة يصعب إغلاقها.

ومن هنا فإن استمرار هذه السياسة لن يفضي إلى استقرار، بل إلى مرحلة أكثر تعقيدا قد تعيد رسم المشهد بأكمله، ووقتها فقط سينقلب السحر على الساحر.

شاهد أيضاً

اتحاد نضال العمال الفلسطيني يوجّه برقية تحيّة وتضامنإلى المؤتمر الوطني السابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمغرب

اتحاد نضال العمال الفلسطيني يوجّه برقية تحيّة وتضامنإلى المؤتمر الوطني السابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمغرب

شفا – وجّه اتحاد نضال العمال الفلسطيني، ممثلاً بالمكتب التنفيذي والمجلس الإداري، برقية تحيّة وتضامن …