4:15 مساءً / 24 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

دِلفين طوبال ، ذاكرة ثقافية تنبض بين عفرين والقامشلي ، بقلم : إيمان أحمد

دِلفين طوبال ، ذاكرة ثقافية تنبض بين عفرين والقامشلي ، بقلم : إيمان أحمد

دِلفين طوبال ، ذاكرة ثقافية تنبض بين عفرين والقامشلي ، بقلم : إيمان أحمد

تُعدّ دِلفين طوبال واحدة من الوجوه الثقافية البارزة في المشهد الكُردي المعاصر، فقد استطاعت أن تحوّل تجربتها الشخصية ومسيرتها المهنية إلى مشروع ثقافي واسع الأفق، يجمع بين العمل المؤسّسي والاهتمام باللغة والهوية والحفاظ على الذاكرة الجماعية. ولعلّ ما يميز حضورها هو قدرتها على خلق فضاءات معرفية آمنة، تُشجّع القراءة والكتابة وتدعم المبدعين الشباب في بيئة تفتقر أحياناً إلى البنى الثقافية المستقرة.

النشأة والتجربة التعليمية

ولدت دِلفين طوبال في بيئة كردية تهتم بالمعرفة، الأمر الذي انعكس على مسارها لاحقاً. عملت في مؤسسة اللغة الكُردية في عفرين، وأسهمت في إعداد مواد تعليمية للأطفال وتقديم دروس لغوية تهدف إلى تعزيز حضور اللغة الأم في المجتمع، خصوصاً بين الأجيال الصاعدة.

من النزوح إلى الفعل الثقافي

بعد أحداث 2018 ونزوحها من عفرين إلى القامشلي، لم تركن دلفين إلى الانقطاع أو الانعزال رغم قسوة الظروف؛ بل حوّلت التجربة إلى دافع قوي لإعادة بناء حضورها الثقافي. كان هذا التحوّل بداية سلسلة من المشاريع الطموحة التي أسست لمرحلة جديدة في عملها وتوجهها.

مكتبة أمارا… مشروع ينمو بالقراء

شاركت دلفين في تأسيس مكتبة أمارا في القامشلي، وهي واحدة من أهم المبادرات الثقافية في المنطقة، إذ جمعت آلاف الكتب باللغتين الكردية والعربية، وأصبحت فضاءً مفتوحاً للقراءة والنقاش وتنظيم الفعاليات الأدبية. وقد عملت دلفين على أن تكون المكتبة مركزاً مجتمعياً متنوعاً يستقطب الكُتّاب والطلاب والمهتمين، ويُعيد للقراءة دورها الحيوي.

دار ميزوبوتاميا للنشر… خطوة نحو صناعة الكتاب

ومن أبرز أعمالها، تأسيسها دار ميزوبوتاميا للنشر، وهي دار تهدف إلى دعم الأدب الكردي وتعزيز حضور الأصوات الجديدة، إضافة إلى نشر أعمال تُعنى بالتراث، واللغة، والكتب التعليمية. سعت دلفين إلى أن تكون الدار مشروعًا ثقافيًا يرتقي بصناعة الكتاب، عبر تنظيم ورشات للكتابة، ومراجعة مخطوطات، ودعم مشاريع الطباعة والنشر.

أعمالها المنشورة… من تعليم اللغة إلى الشعر والخيال

على المستوى الإبداعي، تمتلك دلفين طوبال مشروعاً أدبياً متنوعاً، بدأ بكتابٍ تعليمي للأطفال مخصص لتعليم اللغة الكردية بأسلوب مبسّط وجذاب، يهدف إلى تقوية علاقة الطفل بلغته الأم.

واليوم تستعد لإصدار عملها الثاني وهو إصدار روايتها الجديدة بعنوان «ما لم تقله الريح»

وهي رواية تحمل طابعاً تأملياً وإنسانياً، تمزج بين السرد والشعر الروحي، وتستكشف ما تخفيه الذاكرة من طبقات الألم والأمل، وما تتركه الريح من كلمات غير منطوقة، فتمنحها الكاتبة صوتاً وحياة. يُعد هذا العمل خطوة جديدة في مسيرتها الأدبية، ويكشف عن انتقالها من الكتابة التعليمية والشعرية إلى فضاء السرد الروائي العميق.

إسهامات إعلامية وثقافية.

ظهرت دلفين في مقابلات ولقاءات إذاعية وصحفية تحدّثت فيها عن أهمية المؤسسات الثقافية في بناء المجتمع، وعن دور اللغة والكتاب في تشكيل الوعي الجمعي. كما شاركت في فعاليات وورشات تهدف إلى نشر ثقافة القراءة وتشجيع الأطفال واليافعين على الاقتراب من الكتاب.

رسالة ثقافية تمتد نحو المستقبل.

ما يميز دلفين طوبال ليس فقط المشاريع التي أسستها، بل الرسالة التي تحملها. فهي ترى في الكتابة طريقاً للحفاظ على الهوية، وفي القراءة مفتاحاً للمعرفة، وفي المؤسسات الثقافية جسراً بين الماضي والمستقبل. وبفضل رؤيتها وعملها الدؤوب، أصبحت أحد أهم الأسماء النسوية في المشهد الثقافي الكردي، وواحدة من الفاعلات اللواتي رسّخن حضور الكتاب واللغة في زمن التحولات الصعبة.

شاهد أيضاً

وزارة الثقافة الفلسطينية

وزارة ​الثقافة تستنكر اقتحام سلطات الاحتلال مسرح الحكواتي في القدس

شفا – أدانت وزارة الثقافة الفلسطينية بأشد العبارات قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي باقتحام مسرح الحكواتي …