2:12 مساءً / 18 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

الخوف… حين يصبح منهجًا تربويًا غير معلن ، بقلم : معمر يوسف العويوي

الخوف… حين يصبح منهجًا تربويًا غير معلن ، بقلم : معمر يوسف العويوي

لم يعد الخوف في المجتمع الفلسطيني مجرد شعور عابر، بل تحوّل – للأسف – إلى سلوك يومي يتسرب إلى المؤسسات، ويطال الأفراد حتى في المساحات التي ينبغي أن تكون الأكثر أمانًا واحترامًا: المدرسة والمعلم.

ففي الوقت الذي يعاني فيه قطاع التعليم من تراكمات كبيرة وإخفاقات عمرها سنوات، وفي الوقت الذي يحاول فيه القائمون على التعليم النهوض بالمنظومة رغم الظروف، ظهرت ظاهرة خطيرة تستحق التوقف عندها: حالة الخوف والترهيب التي يعيشها عدد كبير من المعلمين في التعبير عن آرائهم، حتى تلك الآراء التي تعبّر عن همومهم المهنية أو مطالبهم المحقة أو رغبتهم في تطوير المسيرة التربوية.

مؤخرًا، وبعد نشر مقالة ” من منبر العلم إلى هامش العوز.. حكاية المعلم الفلسطيني”.

‎فوجئت بعشرات الرسائل الخاصة من معلمين يؤيدون ما كتبت، لكنهم في الوقت ذاته يعترفون – بوضوح – بأنهم يخشون التعليق علنًا

معلمون يخافون من كتابة رأي على صفحاتهم الشخصية… فما الذي تبقّى لهم من مساحة ليكونوا قدوة للطلبة؟

معلم يخاف… فكيف يعلّم الشجاعة؟


السؤال الأخطر:


كيف يمكن لمعلم لا يجرؤ على إبداء رأيه أن يزرع في طلابه قيمة قول الحق؟


وكيف لمعلم يخشى منشورًا أو تعليقًا أن يدرّب أبناءنا على التفكير النقدي، وعلى التعبير بثقة ومسؤولية؟
إن الطالب، بطبيعته الذكية، يلتقط خوف معلمه قبل أن يسمع درسه.


ويرى في ارتباكه رسالة خفية مفادها:
“لا تقل رأيك… لا تقترب من الحقيقة… الخوف هو الطريق الأسلم”.

وهنا تكمن الكارثة التربوية:


يتحول الخوف إلى منهج غير مكتوب، يتسلل إلى عقول الطلبة، ويخنق الفرد قبل المجتمع.

الخوف لا يبني أجيالًا… بل يكسرها


إن أي منظومة تعليمية تُبنى على الخوف، لا تنتج إلا طلابًا مكسوري الصوت، خائفين من المبادرة، غير قادرين على الإبداع أو التفكير الحر.


والمعلم الذي يشعر بأنه مُراقب أو مهدد أو مستدعى عند كل رأي، يصبح مجرد موظف يؤدي الحد الأدنى، بدلًا من أن يكون حامل رسالة وباني أجيال.

التربية تبدأ من الإحساس بالأمان


لا يمكن أن نتحدث عن “تعليم وطني” إذا كان المعلم نفسه لا يشعر بالأمان.
ولا يمكن أن ننشد “جيلًا ناقدًا ومبدعًا” إذا كان المعلم يخشى كلمة أو جملة.

إن أول خطوة نحو إصلاح التعليم هي إعادة الاعتبار للمعلم كإنسان حرّ قبل أن يكون موظفًا.
ووقف كل أشكال الترهيب المباشر أو غير المباشر.


وإعادة توجيه المديريات كي تقوم بدورها التربوي لا السلطوي.

فالمعلم الذي يشعر بالأمان يعطي بلا حدود.
والمعلم الذي يُحترم… يعلّم طلابه أن يكونوا محترمين وأقوياء وواثقين.

رسالة أخيرة

إن الخوف عندما يتحول إلى سياسة، يقتل الروح… لكن حين يواجهه صوت حر واحد، يبدأ التغيير.
ولعل الواجب اليوم أن نتحدث بصراحة، لأن الصمت في هذه الحالة ليس حكمة… بل مشاركة في صناعة جيل خائف.

والتعليم لا ينهض بالخائفين.
بل بالذين يحمون قيمة الإنسان قبل المنهاج، والكرامة قبل الكتاب، والحرية قبل الدرس.

شاهد أيضاً

الأردن يدين تصريحات بن غفير التحريضية التي تدعو إلى استهداف القيادة الفلسطينية

الأردن يدين تصريحات بن غفير التحريضية التي تدعو إلى استهداف القيادة الفلسطينية

شفا – أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين بأشدّ العبارات التصريحات التحريضية المقيتة المرفوضة الصادرة عن …