3:35 مساءً / 17 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

بعد الكهرباء… تتسابق شركات السيارات الصينية على “الذكاء” ، بقلم : تيان جيانينغ

بعد الكهرباء… تتسابق شركات السيارات الصينية على "الذكاء"

بعد الكهرباء… تتسابق شركات السيارات الصينية على “الذكاء” ، بقلم : تيان جيانينغ


على مدار العقد الماضي، برزت الصين، بفضل سلسلتها الصناعية الكاملة ونظامها التصنيعي القوي ودعمها السياسي المستمر، لتصبح قوة رائدة في سوق السيارات العالمية العاملة بالطاقة الجديدة في خضم موجة التحول إلى السيارات الكهربائية. وفي عام 2025، من المتوقع أن يتجاوز معدل انتشار سيارات الطاقة الجديدة في الصين 50%، لتتجاوز الصناعة مرحلة “القلق من مدى الرحلة” وخفض تكاليف الإنتاج، ويتحول التركيز الجديد للصناعة من “الكهرباء” إلى “الذكاء”.


تتحول السيارات من وسيلة نقل إلى عقدة ذكية، حيث أصبحت القيادة الذكية، والتنسيق بين المركبات والبنية التحتية، والتفاعل بين الإنسان والآلة جوهر جولة المنافسة الجديدة. وقد أصبح تحقيق قفزة نوعية أخرى بعد التحول إلى السيارات الكهربائية تحديا شائعا لصناعة السيارات الصينية.


تُعيد موجة التحول إلى السيارات الذكية، مدفوعة بالذكاء الاصطناعي، تشكيل الصناعة بأكملها بسرعة. لا يقتصر الأمر على دفع عجلة تحول السيارات من مجرد منتجات ميكانيكية إلى “محطات ذكية”، بل يُحدث أيضا تحولات نوعية في التصنيع والبحث والتطوير والمبيعات والخدمات. في سبتمبر 2025، اقترحت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية لأول مرة في “خطة عمل استقرار النمو في صناعة السيارات (2025-2026)” الموافقة المشروطة على الوصول إلى إنتاج المركبات بمستوى القيادة الذاتية ” L3″، والتي تغطي وظائف أساسية مثل خدمات معلومات إشارات المرور، وتحذيرات الأحداث، وتجنب الاصطدام التلقائي، والوقوف الذكي. هذه الخطوة تمثل انتقال الصين من مرحلة المفهوم إلى مرحلة التطبيق العملي في مجال القيادة الذكية.


وقد رافق ذلك تخطيط مُسرّع على أعلى المستويات. صرح شين قوه بين، نائب وزير الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، خلال المؤتمر العالمي للسيارات الذكية المتصلة 2025 الذي عُقد في أكتوبر، أن الصين تُنظم وضع “خطة تطوير صناعة السيارات الذكية المتصلة بالطاقة الجديدة”، لتعزيز التكامل العميق بين الذكاء الاصطناعي والسيارات، وتحقيق اختراقات في التقنيات الرئيسية مثل البنية الإلكترونية والكهربائية من الجيل التالي ورقائق الحوسبة عالية الأداء، ومواصلة تعزيز التطبيق التجريبي لـ”تكامل المركبات والطرق والحوسبة السحابية” لبناء مساحة بيانات موثوقة. كما أكد على ضرورة تعميق التعاون الدولي والبناء المشترك لنظام صناعي مفتوح وآمن وفعال في مجالات التكنولوجيا والمعايير وسلاسل التوريد.


في ظل التوجيهات السياسية، تتقدم وتيرة التطبيق بسرعة.


حاليا، تُمثل سيارات الركاب المُجهزة بوظائف مُساعدة القيادة المُتكاملة أكثر من 60% من مبيعات السيارات الجديدة في الصين. وقد افتتحت البلاد ما يزيد عن 35 ألف كيلومتر من طرق الاختبار والعرض، ونشرت أكثر من 11 ألف وحدة ذكية على جانب الطريق. تُجري عشرون مدينة تطبيقات تجريبية لـ”تكامل المركبات والطرق والحوسبة السحابية”، وقد صدر 88 معيارا وطنيا وصناعيا، وتقود الصين ما يقرب من 10 معايير دولية لتُصبح أكثر مناطق الاختبار نشاطا في العالم للتنقل الذكي.


أما القطاع الصناعي، فهو يعيد تعريف قواعد اللعبة.


لم يعد الذكاء “قيمة مضافة”، بل أصبح جوهر المنافسة. فشركة “DiDi” تواصل اختبار سياراتها ذاتية القيادة في بكين وقوانغتشو تحت جميع ظروف الطقس وحركة المرور. ووفقا لبلومبرغ لتمويل الطاقة الجديدة، فقد تفوقت شركات مثل “Baidu Apollo Go” و” WeRide” و”Pony.ai ” على منافسيها الرئيسيين في الولايات المتحدة من حيث عدد المشاريع التي نفذتها، والتي تغطي العملية بأكملها من التشغيل التجريبي إلى التسويق التجاري.


في الوقت نفسه، تعمل شركات صناعة السيارات على تسريع بناء الأنظمة الذكية. فقد أنشأت جيلي نظاما متكاملا مطورا ذاتيا يعتمد على الرقائق وأنظمة التشغيل وأنظمة البيانات؛ بينما تعمل شركات BYD وXPeng وChangan باستمرار على زيادة استثماراتها في القيادة الذكية والتفاعل الصوتي وأمن البيانات. يمكن القول إن شركات صناعة السيارات الصينية تنتقل من “الاعتماد على التصنيع” إلى “الاعتماد على الذكاء”، وإن السيارات بدأت تمتلك القدرة على التعلم والحكم والتطور.


كما يتسارع التعاون الدولي. ففي يوليو، أطلقت شركة WeRide الدفعة الأولى من سيارات الأجرة ذاتية القيادة للتشغيل التجريبي في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية؛ وتوصلت منصة القيادة الذاتية Apollo Go التابعة لشركة Baidu إلى تعاون استراتيجي مع هيئة الطرق والمواصلات في دبي لنشر 100 مركبة ذاتية القيادة بالكامل في دبي بحلول نهاية عام 2025؛ في غضون ذلك، وقّعت شركة Pony.ai اتفاقية مع شركة Stellantis الأوروبية العملاقة للسيارات لنشر مركبات تجارية خفيفة ذاتية القيادة في أوروبا، مع خطط لإجراء عمليات تجريبية في مدن متعددة عام 2026. تُظهر هذه الحالات أن الشركات الصينية تتحول من تصدير المركبات الكاملة إلى تصدير الخوارزميات والمنصات وقدرات الأنظمة، مما يؤدي دورا جديدا في المشهد العالمي للتنقل الذكي.


من الواضح أن التحول نحو الذكاء ليس مجرد خطوةٍ تجميليةٍ بعد الكهرباء، بل هو المنعطف الحاسم الذي يدفع صناعة السيارات الصينية من “التوسع الكمي” إلى “القفزة النوعية”. فقد حلت الكهرباء مشكلة كفاءة الطاقة، أما الذكاء فيُعيد رسم منطق التنقل والحياة الحضرية. فعندما تصبح السيارة محطة استشعار طرفية ويصبح الطريق شبكة بيانات، وتصبح المدينة منصة خوارزمية، لن تكون المنافسة على المدى أو القوة أو السعر، بل على من سيتمكن أولا من بناء منظومة ذكية منفتحة وآمنة ومستدامة.


لقد جعلت الكهرباء شركات السيارات الصينية تقف على المسرح العالمي، أما الذكاء، فسيحدد ما إذا كانت قادرة على قيادة مستقبل النقل العالمي.

شاهد أيضاً

رئيس ديوان الرقابة السيدة أمل فرج تستقبل رئيس هيئة مكافحة الفساد الإيطالية

رئيس ديوان الرقابة السيدة أمل فرج تستقبل رئيس هيئة مكافحة الفساد الإيطالية

شفا – استقبلت رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية السيدة أمل فرج، في مكتبها بمدينة رام …