
المعلم كما يراه أحمد شوقي و إبراهيم طوقان ، بقلم : د. فواز عقل
أمير الشعراء في قصيدته المشهورة التي يمجد فيها المعلم والتي تردد في كل المناسبات حيث يقول:
قم للملعم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي/ يبني وينشئ أنفسا وعقولا؟ / شوقي يمجد المعلم ويضعه في مكانة عالية وجعله في مرتبة الرسل لأنه يساعد على بناء العقول وتربية الأمل، فالمعلم بالنسبة للأمير رسول علم وتربية وتهذيب وإصلاح (وهو أمر لتوقير المعلم)، شوقي يرى مهنة التعليم بمهنة مقدسة، يجب رفع مكانة صاحبها،
وشوقي يتحدث عما يجب أن يكون للمعلم،
أما الشاعر إبراهيم طوقان والذي كان معلما و هو لا يقلل من قيمة المعلم لكنه يعبر عن معاناة المعلم اللامرئية من تعب و جهد و قلة التقدير المادي و المعنوي، و يرد على مثالية الأمير بروح ساخرة و واقعية، طوقان يرى المهنة مهنة سامية مقدسة لا تنفي قسوة الواقع الذي يعيش فيه المعلم و أن الجميع لا يقدر جهود المعلم، و طوقان تحدث عن ما هو (كائن) و رد على الأمير بقصيدة عنوانها المدرس قائلا:
شوقي يقول وما درى بمصيبتي/قم للمعلم وفه التبجيلا
ويكاد يقلقني الأمير بقوله/ كاد المعلم أن يكون رسولا
لو جرب التعليم شوقي ساعة/لقضى الحياة شقاوة وخمولا
الشاعرين يلتزمان في تقدير مكانة المعلم ودوره في بناء الأجيال ويدعو كل منهما بطريقة مختلفة إلى احترام وتحسين وتقدير دور المعلم فالمعلم دائما مصدر عطاء وبدونه لا تنهض الأمة.
ودخل على الخط أحد الشعراء رادا على الأمير قائلا:
قد كان شوقي في المديح عجولا جعل المعلم للاله خليلا
لو كان شوقي حاضرا بزماننا ما كان قد ظلم الثناء فتيلا
ويرى بعض التربويون أن مهنة التعليم لم تعد كما كانت مهنة بناء وتربية وصنع أجيال، بل أصبحت مهنة استنزاف للروح قبل الجسد عند المعلم لأن الطفل يأتي إلى المدرسة لا يعرف كلمة لا ولا يجلس بهدوء ولا يعتذر ولا يحترم ولا يعرف حدود ومع هذا يطلب من المعلم أن يعلم ويربي و يكون مصلحا لينا و كأن المعلم آلة لا يتعب ولا يشعر، لكن المعلم بشر و طاقة تحمله تكاد تكون محدودة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل التدريس معاناة بحد ذاته؟
الجواب: نعم ولا، لأن التدريس يعتمد على الظروف النفسية والمهنية والإنسانية التي يعيشها المعلم ولكن معاناة المعلم ليست تعب جسدي ولا بالساعات الطويلة التي يقف فيها أمام الطلاب وهم جالسون بل في المسافة اللامرئية بين ما يعطيه وتقدير المجتمع له.
التدريس ليس معاناة، بل يصبح كذلك عندما يتم تهميش كرامة المعلم، ومع هذا يشهد نظام التعليم في هذا العصر، ضغوطات متزايدة من الأهل والمجتمع مركزين فقط على التفوق الدراسي والدرجات المرتفعة، وفي هذا العصر فإن وسائل التواصل الاجتماعي سرقت من الطلاب الانتباه والتركيز، وهنا أردد ما قاله أحد الشعراء:
هيا أعيدوا للمعلم شأنه أو فاقبلوه مجهلا وجهولا
واعمل لتطلق في العقول نورا يحيي الدجى فكرا وقلبا جميلا
وأقول إلى من اختار أن يكون في الصف الأول، الذي لا يلقن يل يوقظ العقول/الذي يؤمن أن داخل كل طالب ضوء ينتظر أن يكتشف/ وأن التعلم الحقيقي لا يقارن بالدرجات المرتفعة في زمن يقاس كل شيء بالنتائج السريعة/الذي يرى أن التعليم ليس حل مسألة حسابية بل اكتشاف المعنى/الذي يؤمن أن التعليم ليس مهنة أو وظيفة بل رسالة إنسانية سامية وأقول: لو لم أكن معلما لوددت أن أكون
وأخيرا نحن التربويون المحاورون، أصحاب اليقظة أصحاب البوصلة، نصنع البوصلة لليوم التالي ولا ننتظرها
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .