9:01 مساءً / 6 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

رغم مرور شهر على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حكومة نتنياهو ما تزال غير معنية بالالتزام ، بقلم : عمران الخطيب

رغم مرور شهر على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حكومة نتنياهو ما تزال غير معنية بالالتزام ، بقلم : عمران الخطيب


رغم مرور شهر على إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما تزال حكومة بنيامين نتنياهو غير معنية بالالتزام به. فلا يمرّ يوم دون أن يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي باختراق هذا الاتفاق، الذي يعتبره غير مُلزِم، في ظلّ جمود تام في تنفيذ بنوده وعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية منه.

في اعتقادي، فإن هذا التعطيل ليس بعيدًا عن توافق غير معلن بين الإدارة الأمريكية وحكومة نتنياهو، في إطار سيناريو يهدف إلى استمرار العدوان تحت ذريعة “عدم التزام الطرف الآخر”، والمقصود به حركة حماس. فالأطراف الثلاثة — إسرائيل، الولايات المتحدة، وحماس — لكل منها مصالح وأهداف لا تتقاطع مع الأخرى.

فحركة حماس لا تريد مغادرة دورها كسلطة أمر واقع حاكمة لقطاع غزة، وتعتبر نفسها مسؤولة أمنيًا عن الحفاظ على الخط العازل مع المستوطنات الإسرائيلية مقابل المحافظة على وجودها الحالي، رغم النتائج الكارثية لعملية “طوفان الأقصى” على قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، وعلى الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون ومعسكرات الاحتلال، حيث يتعرضون لعمليات تنكيل مستمرة.

أما الإدارة الأمريكية، فترى في بقاء حماس مبررًا لعدم الانتقال إلى المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق، اللتين تتضمنان انسحاب “إسرائيل”. وهي تكتفي بالسماح بإدخال المساعدات الغذائية بالحد الأدنى، لإبقاء القطاع في دائرة المعاناة اليومية، بما يؤدي تدريجيًا إلى تهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية، وهو ما يخدم الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية الرامية إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه بشكل تدريجي.

الإدارة الأمريكية، برئاسة دونالد ترامب، تسعى إلى استكمال تعهداتها السابقة بمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين. وبدلًا من ذلك، تعمل على تحويل غزة إلى “غزة العظيمة”، كما وصفها ترامب، من خلال مشاريع استثمارية واقتصادية، وهيكلة كيان اقتصادي قائم على تفعيل ميناء غزة كمحطة ترانزيت للتجارة الحرة، واستخدام من تبقى من الفلسطينيين كقوة عاملة خدمية، بعد إضعاف البنية الديموغرافية للقطاع.

من هنا، فإن الحديث عن إعادة إعمار قطاع غزة ليس أمرًا سهلًا في المرحلة الراهنة، خاصة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي، وتعارض الأهداف الاستراتيجية بين واشنطن وتل أبيب، ما يجعل من الصعب صدور قرار من مجلس الأمن يدعو إلى انسحاب الاحتلال وإعادة الإعمار وعودة السلطة الفلسطينية الشرعية إلى غزة. ويبدو أن الإدارة الأمريكية تسعى لصياغة قرار يخدم مصالحها في السيطرة الشاملة، دون إشراك الاتحاد الأوروبي أو الصين أو روسيا، على غرار “اللجنة الرباعية الدولية”.

وعليه، فإن على الدول العربية والإسلامية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا، إلى جانب فرنسا والاتحاد الأوروبي، أن تعمل على إصدار قرار واضح يؤكد على ضرورة جلاء الاحتلال الإسرائيلي عن قطاع غزة، وتثبيت الوحدة الجغرافية بين الضفة الغربية والقطاع، استنادًا إلى حل الدولتين ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.

كما يجب على حركة حماس أن تتوقف عن محاولات البحث عن دور مستقل، وأن تمارس دورها، إلى جانب بقية الفصائل الفلسطينية، من خلال إطار منظمة التحرير الفلسطينية، مع تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية. فالمسؤولية تقع على الجميع لحماية المشروع الوطني الفلسطيني وقضيتنا العادلة وحقوق شعبنا، التي لا يمكن أن تتحقق بوجود الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي.

علينا أن نرفض أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية وفقًا لمخططات الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، والتي تسعى إلى تفكيك الجغرافيا الفلسطينية وفرض واقع جديد في غزة تحت مسمى “اللجنة الإدارية” الخاضعة للإدارة الأمريكية وتوني بلير، في تغييب واضح لدولة فلسطين المعترف بها دوليًا في الأمم المتحدة.

فلنعمل معًا على رفض الوصاية الأمريكية، التي لا تخدم سوى مصالح الولايات المتحدة و”إسرائيل”، وعلى دعم وحدة الشعب والأرض والمصير.

شاهد أيضاً

المؤتمر الوطني الأول للصناعات الثقافية يناقش آفاق تطوير التراث والإبداع وتمكين الإنتاج

المؤتمر الوطني الأول للصناعات الثقافية يناقش آفاق تطوير التراث والإبداع وتمكين الإنتاج

شفا – ناقش المؤتمر الوطني للصناعات الثقافية التي تنظمه وزارة الثقافة في قصر المؤتمرات في …