10:18 مساءً / 1 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

كوبا ، فلسطين أخرى تحت الحصار الإمبريالي ، بقلم : محمد علوش

كوبا ، فلسطين أخرى تحت الحصار الإمبريالي ، بقلم : محمد علوش

كوبا ، فلسطين أخرى تحت الحصار الإمبريالي ، بقلم : محمد علوش


منذ أكثر من ستة عقود، تقف كوبا صامدة في وجه أعتى آلة حصار عرفها التاريخ الحديث، حصار أمريكيّ ظالم، اقتصاديّ وسياسيّ وإنسانيّ، فرض على الجزيرة الثائرة منذ لحظة انتصار ثورتها بقيادة القائد التاريخي فيديل كاسترو ورفاقه، واليوم، بعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً على تصويت الأمم المتحدة المتكرّر لرفع هذا الحصار، تجدّد الجمعية العامة، بأغلبية ساحقة، رفضها لهذه السياسة الجائرة، مؤكّدة مرة أخرى أن ضمير الإنسانية ما زال ينبض رغم جبروت الإمبريالية.


لقد صوّتت 165 دولة لصالح رفع الحصار الأمريكي عن كوبا، فيما لم تجد الولايات المتحدة من يؤيدها سوى حفنة من الدول التي ارتهنت لإرادتها، وعلى رأسها إسرائيل، الحليف الاستراتيجي ذاته الذي يشاركها جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، وكأنّ التاريخ يعيد نفسه، فحصار كوبا هو الوجه الآخر لحصار غزة، ولحصار فلسطين منذ عام 1948، وكلا الشعبين يعاقبان لأنهما اختارا الكرامة، ورفضا الهيمنة، وتمسّكا بحقّهما في الاستقلال والسيادة.


كوبا، هذه الجزيرة الصغيرة في حجمها، الكبيرة في روحها، لم تتخلّ يوماً عن مواقفها المبدئية في دعم القضايا العادلة، وفي طليعتها القضية الفلسطينية، ولم تنحن أمام التهديدات، ولم تساوم على الحق، بل رفعت راية التضامن الأممي في وجه الإمبريالية والاستعمار، وفي كل محفل دولي، نسمع صوت هافانا يردّد: فلسطين ليست وحدها.


أما الولايات المتحدة، فهي تواصل سياسة العقاب الجماعي ضد الشعوب الحرة، سواء في كوبا أو في فلسطين أو في أي مكان يرفض الخضوع لهيمنتها، وتدّعي الدفاع عن الديمقراطية، بينما تفرض الحصار والتجويع والعقوبات، وتتحدث عن حقوق الإنسان، فيما تغطي المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة، وتمنح القتلة الحصانة والدعم العسكري والسياسي.


قال وزير خارجية كوبا، برونو رودريغيز، بوضوح في كلمته أمام الجمعية العامة: “الحصار هو سياسة عقاب جماعي.. إنه ينتهك حقوق شعب كوبا بشكل صارخ وواسع النطاق ومنهجي.. كوبا لن تستسلم”.


وتلك الكلمات لا تخص كوبا وحدها، بل تنطق باسم كل الشعوب الحرة التي تحاصر اليوم في عالم يتسيّده النفاق السياسي، وهي رسالة أيضاً من كوبا إلى فلسطين: اصمدوا كما صمدنا، فالشعوب لا تهزم مهما طال ليل الحصار.


إنّ التضامن مع كوبا ليس واجباً أخلاقياً فحسب، بل هو موقف سياسيّ وإنسانيّ ضد منطق القوة والابتزاز، وضد النظام العالمي الذي يواصل مكافأة المعتدي ومعاقبة الضحية، كما أن التقاء كوبا وفلسطين على درب الحرية والتحرر هو تعبير عن وحدة المصير بين الشعوب التي تناضل ضد الإمبريالية والعنصرية والاستغلال.


كوبا التي أرسلت أطباءها إلى بقاع الأرض لتداوي جراح البشرية، تعاقب اليوم لأنها اختارت أن تكون ضمير العالم لا تابعاً له، وفلسطين التي قدّمت آلاف الشهداء دفاعاً عن حقها في الحياة، تحاصر لأنها ترفض أن تكون ضحية صامتة.
ولعلّ هذا التصويت الجديد في الأمم المتحدة، رغم رمزيته، يعيد إلى الواجهة سؤال العدالة الدولية المفقودة: ما جدوى القرارات إذا بقيت الإمبريالية فوق القانون؟ وما معنى الأمم المتحدة إن كانت عاجزة عن رفع الحصار عن شعب صغير محاصر منذ نصف قرن؟


إنّ التضامن مع كوبا، كما التضامن مع فلسطين، هو دفاع عن فكرة الحرية ذاتها، عن حقّ الشعوب في تقرير مصيرها، وعن كرامة الإنسان في وجه الاستعمار الحديث بأشكاله الجديدة، وكما قال فيديل كاسترو يوماً: “يمكنك أن تسحق زهرة، لكنك لا تستطيع أن تمنع الربيع”.


وكوبا، مثل فلسطين، زهرة حمراء تنبت في صخر الحصار، تواصل إشعال الضوء في وجه العتمة، وتقول للعالم: ما دام في الأرض شعبٌ يقاوم، فلن تموت العدالة.

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم السبت

أسعار الذهب اليوم السبت

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم السبت 1 نوفمبر كالتالي :عيار 22 83.700عيار 21 79.900