11:44 مساءً / 31 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

فصائل اليسار والتبعية ، بقلم : باسم برهوم

فصائل اليسار والتبعية ، بقلم : باسم برهوم

فصائل اليسار والتبعية ، بقلم : باسم برهوم

يبدو للبعض أنه أمر محير أن فصائل منظمة التحرير، التي تقدم نفسها على أساس أنها يسارية ونهضوية اجتماعيا وثقافيا لا تعمل بشكل مستقل، إنما كانت في أحيان كثيرة، تابعة لمن يتناقض مع ادعاءاتها التقدمية والنهضوية، كما هو حالها اليوم فهي تابعة لجماعة الإخوان المسلمين وحلفهم الإقليمي، أو لولاية الفقيه الفارسية.

منبع الحيرة لهذا البعض أنه يعتقد أن مبرر، أو ما يميز هذه الفصائل اليسارية عن غيرها، هو برنامجها الاجتماعي والثقافي النهضوي، إلى جانب كونها جزءا من الحركة الوطنية الفلسطينية التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي.

بمعنى أنه من المفترض أن يكون لهذا البرنامج أولوية في عملها لا تقل عن أولوية مقاومة الاحتلال، وأن العمل على نهضة المجتمع ومقاومة الاحتلال بالضرورة أن يسيرا جنبا إلى جنب (تحرير الأرض والإنسان)، وربما الحاجة لتحرير الإنسان والنهوض به هي أهم، لأن ذلك هو المدخل الصحيح لمقاومة الاحتلال والفكر الصهيوني العنصري.

من حق البعض أن يحتار بهذا اليسار الذي يقبل لنفسه أن يكون تابعا لنقيضه الفكري والاجتماعي والثقافي، حتى لو بحجة أولوية المقاومة، بالرغم أن هذه الحجة قد سقطت تماما في اجتماع الفصائل الذي عقد مؤخرا في القاهرة. فهذا اليسار وافق على الاستسلام عمليا، والأخطر أنه ذهب مع حماس في مشروع الانفصال في قطاع غزة، وتماشى مع مشاريع دولة الاحتلال الإسرائيلي في فصل القطاع. فعن أي مقاومة يتحدثون هنا؟

هذه الفصائل تنازلت عن برامجها الاجتماعية النهضوية بحجة أن الأولوية لمقاومة الاحتلال. وها هي تتنازل عن المقاومة بأبخس الأثمان، وتفضل التبعية لجماعة الإخوان على البرامج والمقاومة. فالسؤال: لماذا هذه التبعية للجماعة، والعمل تحت عباءتها؟

عندما نجيب عن هذا السؤال بالشكل الصحيح يبطل العجب كما يقال، وتبطل الحيرة.

الجواب يمكن تلخيصه بهذه الطريقة.. ابحث عن الممول، الجهة التي تمول هذه الفصائل. قبل أشهر، أو عام من الآن، كان الممول هو الولي الفقيه في طهران، وكانت أحاديثهم عن محور المقاومة، هذا الحديث بدأ يتراجع، واليوم على ما يبدو أن الممول هو ذات الطرف الذي يمول جماعة الإخوان، بالرغم أن هذه الجماعة لديها من المال الكثير الكثير لتمول نفسها وغيرها، وهو مال جمعته الجماعة بحجة معاناة غزة.

في مرحلة السبعينيات من القرن العشرين، كان بعض هذه الفصائل يعمل تحت عباءة النظامين السوري والليبي وبعضها تحت عباءة النظام العراقي، ليس لأنها مقتنعة بهذه الأنظمة وسياساتها، بل لأنها تمولها. بالمقابل كانت الأنظمة تستخدم هذه الفصائل ضد فتح ومن أجل شق وحدة منظمة التحرير الفلسطينية، والهدف هو الإمساك والسيطرة على القرار الوطني المستقل المتعلق بالقضية الفلسطينية.

هم، المقصود الأنظمة، مولوا الفصائل لتصبح حصان طروادة داخل المنظمة ونجحوا أحيانا في ذلك.

واليوم ما الذي اختلف مع هذه الفصائل؟ لا شيء سوى أنها تقوم بالدور ذاته ولكن مع ممول مختلف. وما يقومون به اليوم من دور هو ربما أخطر بكثير مما قاموا به في السابق .

في السابق كان الهدف شق المنظمة والسيطرة على قرارها الوطني المستقل، أما اليوم فهم يغامرون بفصل القطاع عن الضفة، بمعنى يغامرون بهدف الدولة الفلسطينية المستقلة.

والسؤال الأكثر عملية هنا: هل من فائدة ترجى من محاورة هؤلاء من أجل رص صفوف المنظمة والشعب الفلسطيني؟

في الماضي كان جورح حبش ونايف حواتمة، في اللحظات التاريخية الصعبة كانا يعودان إلى حضن الشرعية الوطنية الفلسطينية، كانا يغلبان المصلحة الوطنية حتى لو خسرا التمويل. كانا يغردان خارج السرب، لكنهما وعندما يشعران بوجود خطر جدي يهدد القضية الفلسطينية، كانا يعودان للسرب الوطني.

إذا كنا نعترف أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، فما الذي يؤخر اليساريين من العودة للعمل في إطارها. مع العلم أن تسليم المنظمة وتسليم القضية الفلسطينية لجماعة الإخوان هو أمر لا يمكن القبول به بتاتا. إن أي وطني فلسطيني حقيقي ومخلص يرفض ذلك بالتأكيد. بالرغم أن أبواب المنظمة مفتوحة لحماس أيضا ولكن وفق التزامات وهوية المنظمة.

وما يمكن أن يقال هنا أن يد منظمة التحرير ممدودة للجميع، بل من مسؤوليتها أن تمد يدها للجميع ولكن ليس على حساب هويتها الوطنية.

شاهد أيضاً

الاتحاد الفلسطيني لكمال الأجسام واللياقة البدنية ينظم بطولته المركزية في بيت لحم

الاتحاد الفلسطيني لكمال الأجسام واللياقة البدنية ينظم بطولته المركزية في بيت لحم

شفا – نظم الاتحاد الفلسطيني لكمال الأجسام واللياقة البدنية، اليوم الجمعة، بطولته المركزية السنوية، في …