9:56 مساءً / 28 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

أشباه الموصلات الصينية تحقق قفزات نحو الاكتفاء الذاتي ، بقلم : وانغ مو يي

أشباه الموصلات الصينية تحقق قفزات نحو الاكتفاء الذاتي ، بقلم : وانغ مو يي

في قلب المعركة التقنية العالمية، ترسخت كلمة “اختراق” في مواقع الصدارة خصوصًا حينما نقرأ أن الصين بدأت فعليًا في “كسر الحصار” الغربي داخل قطاع أشبه ما يكون بحلبة مصارعة استراتيجية: قطاع أشباه الموصلات.

ففي الآونة الأخيرة، أطلقت الشركة التكنولوجية الصينية “سين كاي لاي” (SiCarrier) التي تُعدّ بمثابة “Deep seek” في حقل أشباه الموصلات، عدّة إنجازات مهمة في إطار معرض “ويسيمي باي” لمنظومة صناعة أشباه الموصلات 2025–منها مرسمة الذبذبات فائق السرعة بقدرة 90 جيجا هرتز، محطماً بذلك الحظر الذي تفرضه اتفاقية “فاسينار” (Wassenaar) الغربية على تصدير أجهزة مرسمة الذبذبات الفائقة السرعة التي تتجاوز نطاق 60 جيجا هرتز إلى الصين. وكذلك كشفت الشركة عن برمجيتين من تصميم صيني محلي كامل لأتمتة التصميم الإلكتروني (EDA)، ما سّد الفجوة التكنولوجية في برامج التصميم الإلكتروني الصناعية عالية الجودة محلية الصنع.

ولا تمثل هذه الإنجازات مجرد تقدم كبير للصين في مجالات المعدات والأدوات الأساسية لأشباه الموصلات فحسب، بل تُبرز أيضاً تصميم الصين وقدرتها على الابتكار الذاتي وكسر الحصار الخارجي في خضم المنافسة التكنولوجية العالمية.

وتُعد أشباه الموصلات والرقائق “غذاء” الصناعة الحديثة وساحة التنافس المركزي بين القوى التكنولوجية العظمى. في السنوات الأخيرة، سعت الولايات المتحدة وحلفاؤها عبر سلسلة من السياسات والإجراءات إلى كبح تطور صناعة أشباه الموصلات والرقائق الصينية. على سبيل المثال، قامت الولايات المتحدة مراراً بتشديد قيود التصدير على الرقائق إلى الصين، وحظرت بشكل كامل تصدير الرقائق عالية الأداء المخصصة للذكاء الاصطناعي المتقدم ومراكز البيانات، مثل رقائق إنفيديا (NVIDIA) A100 و H100. كما توسعت هذه الإجراءات من العقوبات الأولية على شركات التكنولوجيا مثل هواوي وسميكوندكتور (SMIC)، لتشمل آلاف الشركات والمؤسسات البحثية التكنولوجية الصينية الرائدة وحتى الجامعات في “قائمة الكيانات”، إضافة إلى الحد من تصدير آلات التصوير الضوئي المتقدمة من الشركة الهولندية ASML إلى الصين، وتشكيل “تحالف الرقائق” مع اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها في محاولة لاستبعاد الصين من سلسلة التوريد العالمية.

وتهدف هذه الإجراءات إلى إبطاء وتيرة تقدم صناعة أشباه الموصلات الصينية من خلال قطع الإمدادات التكنولوجية وتقييد استيراد المعدات وعرقلة تبادل الكفاءات، في محاولة لـ”خنق” تطور الصين. لكن النتائج جاءت عكسية، حيث تُظهر البيانات أنه في عام 2024، بلغت قيمة صادرات الصين من الدوائر المتكاملة 159.55 مليار دولار أمريكي، مسجلة نمواً بنسبة 17.4% على أساس سنوي، محققة مستوى قياسياً جديداً. كما بلغ حجم الصادرات 298.13 مليار وحدة، بنمو سنوي قدره 11.7%. وأشار تحليل إلى أن هذا يعكس تزايد نفوذ الصين تدريجياً في صناعة أشباه الموصلات العالمية.

وشهد معرض “ويسيمي باي” لهذا العام العديد من الإنجازات الصينية في مجال أشباه الموصلات والرقائق. وتعد مرسمة الذبذبات فائق السرعة بقدرة 90 جيجا هرتز الذي أطلقته شركة “سين كاي لاي” معدات أساسية في مرحلة اختبار الرقائق والتحقق منها، حيث يرتبط هذا الجهاز بشكل مباشر بقدرة البحث والتطوير للرقائق ذات التقنيات المتقدمة – إذ تعتمد اختبارات الواجهات فائقة السرعة للرقائق الذكية ذات تقنية 7 نانومتر فما دون، على أجهزة مرسمة الذبذبات ذات نطاق ترددي يتراوح بين 60 جيجا هرتز و 90 جيجا هرتز أو أكثر. يمثل التطوير الناجح لمرسمة الذبذبات المحلية بقدرة 90 جيجا هرتز امتلاك الصين القدرة على توفير ضمانات الاختبار للرقائق ذات التقنيات الأكثر تقدماً، وذلك حطم بشكل فعلي الاحتكار التكنولوجي للدول الغربية في مجال أدوات القياس الإلكترونية عالية الجودة، والذي كان سابقاً تهيمن عليه الشركات الأمريكية.

بالتوازي مع ذلك، أطلقت شركة “سين كاي لاي” برنامجين لأتمتة التصميم الإلكتروني (EDA) يتمتعان بحقوق ملكية فكرية مستقلة بالكامل، وهما برنامج تصميم المخططات الإلكترونية (Schematic Design) وبرنامج تصميم لوحات الدوائر المطبوعة (PCB Design)، ويعد الـ EDA “فرشاة الرسم” لتصميم الرقائق، ولفترة طويلة، هيمنت ثلاث شركات غربية – سينوبسيس (Synopsys) وكادنس (Cadence) وسيمنز (Siemens EDA) – على سوق الـ EDA العالمي، حيث تتجاوز حصتها السوقية في الصين 70%. ويعني برنامج الـ EDA صيني الملكية الفكرية إمكانية الاستبدال الشامل للبرامج الأجنبية في المستقبل، وإمكانية التوافق مع سلسلة من المنصات المحلية مثل أنظمة التشغيل وقواعد البيانات الصينية.

من تصميم الرقائق إلى اختبارها، يتم إزالة العقبات التي تعترض طريق البحث والتطوير للرقائق الصينية عالية الجودة، حيث تضيق الصين الفجوة مع المستويات الدولية الرائدة تدريجياً في جميع مجالات التكنولوجيا الخاصة بأشباه الموصلات. ولا يقلل هذا فقط من مخاطر انقطاع الإمداد للأدوات الخارجية عبر سلسلة الصناعة بأكملها، بل يمكن أيضاً تعزيز كفاءة ومعدل نجاح تصميم الرقائق المحلية، وبالتالي تعزيز مرونة سلسلة صناعة أشباه الموصلات الصينية ككل، وذلك من خلال الخدمات المحلية التي تتميز بسرعة استجابة أكبر وعمليات التصنيع المحلية المستهدفة المحسنة.

ويمكن القول إن سياسات الحظر الأمريكية للرقائق الموجهة ضد الصين قد سرّعت عملية استبدال المنتجات المحلية في الصين. فقد ارتفعت نسبة معدات أشباه الموصلات الصينية من 15% في عام 2018 إلى 48% في عام 2025. وفي مجال تصميم الرقائق، حققت شركات مثل هاي سيليكون (HiSilicon) التابعة لهواوي وكمبرايز (Cambricon) مستويات متقدمة دولياً في بعض الأسواق المتخصصة. وفي مجال التصنيع، قامت سميكوندكتور (SMIC) بتطوير تقنيات 14 نانومتر و 7 نانومتر تدريجياً. كما تفوقت رقاقة هواوي أسيند Ascend 910B على رقاقة إنفيديا NVIDIA A100 في كفاءة تدريب الذكاء الاصطناعي، ونجحت شاومي (Xiaomi) في تطوير رقاقة 3 نانومتر “شوان جيه O1” ذاتياً، ويسعى نظام تشغيل هارموني (HarmonyOS) التابع لهواوي جاهداً لبناء نظام بيئي مستقل عن ويندوز (Windows) و ماك أو إس (macOS).

وحفزت استراتيجية “الحصار” الغربية الاستثمارات والإنجازات الصينية في مجال أشباه الموصلات، وسرعت وتيرة الابتكار الذاتي الصيني. ومن “مخطط تطوير النهوض بصناعة الدوائر المتكاملة” لعام 2014 إلى السياسات الخاصة بأشباه الموصلات في الخطة الخمسية الرابعة عشرة، عجلت الصين بمعالجة التقنيات الأساسية من خلال إجراءات متعددة مثل الصناديق الوطنية والحوافز الضريبية والتعاون بين الشركات والجامعات ومراكز البحث. وفي الوقت نفسه، تواصل الشركات الصينية الاستكشاف في إطار المنافسة السوقية، مشكلة تدريجياً سلسلة صناعة كاملة تمتد من التصميم إلى التصنيع والتغليف والاختبار. وفي المستقبل، ستواصل الصين زيادة استثماراتها والمشاركة في المنافسة الدولية من خلال الابتكار التكنولوجي.

شاهد أيضاً

نائب الرئيس حسين الشيخ يلتقي مع وفد مؤسسة فريدريش إيبرت الالمانية

نائب الرئيس حسين الشيخ يلتقي مع وفد مؤسسة فريدريش إيبرت الالمانية

شفا – التقى نائب رئيس دولة فلسطين السيد حسين الشيخ بالسيد مارتن شولتز رئيس مؤسسة …