10:46 مساءً / 28 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

الخطة الخمسية الخامسة عشرة : طريق الصين إلى اليقين وسط عالم غير مستقر ، بقلم : تيان جيانينغ

الخطة الخمسية الخامسة عشرة : طريق الصين إلى اليقين وسط عالم غير مستقر ، بقلم : تيان جيانينغ

الخطة الخمسية الخامسة عشرة : طريق الصين إلى اليقين وسط عالم غير مستقر ، بقلم : تيان جيانينغ

في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي الراهنة، تُعِدّ الصين خطة استراتيجية بالغة الأهمية للسنوات الخمس المقبلة.


وتشير “مقترحات اللجنة المركزية للحزب بشأن صياغة الخطة الخمسية الـ15 للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، المُعتمدة في الدورة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني في 23 أكتوبر، بوضوح إلى أن فترة الخطة الخمسية الخامسة عشرة ستكون مرحلة حاسمة لتأكيد الأساس وإطلاق العنان للقوة على نحو شامل في سبيل تحقيق العصرنة الاشتراكية من حيث الأساس. بمعنى آخر، ستكون هذه السنوات الخمس الفترة التي “يتشكل خلالها التحديث الصيني النمط وتبلوره”.


وقرّرت هذه الدورة الكاملة أن بيئة التنمية في الصين ستصبح أكثر تعقيدا وتقلبا خلال فترة الخطة الخمسية الخامسة عشرة، حيث تتزامن الفرص الاستراتيجية مع المخاطر والتحديات، وتزداد فيها عوامل عدم اليقين المتعذر توقعها.
وهنا يبرز السؤال: من أين تستمد الصين يقينها في هذه السنوات الخمس الحاسمة؟


الإجابة الأول: إعادة بناء “الأساس المتين” للاقتصاد الحقيقي


وضعت الدورة الكاملة الرابعة “بناء منظومة الصناعات الحديثة، وتوطيد وتقوية أساس الاقتصاد الحقيقي” على رأس أولوياتها الاستراتيجية – وهي إشارة مهمة. وأشار تشنغ شان جيه، رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، إلى أن “اقتصاد الصين بدأ بالاقتصاد الحقيقي وسيستمر في الاعتماد عليه في المستقبل”.


ويكمن مفتاح هذا التحول في أربع كلمات رئيسية هي تعزيز الأساس والارتقاء به، والابتكار والإبداع، وتوسيع القدرات وتحسين الجودة، وترسيخ الأساس وزيادة الكفاءة.


والمقصود بـ “ترسيخ الأساس والارتقاء به” هو تحسين الصناعات التقليدية وتطويرها مع الحفاظ على أساس النظام الصناعي التقليدي. في قطاع التصنيع الصيني، لا تزال الصناعات التقليدية مثل الكيماويات والآلات وبناء السفن تمثل 80% من القيمة المضافة. ومن خلال تدابير مثل تطوير تجمعات التصنيع المتقدمة، ستشهد الصناعات التقليدية تحسينا نوعيا ونموا كميا معقولا. وتشير التقديرات الأولية إلى أن مساحة السوق ستزداد بنحو 10 تريليونات يوان صيني خلال السنوات الخمس المقبلة، مما يُطلق زخما تنمويا هائلا ويعود بالنفع على سبل عيش الشعب.


“الابتكار والإبداع” يعني تنمية وتعزيز الصناعات الناشئة والمستقبلية. الطاقة الجديدة، المواد الجديدة، الفضاء، اقتصاد الارتفاعات المنخفضة، تكنولوجيا الكم، التصنيع الحيوي، طاقة الهيدروجين، طاقة الاندماج النووي، واجهات الدماغ والحاسوب… تُقدّر اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح أنه خلال العقد المقبل، سيُعادل الحجم الإضافي لهذه الصناعات “إعادة إنشاء صناعة صينية أخرى عالية التقنية”، مما يُضخّ طاقة دافعة متجددة في الاقتصاد الشامل والتنمية عالية الجودة في الصين.


الإجابة الثانية: قيادة التحول النوعي من خلال “القوى المنتجة الجديدة النوعية”


إذا كان الاقتصاد الحقيقي هو “الهيكل” لعملية التحديث في الصين، فإن الاعتماد على الذات علميا وتكنولوجيا هو “شريانها”. فقد أكدت الدورة الكاملة على ضرورة “الإسراع في تحقيق المستوى العالي من الاعتماد على النفس وتقوية الذات في مجال العلوم والتكنولوجيا وريادة تطوير القوى المنتجة الجديدة النوعية”. من التعليم والبحث العلمي إلى أنظمة الابتكار المؤسسي، تسعى الصين جاهدة لتحويل الاكتشافات العلمية إلى قدرات صناعية بشكل أسرع.


على الصعيد الدولي، يخضع هذا التوجه أيضا لإعادة تقييم. إذ تنظر المزيد من الشركات متعددة الجنسيات إلى البحث والتطوير الصيني كجزء من سلسلة الابتكار العالمية، وليس مجرد سوق أو قاعدة إنتاج. وقد تجاوز عدد مراكز البحث والتطوير الممولة من الخارج في شنغهاي 600 مركز، وتضاعف عدد مراكز البحث والتطوير في بكين مقارنة بالعام الماضي. ويتحول سوق الصين الواسع إلى منصة عالمية لتطبيق الابتكار، ومحرك لخفض التكاليف العالمية في مجالات مثل الاقتصاد الرقمي والطاقة الخضراء.


الإجابة الثالث: توسيع الطلب المحلي والانفتاح كالدورة المزدوجة


لكي ينمو الاقتصاد الحقيقي، لا يمكن الاستغناء عن دعم السوق.


وتدعو الخطة الخمسية الخامسة عشرة إلى “بناء سوق محلية قوية”، وتوليد طلب محلي مستدام من خلال توسيع استهلاك الخدمات، وتسريع التجديد الحضري، وتحسين الخدمات العامة في المناطق الحضرية والريفية. وبأخذ التجديد الحضري كمثال، تخطط الصين لتجديد أكثر من 700 ألف كيلومتر من خطوط الأنابيب تحت الأرض على مدى السنوات الخمس المقبلة، مما يتطلب استثمارات جديدة تتجاوز 5 تريليونات يوان صيني. وقد أطلق قطاع الخدمات مبادرات لتوسيع القدرات وتحسين الجودة، مما يعزز التكامل العميق بين التصنيع عالي الجودة والخدمات اللوجستية والمعلوماتية الحديثة.


وفي الوقت نفسه، لم تتباطأ وتيرة الانفتاح في الصين. وصرح وزير التجارة الصيني وانغ ون تاو بأن الصين ستواصل تعزيز التطوير المنسق لأنظمة التجارة الرئيسية الثلاثة للسلع والخدمات والتقنيات الرقمية، وتوسيع الواردات لتلبية احتياجات التطوير الصناعي والاستهلاكي المحلي.


هل تستطيع الصين تحقيق هذا اليقين في السنوات الخمس المقبلة؟


ينبع عدم اليقين بشأن المستقبل من إمكانية استمرار الاختراقات التكنولوجية، وفعالية إعادة هيكلة الاقتصاد، وتوازن التنمية الإقليمية.


ولكن المؤكد نسبيا هو أن الصين تتخذ إجراءات منهجية للتخفيف من حدة هذه الشكوك، وذلك يشمل مواصلة تعميق الإصلاحات وتحسين السوق الموحدة؛ وتشجيع التوسع الحضري الجديد لدفع دورات الاستثمار والاستهلاك؛ وتسريع نشر الطاقة الخضراء لبناء نظام طاقة نظيف وآمن؛ وتعزيز الأمن الوطني وقدرات أمن سلاسل التوريد.


وفي ظل التقلبات العالمية، يُعد اليقين بحد ذاته موردا نادرا. ويعتمد نجاح الصين في أن تصبح موردا لهذا المورد النادر بشكل حاسم على إمكانية تنفيذ هذه الخطط فعليا خلال السنوات الخمس المقبلة وهو ما ستعمل عليه الصين.

(ملاحظة) اقرأ مزيداً من الأخبار حول الصين … إضغط هنا للمتابعة والقراءة

شاهد أيضاً

نائب الرئيس حسين الشيخ يلتقي مع وفد مؤسسة فريدريش إيبرت الالمانية

نائب الرئيس حسين الشيخ يلتقي مع وفد مؤسسة فريدريش إيبرت الالمانية

شفا – التقى نائب رئيس دولة فلسطين السيد حسين الشيخ بالسيد مارتن شولتز رئيس مؤسسة …