6:45 مساءً / 12 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

شكرا – عيران – ، بقم : بديعة النعيمي

شكرا – عيران – ، بقم : بديعة النعيمي

كشفت منظمة “عيران” قبل أيام في خبر نقلته القناة العبرية”١٣” عن عدد مكالمات الاستغاثة التي تلقتها المنظمة منذ السابع من أكتوبر/٢٠٢٣ ، حيث تجاوزت ال ٦٣٧ ألف اتصال استغاثة تم توثيقه فقط خلال عام واحد، وأشارت أن مكالمات مثل هذا النوع في ارتفاع غير مسبوق يعكس مدى التدهور في البنية النفسية والاجتماعية داخل المجتمع الصهيوني، بسبب الحرب.

كنا نقلت القناة بيانات عن نفس المنظمة عن زيادة بمقدار ٢,٥ ضعف في شعور الوحدة بين الجمهور،وهو مؤشر دقيق على تفكك داخلي آخذ بالتصاعد في دولة طالما تفاخر قادتها بصلابة الجبهة الداخلية. لكن هذا الانكشاف النفسي الجماعي هو نتاج السياق السياسي الذي قاد إلى هذا الانهيار. فالحرب التي اندلعت على خلفية أزمة سياسية داخلية غير مسبوقة، عمقتها حكومة يمينية متطرفة، أنتجت حالة من فقدان الثقة بالقيادة، وزعزعت الركائز التقليدية للأمان الشخصي والجماعي لدى جمهور الشتات.

والأخطر من الأرقام هو ما كشفته نوعية المكالمات التي وردت للمنظمة، فقد كان نصفها تقريبا بحسب الخبر، يتناول القلق، الصدمة، والفقدان، وهو رقم قياسي منذ تأسيس المنظمة. ما يشير إلى انهيار مفهوم “الدولة الحامية”، وهو من المبادئ المؤسسة للصهيونية السياسية. في اللحظة التي يجد فيها المستوطن في دولة الاحتلال نفسه بلا أمان لا في الملاجئ ولا في الحلبة السياسية ولا حتى في نسيج المجتمع، تبدأ عملية تقويض خطيرة للهوية الجمعية. ولو أن عملية السابع من أكتوبر لم تفعل غير هذا، لكفى.

كما صرح المدير العام لمنظمة “عيران” حتى في السنوات القادمة سيواصل المجتمع الإسرائيلي دفع ثمن نفسي باهظ”.


وبناء على ذلك فإن المعادلة باتت مرتبطة بقدرة النظام السياسي والاجتماعي على الصمود أمام نتائج قراراته. والقرار السياسي في دولة الاحتلال اليوم، المستند إلى ائتلاف هش ومتطرف، يراكم الخوف لدى جمهوره وفقدان الأمان، وهذا طبيعي بالنسبة لشعوب جاءت من أقاصي الأرض وأصبحت أسيادا وملاكا في أرض لا يملكون فيها شبرا واحدا. لذلك فأنا أقوم باستبدال كلمة مواطن بمستوطن لأن الأول من مكونات الدولة الشرعية فقط، ودولة الاحتلال التي قامت على حساب شعب أصيل هي دولة غير شرعية ولن تكون كذلك يوما.

أما هذا الانكشاف الجماعي الذي أفرزته عملية السابع من أكتوبر المباركة فهو يمتد ليطال ما تسمى ب “النخبة السياسية” نفسها، والتي باتت تواجه أزمة شرعية حقيقية في إدارة شؤون الدولة الدخيلة وقت الأزمات. فحين تتحول الجمعيات غير الحكومية إلى خط الدفاع الأول عن صحة المستوطنين النفسية، فإن ذلك يفضح غياب استراتيجية حقيقية لإدارة المجتمع في أوقات الحرب.

والمجتمع الصهيوني، الذي طالما تباهى بـ”جبهته الداخلية الموحدة”، يواجه اليوم انقساما نفسيا قبل أن يكون سياسيا. فالأزمة التي تكشفها أرقام منظمة “عيران” ما هي في الحقيقة إلا نقطة تحول قد تعيد تشكيل طبيعة العلاقة بين المستوطن ودولته التي كان يتبجح بها. إنها أزمة ثقة شاملة، يتصاعد فيها ما يسمى ب “الخطاب القومي” ويغيب فيه الأفق السياسي.

فالقلق والخوف والصدمة لم تنتج من فراغ أو من الصواريخ وغيرها ولكنها نتجت عن شعور عميق بأن الدولة لم تعد قادرة على حمايتهم، أو أسوأ من ذلك هي لم تعد راغبة بذلك في ظل انشغالها بإعادة تشكيل نفسها على أسس أيديولوجية متطرفة.

إن المعركة داخل دولة الاحتلال اليوم وبعد السابع من أكتوبر تحديدا، باتت في جوهرها معركة تسعى للحفاظ على تماسك مجتمع الشتات، واستعادة الثقة المفقودة بين المستوطنين ومؤسساتهم.


فشكرا “عيران” على الأرقام والبيانات التي إن دلت على شيء فإنما تدل على اقتراب زوال هذا الكيان الذي ظن يوم قيامه بأنه أسس لدولة راسخة غير قابلة للانهيار…

شاهد أيضاً

الاتحادات الشعبية لمنظمة التحرير في جنوب السويد تلتقي الحزب الشيوعي السويدي لبحث الانتخابات السويدية المقبلة والأوضاع في فلسطين

الاتحادات الشعبية لمنظمة التحرير في جنوب السويد تلتقي الحزب الشيوعي السويدي لبحث الانتخابات السويدية المقبلة والأوضاع في فلسطين

شفا – التقت الاتحادات الشعبية لمنظمة التحرير الفلسطينية في جنوب السويد بقيادة الحزب الشيوعي السويدي، …