8:52 مساءً / 6 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

غزّة… الأرضُ التي لا تموت ، صرخةٌ في وجهِ الخيانة وصمتِ العالم ، لوحة الفنان محمد الدغليس ، بقلم : د. وليد العريض

غزّة… الأرضُ التي لا تموت ، صرخةٌ في وجهِ الخيانة وصمتِ العالم ، لوحة الفنان محمد الدغليس ، بقلم : د. وليد العريض

غزّة… الأرضُ التي لا تموت ، صرخةٌ في وجهِ الخيانة وصمتِ العالم ، لوحة الفنان محمد الدغليس ، بقلم: د. وليد العريض

من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق ومن الجنوب إلى القلب… تتنقّل المأساة كأنها صلاةٌ لا تنقطع.


تتشابكُ الخطى وتختلطُ الأصوات وتتعالى الأرواح نحو بارئها في صمتٍ نبيلٍ لا يسمعه إلا الله.
وحين تسأل الروحُ ذاتها: إلى أين؟
تأتي الإجابة من وجع الأرض:
إلى حيث لا خيانةَ، ولا حيادَ، ولا وجوهَ متوضئةٍ بالنفاق.

غزّة… جرحُ الأرض الذي يفضحُ صمتَ الكواكب
على امتداد البحر والرمل والرماد، يمشي الناس حفاةَ الكرامة،
يحملون على أكتافهم بيوتاً مهدّمةً وذاكرةً لا تنطفئ.
كلّ طفلٍ شهيدٌ مؤجَّلة وكلّ أمٍّ صبرٌ يمشي على قدمين.
وحين تشتعلُ السماء قنابلَ وبراكين، تبتسم غزّة وتقول للعالم:
أنتم تموتون بالذلّ، ونحن نحيا بالعزّ.
غزّة ليست مدينةً صغيرةً على خريطةٍ نائمة،
إنها نبضُ العروبة الأخير،
وحين تصرخ، يُفترض أن تصحو القلوب، لا أن تُرفع الأيدي تبرّعاً للقاتل.
إلى كلّ من خانها أو ساوم على دمها
تبا لكلّ من صمتَ والدماءُ على الشاشات.
ولعناتُ التاريخ على من استبدلَ الموقفَ بالمنصب
والكرامةَ بالمكافأة
والأخوّةَ ببيانٍ سياسيٍّ باردٍ في قاعةٍ مكيفة.
أيُّ عقلٍ يبرّرُ قتلَ الطفولة؟
أيُّ ضميرٍ يرى المدينة تُباد ثم يقول “نأسف للظروف”؟
من يسخر من غزّة يسخر من وجه أمّه
ومن يساوم على صمودها يبيع آخر ما تبقّى له من إنسانيته.
أما الذين اصطفّوا في طوابير المذلّة ليرضوا القاتلَ،
فقد باعوا أنفسهم في سوقٍ لا يشتري فيه التاريخُ سوى الأوفياء.
لكنّ غزّة… لا تُهزم
لأنها لا تنتظر أحداً
ولا ترفع رأسها إلا إلى السماء.
تصنعُ خلاصَها من رمادها
وتكتبُ نشيدَها بأصابعٍ مقطوعةٍ لكنها مرفوعة.
حين تضيق الأرض، تُفتح السماء.
وحين تُطفأ الأنوار، يُضيء القلبُ طريقه بإيمانه.
غزّة تعرف أن النصرَ وعدُ الذين صدقوا
وأن التاريخ لا يرحم من تخلّى عنها،
ولا ينسى من وقف معها ولو بكلمةٍ صادقة.
وخاتمتي…
يا أبناء غزّة…
ابقَوا كما أنتم: صامدون كأشجار الزيتون،
عصِيّون على الانكسار كبحرِكم،
ساخرون من الموت لأنكم تعرفون أنكم الأحياءُ الوحيدون في هذا العالم الميت.
وإن سُئلت غزّة: إلى أين؟
فستجيب وهي ترفع رأسها من تحت الركام:
إلى الله… ومنه نعود
ومع كلّ شهيدٍ نكبر،
لأننا لا نُحصي خسائرنا بالدم،
بل نحسبها بالكرامة.

وبوحي…
حين أرسمُ غزة في خيالي، لا أراها مدينةً جريحة، بل معبدًا من نورٍ في قلب الظلام.
أراها امرأةً تقف في وجه العالم تحجبُ الحياء عن السماء بدموعها وتُعلّم الأنبياء معنى الصبر.
فيها يولدُ الشهداء كما تولدُ القصائد ويُغسَل الخوف في بحرها كما تُغسل الخطيئة في المطر.

غزّة ليست امتحانًا للألم، بل امتحانٌ للإنسانية
وما زلتُ أؤمن أن الله، حين يختبر الأرض، يضع ميزانَ عدله في كفّها.
فمن أحبّها، نجا.
ومن خذلها، سقط من عينِ التاريخ قبل أن يسقط من عين الله.


  • – د. وليد العريض – مؤرخ أديب شاعر وكاتب صحفي

شاهد أيضاً

الرئيس محمود عباس يمنح اللواء صبحي أبو عرب ميدالية الخدمة الممتازة من الطبقة الذهبية

الرئيس محمود عباس يمنح اللواء صبحي أبو عرب ميدالية الخدمة الممتازة من الطبقة الذهبية

شفا – منح سيادة رئيس دولة فلسطين محمود عباس “ابو مازن” اليوم الاثنين، قائد قوات …