2:46 مساءً / 4 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

خطة ترامب: قبول عربي… وتجاوب حمساوي محتشم ، بقلم : علاء كنعان

خطة ترامب: قبول عربي… وتجاوب حمساوي محتشم ، بقلم : علاء كنعان

منذ أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطته لوقف إطلاق النار في غزة، بدا وكأنه يبيع للعالم “صفقة سياسية ” على مقاسه، فالرجل يؤمن أن كل شيء يمكن ترتيبه بعقلية رجل الأعمال أكثر مما يتقنها كصانع سلام.

لكن المفاجأة لم تكن في نصوص الخطة المعلنة، بل فيما تكشفه سطورها الخفية من موافقة عربية ودولية، توحي وكأن المسرح كان مهيأ مسبقاً، والصفقة ليست سوى إعلان رسمي لاتفاقات تمت تحت الطاولة.

فلسطين، رسميا، رحّبت بالصفقة واعتبرتها “جهودا صادقة و حثيثة لإنهاء الحرب “. وكأن ترامب تحول فجأة إلى وسيط نزيه، بينما يعرف الجميع أن الرجل لا يوزع شهادات مجانية. نتنياهو، في المقابل، لو سُئل عن أمنيته، لقال بلا تردد: ” ليت حماس ترفض الخطة”، فذلك يوفر له الغطاء الأميركي لمواصلة الحرب، وشرعنة المزيد من الدم.

تسلسل الأحداث قبل الإعلان يكشف الكثير: اتصال ثلاثي بين ترامب ونتنياهو وأمير قطر، تخلله اعتذار إسرائيلي عن قصف الدوحة، بدا وكأنه يفتح الطريق لترتيب تفاهمات تتجاوز غزة إلى أوسع من غزة. ثم جاءت الضغوط القطرية والتركية على حماس، والقبول ” الضمني ” من بعض العواصم العربية، لتقول إن الطريق لم يكن عشوائيا، بل مُعبدا بخيوط ضغط ومقايضات سياسية.

المفارقة أن بعض الدول العربية أعلنت التأييد، ثم عادت بعد نشر البنود العشرين لتتحدث عن “تلاعب” في النصوص وهو لا يلغي حقيقة أن القبول المبدئي قد تم، وأن المشهد رُسم بعنوان ” إنهاء الحرب ” مع تغييب جوهر القضية، وقد أعلنت قطر دعمها العلني في اتصال هاتفي مع ترامب. وهنا يظهر السؤال: هل نحن أمام مبادرة سلام، أم أمام توزيع أدوار لإخراج ” الصفقة” بمظهر المتوافق عليه عربيا وإسلاميا؟

أما حماس، التي فقدت معظم أوراقها في الحرب، فلم يبق بيدها سوى ورقة الرهائن. ورغم تحفظاتها على بعض البنود، فإن قراءة ردودها تشير إلى قبول مشروط في محاولة لحفظ ماء الوجه منه إلى موقف رافض من الجذر.

وإذ تواصل الحركة خطابها العلني المتمسك بالتعديلات وضرورة جدول زمني للتنفيذ، إلا أن نبرة قياداتها في الآونة الأخيرة بدت أقل حدّة وأكثر براغماتية، ما يفتح الباب أمام قراءة تقول إن حماس، وإن لم تُعلن ذلك صراحة، قد وضعت قدماً ” تحت الطاولة ” على طريق القبول، في انتظار اللحظة التي تعلن فيها عن موقفها النهائي.

جوهر الصفقة، كما يتضح من تفاصيلها، ليس وقف إطلاق النار بقدر ما هو وضع غزة تحت وصاية أميركية ـ عربية تحت مسمى “مجلس السلام”، مع تجاهل كامل لحقوق الفلسطينيين في الضفة والقدس. هي خطة تمنح نتنياهو براءة سياسية عن جرائم غزة، وتحوّل المأساة إلى تفاوض على تحسين شروط الحصار، لا على رفعه.

لكن رفض الصفقة، بالمقابل، ليس بلا ثمن؛ إنه يعني الإعدام السياسي، واستمرار الحرب على غزة بلا سقف و بغطاء أميركي مفتوح. وهنا يجد الفلسطينيون أنفسهم بين قبول صفقة استعمارية جديدة أو مواجهة حرب بلا نهاية.

إن ما قدمه ترامب ليس مشروع سلام، بل وقف القتل مع إدخال مساعدات لغزة، بينما يرى آخرون فيه مشروعاً استعمارياً جديداً لمصادرة ما تبقى من الحق الفلسطيني. ووسط هذا التفاؤل القلق والتشاؤم الواقعي، يبقى الشعب الفلسطيني متمسكاً بحقه في دولة مستقلة، رافضاً أن يُختزل مستقبله في بنود صفقة أو مكالمات هاتفية بين قادة يقررون مصيره من بعيد.

  • – علاء كنعان ــ صحافي وكاتب

شاهد أيضاً

محافظ نابلس غسان دغلس يشارك في تشييع جثمان شهيد الواجب الوطني الرائد لؤي جعفر

محافظ نابلس غسان دغلس يشارك في تشييع جثمان شهيد الواجب الوطني الرائد لؤي جعفر

شفا – شارك محافظ نابلس، غسان دغلس، اليوم السبت، في تشييع جثمان شهيد الواجب الوطني، …