3:05 مساءً / 17 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

مخيمات طولكرم والواقع المر ، بقلم : الشيخ د. أحمد يوسف ضميري

مخيمات طولكرم والواقع المر ، بقلم : الشيخ د. أحمد يوسف ضميري

مخيمات طولكرم والواقع المر ، بقلم : الشيخ د. أحمد يوسف ضميري

منذ 17/ 2/ 2025 بدأ الاحتلال الإسرائيلي بفرض نزوح قسري على أهالي مخيم طولكرم وإخراجهم من بيوتهم، وهذا ما فعله قبل ذلك في مخيم جنين، ثم أعاده في مخيم نور شمس لاحقاً، وبما أنني من طولكرم فسأرصد لكم الواقع المرير الذي يعانيه أهالي مخيمي طولكرم ونور شمس وقد أخرجوا جميعاً من بيوتهم، ولا يزالون حتى هذه اللحظة مبعدين عنها.


وعند الحديث عن معاناتهم، فهذا لا يعني أن مدينة طولكرم تعيش في رغد وهناء، فالمدينة أيضاً تعيش في معاناة، فالحصار عليها خانق، والحالة التجارية مزرية منذ عامين. وشارع نابلس الرئيسي – شريان المدينة – مازال معطلاً جزئياً وتحديداً الجزء المقابل لمخيم نور شمس، وكذلك شارع البلاونة الذي يفصل بين مخيم طولكرم وذنابة، فهو أيضاً معطل، ولا يستطع أحد المرور فيه إلا الحيوانات وجيش الاحتلال!


وهذه ليست شوارع بل مفاصل حيوية من المدينة، كانت تختصر المسافة وتوفر الوقت على المواطنين. ناهيك أيضاً عن معاناة البوابات والحواجز في مداخل المدينة.


لقد طالت هذه المعاناة الجميع: ابن المدينة وابن المخيم، لكن معاناة أهالي المخيمات في طولكرم تمثلت بواقع أكثر قسوة، وهو تهجيرهم من بيوتهم. وقد أدى هذا إلى ارتفاع أجار الشقق السكنية بسبب كثرة الطلب عليها، واستغلال بعض أصحاب الشقق لحاجة الناس. فالشقة التي كانت تؤجر بـــ 500 أو 900 أو 1000 شيقل، ارتفعت لتؤجر بــــ 1500 أو 2000 شيقل وأكثر. فلو كان الحد الأدنى للإيجار في طولكرم بـــــ 150 دولار أمريكي، أصبح اليوم نحو 450 دولار أمريكي.
ويأتي هذا الارتفاع في ظل خصومات على رواتب الموظفين العموميين بسبب أزمة المقاصة التي يقتطعها الكيان الصهيوني، إضافة إلى إغلاق المعابر إلى أرضينا المحتلة عام 1948 منذ السابع من أكتوبر 2023م، مما جعل دخول العمال مستحيلاً، وسكان المخيمات أغلبهم من العمال الذي يعملون في الداخل المحتل، وهذا يعني انقطاع مصدر رزقهم منذ أكثر من عام.


أما مدخراتهم فتتناقص يوماً بعد يوم، فمن استأجر اليوم، هل يستطيع أن يكمل السكن بالإيجار غداً، في ظل انقطاع فرص العمل، وضعف الحركة التجارية والاقتصادية بسبب حصار المدينة؟


وثمة فئة أخرى من سكان المخيمات لم تختر السكن بالإيجار، بل فضلت الإقامة لدى عائلتهم أو أصهارهم، وهذه الإقامة لاقت ترحيباً في البداية، لكنها اليوم تعتبر عبئاً على المضيف؛ بسبب النفقات المادية التي يتحملها المضيف في ظل الواقع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه المدينة، والمشاكل العائلية المعتادة التي قد تحصل بين النساء والأطفال داخل البيت الواحد، فتتطور إلى مشكلات بين العائلتين، وعلى سبيل المثال قال لي أحد ممن يسكنون في العزبة وقد استضاف أخيه ممن نزحوا من المخيم: “أنا صارلي ثلاث شهور مستحمل أخوي، يحل عني يروح عند دار ابنه”.


أما قسم آخر من النازحين من أهل المخيم الذين يمتلكون قطعة أرض اختاروا بناء زنكية (منزل من الزينكو)، أو جمع بعضاً من الخردة وجعلها بيتاً، أو بناء بيتٍ من البلوك دون قصره وبلاطته والسكن فيه.


مع العلم أن العيش بهذه الطريقة قاسٍ جداً، ولاسيما في البرد والمطر أو في شدة الحرارة، وفيه امتهان للحياة الكريمة في هذا العصر.


ويعيش آخرون من النازحين في غرف صفية خصصت لمدرسة ذنابة الأساسية، إلا أن المتبرعين بها قرروا إيواء بعض النازحين من أهالي المخيمات فيها؛ للتخفيف من معاناتهم، بدل النوم في العراء.


هذا الواقع لا يزال مستمراً، وما زاد الطين بلة، عمليات الهدم التي طالت مخيمي طولكرم ونور شمس، مما دفع النازحين لطرح سؤال مصيري: ما هو مصير من هدمت بيت؟ هل سيبقى يعيش في زنكية أو بالأجار أو في المدرسة؟


واقع مر مرير وأسئلة كثيرة مطروحة.. وصحيح أن محافظة طولكرم بذلت جهوداً في تخفيف معاناة النازحين من المخيمات، وكذلك البلدية في شحنها الكهرباء مجاناً بقيمة 100 شيكل في كل شهر للنازحين، ومديرية أوقاف طولكرم التي أسكنت بعضاً من النازحين في سكنات المساجد المخصصة للأمة دون أن تأخذ منهم أجراً، فضلاً عن جهود الجمعيات الخيرية وأهل الخير الذين قدموا التبرعات التي كانت منصبة في البداية بيد أنها أصبحت شحيحة في هذه الأيام.


لكن هذه الجهود، رغم أهميتها، ليست إلا مسكنات لألم حقيقي، والحقيقة هناك أسئلة كثيرة لابد الإجابة عنها، أو على الأقل التحضير لها، وأولاها: متى سيخرج جيش الاحتلال من مخمي طولكرم ونور شمس بعد أن اتخاذهما قاعدة عسكرية يمنع لأي أحد دخولها؟ وما هو الحل للنازحين، إن طال احتلال المخيمان؟ وهل سيعوض من هدمت بيته؟

شاهد أيضاً

سفير جمهورية جنوب أفريقيا لدى دولة فلسطين، شون بينيفيلدت

فارسين شاهين تبحث مع سفير جنوب أفريقيا ووزيرة خارجية فنلندا التطورات والمستجدات الراهنة

شفا – بحثت وزيرة الخارجية والمغتربين، فارسين شاهين، اليوم الأربعاء، مع سفير جمهورية جنوب أفريقيا …