
ما دمنا نقول: كل شيء بقضاء وقدر… فلنخض التجارب بلا خوف ، بقلم : رانية مرجية
“الإيمان بالقضاء والقدر لا يُقيدنا، بل يحررنا من الخوف… فما كتب لنا لن يخطئنا، وما لم يُكتب لن ندركه مهما حاولنا.”
كنتُ في أحد الأيام جالسة في حديقة منزلي، أنظر إلى السماء، والريح تعصف بي كما تعصف بالحياة كلها. راودني سؤال قديم: لماذا نخاف من المجهول ما دمنا نؤمن أن كل شيء مقدَّر؟ لماذا نرتجف قبل أن نطرق باب التجربة، مع أن الباب مكتوب أن يُفتح أو يُغلق منذ الأزل؟
تذكرت حين فقدت أعزّ الناس على قلبي. يومها شعرت أن الأرض انكسرت تحت قدمي، وأنني لن أقدر على مواصلة المسير. لكني واصلت. لم يكن ذلك شجاعة مني بقدر ما كان تسليماً بأن القدر سبقني، وأن دوري أن أعيش التجربة كما هي، بحزنها ووجعها، حتى تنضج روحي وتتعلم.
الإيمان بالقضاء والقدر ليس جداراً يسجننا خلفه، بل نافذة تُطل بنا على الحرية. من يؤمن أن كل شيء مكتوب، يملك شجاعة أن يعيش دون قيد. أن يخوض الحبّ ولو انكسر، أن يسافر ولو ضلّ الطريق، أن يغامر ولو خسر. لأن الخسارة نفسها قدر، والانكسار نفسه تجربة، والدمعة نفسها حكمة.
الحياة ليست طمأنينة دائمة، بل موجٌ متلاطم. من أراد النجاة من كل موجة لن يعرف أبداً طعم البحر. وحده من يركب البحر، ويواجه الموج، سيعرف كيف يصبح البحر صديقاً له لا عدواً.
ما دمنا نقول: “كل شيء بقضاء وقدر”، فلنخض التجارب كلها بلا خوف ولا تردد. لنترك الخوف وراءنا، فهو لن يُغيّر ما كُتب لنا. ولنُدرك أن الإنسان في النهاية ليس ما حاز أو ما ملك، بل ما جَرّب وما عاش وما صار عليه بعد كل تجربة.
الحياة قصيرة يا أحبتي، لكنها بالجرأة تصبح أوسع من السماء.