
شفا – تحذر الجبهة العربية الفلسطينية من خطورة ما يعد له الاحتلال الإسرائيلي للإجهاز على ما تبقى من مدينة غزة، بعد احتلاله فعليا لأكثر من 70 بالمئة من مساحتها، وحشر مئات الآلاف من أهلها ونازحي محافظات الشمال في رقعة ضيقة كما فعل مع سكان جنوب القطاع ووسطه الذي دفهم بالنزوح الى شريط ضيق بموازاة شاطئ البحر بينما يحتل ما يزيد عن 85 بالمئة من مساحة القطاع يديرها بسياسة التجويع والإبادة الممنهجة. وما يقدمه الاحتلال من ذر للرماد في العيون عبر السماح بمرور بضع شاحنات أو فتح مسرحية الإسقاط الجوي للمساعدات التي أثبت الجميع عدم جدواها، إنما يندرج في إطار سياسة “هندسة الجوع” التي يفرضها الاحتلال في محاولة لشراء صمتا دوليا اضافيا لمواصلة الابادة.
إنّ ما يجري في غزة منذ عامين من إبادة جماعية متواصلة يكشف العجز المريع للمجتمع الدولي، ويسقط كل الأقنعة عن القيم الأخلاقية والقانونية، ويعري ازدواجية المعايير في منظومة القانون الدولي. إن إدخال المساعدات عبر بضع شاحنات، أو اللهاث الدولي وراء مشهد الإسقاط الجوي، لا يعالج المأساة، بل يكرس خديعة إنسانية مكشوفة تضفي على الاحتلال غطاء زائفا وتخفي جريمة موصوفة يدركها كل ضمير حي.
لقد تحول الصمت الدولي والتواطؤ مع الاحتلال، عن قصد أو غير قصد، إلى مشاركة مباشرة في الجريمة. كل منظمة، كل دولة، كل مؤسسة دولية تعلم ما يجري وتصمت، تتحمل وزر الدم الفلسطيني، وتشارك في هذه الإبادة سواء بقرارها أو بامتناعها. إن هذه الحرب الممنهجة لم تعري فقط حقيقة الاحتلال، بل كشفت أيضاً سقوط المنظومة الدولية برمتها وانهيار أوهام القيم التي طالما تغنى بها العالم.
نقولها بوضوح: العالم بأسره مسؤول عن إبادة غزة. لن يشفع لكم التبرير ولا المواربة، ولن يمحى عار المشاركة أو الصمت من ذاكرة التاريخ. إن دماء أطفال غزة، وأنين نسائها، وصمود شعبها، ستبقى الشاهد الأكبر على سقوط الأخلاق الإنسانية في هذا العصر.
إننا في الجبهة العربية الفلسطينية نؤكد أن شعبنا سيواصل الصمود رغم كل هذه المذابح، وأنّ قضيتنا لن تنكسر ولن تدفن تحت الركام. ونحمل العالم بأسره – أفرادا، وحكومات، ومؤسسات – المسؤولية المباشرة عن هذه الجريمة المستمرة، ونقول إن التاريخ والإنسانية لن يغفرا لكم هذا التواطؤ، فدم شعبنا لا ولن يسقط بالتقادم.