2:03 صباحًا / 15 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

نتنياهو يخطط لإسرائيل الكبرى … وأهل غزة ينتظرون الخلاص ، بقلم : المهندس غسان جابر

نتنياهو يخطط لإسرائيل الكبرى … وأهل غزة ينتظرون الخلاص ، بقلم : المهندس غسان جابر

نتنياهو يخطط لإسرائيل الكبرى … وأهل غزة ينتظرون الخلاص ، بقلم : المهندس غسان جابر


في مخيمات غزة، حيث البيوت المهدمة تُستبدل بخيام، وحيث الأطفال ينامون على أصوات الطائرات، هناك جملة تتكرر همسًا:


“لن ينقذنا أحد… إلا المسيح حين ينزل”.


ليست هذه مجرد عبارة دينية، بل انعكاس لحقيقة مرة: أن كل الأبواب أُغلقت، وكل الوعود تحولت إلى غبار، وأن أهل غزة باتوا يشعرون أن النجاة لن تأتي إلا من معجزة سماوية بعدما خذلهم القريب قبل البعيد.


وفي الطرف الآخر، بنيامين نتنياهو يقف على منصة، يتحدث بثقة عن “مهمة تاريخية وروحية” لبناء إسرائيل الكبرى. في ذهنه، غزة ليست أكثر من مربع صغير في لوحة الشطرنج الكبرى، قطعة يريد إزاحتها أو إخضاعها، تمهيدًا لضم ما تبقى من الأرض الفلسطينية، وربما أبعد من ذلك.


أما حماس، فهي تقف في معادلة معقدة: بين كونها سلطة الأمر الواقع في غزة، وبين كونها هدفًا رئيسيًا لآلة الحرب الإسرائيلية. لكنها أيضًا — شاءت أم أبت — أصبحت جزءًا من انتظار الناس. انتظار ماذا؟ إنجاز سياسي يغير المعادلة، انتصار عسكري يفرض التراجع، أو حتى “المعجزة” التي يتحدثون عنها.


لكن الحقيقة القاسية أن التاريخ لا يكتب بالانتظار. نتنياهو يفهم أن الزمن هو أقوى سلاحه: كل يوم يمر بلا تحرك عربي أو إسلامي أو دولي حقيقي، هو يوم يكسب فيه أرضًا جديدة، ويفرض واقعًا أكثر صعوبة على تغييره لاحقًا.


غزة اليوم لا تحتاج فقط إلى إغاثة عاجلة، بل إلى قرار استراتيجي من العرب: إما أن يتحولوا من متفرجين إلى فاعلين، أو أن يتركوا المشهد كله ليُكتب بيد رجل يعتقد أن الله أرسله لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.


السياسة ليست انتظارًا للمسيح أو المهدي أو أي منقذ خارق. السياسة حركة، قرار، وموقف في الوقت المناسب. وإلا فإن الخريطة التي يرسمها نتنياهو ستصبح واقعًا، وستبقى غزة — ومعها فلسطين — على الهامش، تنتظر معجزة قد لا تأتي.


في النهاية، قد يكون انتظار نزول المسيح رمزًا للإيمان، لكنه في السياسة هو استسلام لخصم لا ينتظر أحدًا.
نتنياهو لا ينتظر معجزة، بل يصنعها بطريقته: بالدبابات، بالقوانين العنصرية، وبإعادة رسم الخرائط على حساب من يكتفون بالمشاهدة أو التضرع.


غزة اليوم ليست بحاجة إلى من يحصي جراحها، بل إلى من يغيّر المعادلة التي جعلتها سجينة الحصار والخذلان.
أما إذا استمر المشهد كما هو — حيث نتنياهو يخطط، والعرب يتناقشون، وحماس تحاصرها المعادلة، وأهل غزة ينتظرون المعجزة — فإن التاريخ سيسجل هذه الحقبة ليس كزمن المواجهة… بل كزمن الانتظار.


وعندها، قد تنزل المعجزة فعلًا، لكن لتجد أن الخريطة التي كانت تعرفها غزة قد اختفت من الوجود.

  • – م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.

شاهد أيضاً

الأمن الوطني يشارك في لقاء مع الدفاع المدني في بلدة الرام

الأمن الوطني يشارك في لقاء مع الدفاع المدني في بلدة الرام

شفا – شاركت قيادة منطقة القدس والضواحي، بالتعاون مع مديرية التوجيه السياسي والوطني للقدس، في …