
شفا – تدين الجبهة العربية الفلسطينية بأشد العبارات الجريمة البشعة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، باستهداف خيمة مخصصة للصحفيين قبالة مستشفى الشفاء في مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد الصحفيين أنس الشريف ومحمد قريقع، وإصابة عدد آخر من الصحفيين والمواطنين. إن هذه الجريمة ليست حادثاً منفصلاً، بل تأتي في سياق الإبادة المتواصلة التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة منذ أكثر من اثنان وعشرون شهراً، حيث يستهدف الاحتلال الإنسان والحجر والمقدرات، ويعمل على محو الحقيقة إلى جانب محو البشر.
إن استهداف الصحفيين في مناطق النزاع، وخاصة في قطاع غزة، يعد وفق القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن جريمة حرب صريحة، ويكشف عن استخفاف الاحتلال بكل المواثيق والمعاهدات التي تنص على حماية الصحفيين باعتبارهم شهوداً على الأحداث. إن الاحتلال يدرك أن عدسته المشوهة وأكاذيبه الإعلامية لن تصمد أمام الصورة الحقيقية التي ينقلها مراسلو الحقيقة من قلب المأساة، لذلك يسعى إلى إسكاتهم بالقوة المميتة، كجزء من الاستراتيجية الممنهجة التي ينتهجها الاحتلال لإخفاء جرائمه بحق أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين تحت القصف والمجاعة والدمار..
إننا في الجبهة العربية الفلسطينية نؤكد أن استهداف الصحفيين في غزة هو انتهاك صارخ لكل الأعراف والمواثيق الدولية، ويكشف أن الاحتلال لا يكتفي بقتل المدنيين وتدمير الأحياء السكنية والمستشفيات والمدارس، بل يلاحق أيضاً من يجرؤ على توثيق هذه الجرائم ونقلها إلى العالم. هذه سياسة تكميم الأفواه وإعدام الحقيقة، وهي وجه آخر من وجوه الإبادة الشاملة التي نشهدها يومياً.
وتطالب الجبهة المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية، والاتحاد الدولي للصحفيين، باتخاذ خطوات عملية وفورية لوقف هذه الجرائم، ومحاسبة قادة الاحتلال على استهداف الصحفيين، والعمل على توفير حماية دولية عاجلة للطواقم الإعلامية. فالصمت على هذه الجرائم يرقى إلى مستوى التواطؤ، ويمنح الاحتلال الضوء الأخضر لمواصلة حربه الشاملة على غزة أرضاً وشعباً وحقيقة.
إن دماء الصحفيين الشهداء ستبقى شاهداً على أن الحقيقة لا تموت بالقصف، وأن الكلمة والصورة أقوى من آلة الإبادة.