
الضفة الغربية ما بعد السابع من أكتوبر ، ما بين الإغلاقات والتوسع الاستيطاني ، بقلم : أحمد يوسف عمرو
مما لا شك فيه أن السابع من أكتوبر نقطة فاصله في تاريخ القضية الفلسطينية ، هناك تحول جذري على الصعيد العام في الضفة الغربية بعد ال7 من أكتوبر لقد شهدت مدن الضفة الغربية بعد السابع من أكتوبر تقيد للحركة وتقطيع الأوصال بين المدن الرئيسية وانتشار مئات البوابات الحديدية وأغلاق لمداخل المدن والقرى مما أدى إلى أعاقة حركة المواطنين في مدن الضفة الغربية من خلال هذه الإغلاقات والحواجز التي يضعها الاحتلال على الشوارع العامة مما يجبر المواطنين على الانتظار لساعات طويله من أجل المرور والتنقل بين المدن أضافة إلى ذلك استخدام مختلف أنواع التنكيل بالمواطنين والعنف ضدهم وسقوط عدد كبير من الشهداء على هذه الحواجز وبمجرد الشك بأي مواطن فلسطيني يطلق عليه الرصاص مباشره .
تهدف سياسة تقيد الحركة بين المدن إلى تفتيت التواصل الجغرافي كون التواصل الجغرافي مدعوماً بين مدن الضفة من خلال جملة من الأدوات التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي مثل المستوطنات ، وجدار الفصل العنصري ، والأبراج العسكرية ، والمكعبات الإسمنتية والبوابات الحديدية وكاميرات المراقبة أيضا كل ذلك يأتي من أجل تسهيل السيطرة على الضفة الغربية مما يساهم في تسهيل عملية الضم ..
لم يبدأ تقيد الحركه للمواطنين وانتشار الحواجز بين المدن الفلسطينية فقط بعد السابع من أكتوبر بل اتبعت هذه السياسة على مدار سنوات ماضيه من الانتفاضة الأولى في العام ١٩٨٧وحتى الثانية في العام ٢٠٠٠ الى يومنا هذا لا بلا تطورت هذه السياسة إلى داخل المدن والقرى أن هذه السياسة تم التأسيس لها منذ عقود طويله جداً بدءاً من مخطط يغال الون في عام ١٩٦٧ وخطة أريئيل شارون سنة ١٩٧٧ للاستيطان في الجبال لقد تحولت الضفة الغربية بعد السابع من أكتوبر إلى كنتونات متفرقة متقطعة الأوصال بسب الحواجز والإغلاقات بين مدن الضفة الغربية
هناك سيناريوا اسرائيلي دائماً ما كان يتم تداوله يتحدث عن الأمارات السبع أي تحويل مدن الضفة الغربية المركزية وأريافها إلى أمارات تحت حكم أقل من حكم ذاتي كمخطط لتفتيت قيام الدولة الفلسطينية وتقويضها ، خلال السنوات والأشهر الماضية تصاعدت التصريحات والخطط الإسرائيلية حول موضوع الضم الاسرائيلي وفرض السيادة على الضفة الغربية خصوصاً مع وجود حكومة يمينية متطرفة ، فقد صرح اليوم وزير المالية الإسرائيلي المتطرف سموتريتش في رسالة لنتنياهو يقول فيها أن فرض السيادة وإدارة الاستيطان جاهزة تماماً وعملياً للتنفيذ سيدي رئيس الوزراء شعب اسرائيل جاهز لفرض السيادة على الضفة ، فهذا الاعلان يشكل خطراً كبيراً على مستقبل إقامة دولة فلسطينية مستقلة ..
على مدار السنوات والأشهر الماضية يحاول الاحتلال الإسرائيلي تضيق الخناق على المواطنين في الضفة الغربية كل ذلك يأتي من أجل عدم توفير اي إمكانيات أو مقومات للحياة مما سيدفع الفلسطيني باعتقادهم إلى ترك أرضه والرحيل عنها أو الهجرة للخارج ، من أجل مصادرة الأرض وتحويلها لمستوطنات.
حيث تعتبر المستوطنات هي العامل الأكثر تأثيرًا على واقع الحياة في الضفة الغربية وإسقاطاتها على حقوق الإنسان الفلسطيني مدمّرة وتطال ما هو أبعد بكثير من مئات آلاف الدونمات التي سُلبت منهم لأجل إقامتها بما في ذلك المراعي والأراضي الزراعية كذلك صودرت ألاف الدونمات من أجل شقّ مئات الكيلومترات من الشوارع الالتفافية المخصّصة للمستوطنين والحواجز والوسائل الأخرى لتقييد حركة الفلسطينيين فقط ، أن سياسة الاحتلال الإسرائيلي في موضوع الاستيطان بعد السابع من أكتوبر يعتبر انتهاكاً لأحكام القانون الإنساني والدولي التي تحظر على دولة الاحتلال نقل مواطنين من مناطقها إلى المنطقة المحتلّة وإجراء تغييرات ذات طابع دائم فيها، إلاّ إذا أجريت تلك التغييرات لاحتياجات عسكريّة بمعناها الضيّق أو لخدمة السكّان المحلّيين.
إضافة إلى ذلك فإنّ وجود المستوطنات يسبّب انتهاك كثير من حقوق الإنسان الفلسطيني بما فيها حقّ الملكيّة والحقّ في المساواة والحقّ في مستوى معيشة لائق وحقّ حرّية الحركة والتنقّل. كما أنّ التغييرات الكبرى التي أجرتها إسرائيل في خريطة الضفة الغربية لا تدع فرصة أيًّا كانت لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة في إطار حقّ تقرير المصير .
أن سياسة الاحتلال الإسرائيلي المجحفة في الضفة الغربية والتي تم تنفيذها حتى الأن ليست بجديده خصوصاً أن هذه الأهداف المتعلقة بالسيطرة على الضفة الغربية والقدس قائمة منذ أكثر من نصف قرن اما الأمر الجديد والأكثر خطورة هو التسارع الغير مسبوق في هذه السياسات كأن اسرائيل وجدت في تركيز الأضواء السياسة والدبلوماسية على موضوع الحرب على غزة وأحداث سوريا ولبنان فرصة لتحقيق أهدافها بعيدة المدى في الضفة الغربية بوتيرة أسرع في ظل هذه الظروف .
ما تنفذه إسرائيل في الضفة الغربية من سياسة اغلاقات ، وهدم للبيوت ، ومصادرة للأراضي ، واعتقالات يومية بالعشرات لا بلا وصلت للمئات في بعض الأحيان ، وتدمير المخيمات الفلسطينية وتدميرها وتهجير سكانها ، ما هو إلى سياسة اسرائيلية هدفها الأول والأخير هو تفتيت مكونات هذا الشعب وتغير ملامحه من أجل منع إقامة دولة فلسطينية مستقله ، وهذه الانتهاكات لن تقلل من عزيمة أبناء هذا الشعب من أجل بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، فالطريق من اجل الحرية وبناء الدولة يحتاج إلى التضحية والصبر في وجه هذا الكيان الغاصب …