محافظ طولكرم اللواء عبد الله كميل يطلع وفدا دبلوماسيا على الأوضاع في المحافظة

شفا – أطلع محافظ طولكرم اللواء عبد الله كميل، وفدا دبلوماسيا ضم سفراء وقناصل وممثلي وسائل إعلام أجنبية ومحلية، على تطورات العدوان الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها الذي أسفر عن تدمير ما بين 2800 إلى 3000 وحدة سكنية في المخيمين، وتسبب في نزوح ما يقارب 24 ألف مواطن.

ونقل كميل خلال اللقاء الذي جرى في مقر المحافظة، تحيات الرئيس محمود عباس، واهتمام رئيس الوزراء محمد مصطفى ومتابعته، مؤكدا أن ما تشهده طولكرم من عدوان هو تجاوز لكل القوانين والأعراف الدولية.

وأوضح أن الاحتلال ارتكب سلسلة من الانتهاكات الجسيمة، من بينها: تدمير البنية التحتية، وإحراق المنازل، وسرقة مقتنيات المواطنين، قائلا: “الاحتلال يمارس نهج السرقة والنهب وكأنها سياسة ممنهجة”، مشيرا إلى أن الاحتلال أعاق محاولات توفير حلول إغاثية مثل البيوت المتنقلة، عبر التهديد المباشر.

وكشف كميل أن عدد الشهداء منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بلغ 223 شهيدا، بينهم نساء وأطفال، فيما يعيش التجار ظروفا اقتصادية صعبة نتيجة الإغلاق الكامل للمحافظة ومنع دخول المواطنين من أراضي عام 1948، الذين يشكلون شريانا اقتصاديا أساسيا.

وأضاف أن القطاع التعليمي تأثر بشكل كبير وهناك فاقد تعليمي عند الطلبة منذ عام 2023، كما تعطلت المدارس الحكومية والخاصة لأكثر من 80 يوما منذ بدء العدوان على المدينة ومخيميها.

وأكد أن الشعب الفلسطيني يدفع ثمن بقاء الائتلاف الحاكم في دولة الاحتلال، وأن جميع الحروب التي يخوضها نتنياهو تنبع من مصلحته الشخصية، “وشعبنا يتوق إلى السلام والعيش بأمن واستقرار”.

وجدد كميل دعوته للمجتمع الدولي والعربي والإسلامي إلى التدخل الفوري والعاجل لوقف هذا العدوان، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، ودعم مشاريع إعادة الإعمار، وتوفير المساعدات الإنسانية، خاصة في ظل حاجة آلاف الأسر إلى شقق سكنية بعد فقدان منازلهم.

وأكد أن خطة المحافظة ترتكز على إعادة الإعمار وعودة المواطنين إلى منازلهم، واستعادة الحياة والأمن في المخيمات.

وقال المستشار السياسي لوزير الخارجية والمغتربين، السفير أحمد الديك ، إن الوزارة بتوجيهات من الرئيس محمود عباس، نظمت هذه الجولة الميدانية للسلك الدبلوماسي المعتمد لدى دولة فلسطين إلى محافظة طولكرم، لإطلاعهم عن كثب على حجم الدمار والانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في مخيمي طولكرم ونور شمس.

وأوضح أن هذه الجولة تهدف إلى نقل صورة الواقع المأساوي إلى عواصم دولهم، وتوثيق الجرائم التي تشمل التدمير الواسع والممنهج، والنزوح القسري لأكثر من 24 ألف مواطن فلسطيني من المخيمين.

وأضاف الديك: “نحث السفراء والدبلوماسيين المعتمدين على مطالبة عواصمهم بممارسة أقصى درجات الضغط على سلطات الاحتلال لوقف حرب الإبادة والتهجير والضم التي تُمارس بحق الشعب الفلسطيني عامة، ومحافظة طولكرم خاصة”.

وأكد أهمية أن يترافق هذا التحرك الدبلوماسي مع خطوات عملية لدعم صمود أبناء محافظة طولكرم، داعيا المجتمع الدولي إلى تقديم مساعدات عاجلة في مجال الإغاثة الإنسانية، والمساهمة في جهود إعادة الإعمار، خصوصا للمنازل والبنية التحتية التي دمرها العدوان.

وتخلل اللقاء مداخلات من ممثلي المؤسسات الوطنية في المحافظة، من بينها بلدية طولكرم، والغرفة التجارية، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، واللجان الشعبية لخدمات مخيمي طولكرم ونور شمس، حيث عرضوا حجم الدمار الهائل الذي طال البنية التحتية والمرافق العامة والمنازل والتهجير القسري لآلاف المواطنين، إضافة إلى المعاناة الاقتصادية المتصاعدة بسبب الحصار وإغلاق الطرق والمعابر، وما تبع ذلك من توقف شبه كامل للحياة التجارية والاقتصادية في المدينة.

وأكد المتحدثون أن الحاجة ملحة إلى تدخل دولي ليس فقط لوقف العدوان، بل أيضاً لرفع الحصار وإسناد جهود الإغاثة، وتوفير مأوى للنازحين، ودعم القطاعات المتضررة في المحافظة، وخاصة التعليم والصحة والاقتصاد.

كما قدم عدد من سكان مخيمي طولكرم ونور شمس، من أطفال ونساء ومصابين ومسعفين، شهادات مؤلمة تجسد حجم المعاناة الإنسانية التي يعيشونها جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على المخيمَين.

وقالت إحدى النساء النازحات: “تأقلمنا مع حياة المخيم رغم صعوبتها، لكن بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بدأنا نعيش اقتحامات شبه يومية، وهجمات بطائرات مسيرة تلقي القنابل فوق رؤوسنا، لا أمن ولا أمان، وسقط العشرات من الشهداء”، وأضافت: “في الثالث من تشرين الأول من العام الماضي، تم قصف مبنى بصواريخ F16 المحرمة دوليا، فاستُشهد أكثر من 20 شخصا، بينهم نساء وأطفال، ومنهم أخي سندي الوحيد”.

وروت مواطنة أخرى مأساة تهجيرهم في 27 كانون الثاني 2025، قائلة: “تم طردنا قسراً من بيوتنا، وتشتتنا. بعضنا ذهب للإقامة في بيوت أقارب، وآخرون في جمعيات ومساجد وأماكن غير صالحة للسكن”.

الطفلة ماريا من مخيم نور شمس تحدثت عن الخوف والحرمان من التعليم واللعب وهي تقول: “اقتحموا بيتنا ثلاث مرات، واعتقلوا أخي، واليوم وصل إلينا خبر أنهم هدموا منزلنا، أطالب بعودة التعليم والأمان”.

أحمد، شاب من مخيم طولكرم، بُترت يده خلال العدوان، وشاب آخر قال: “أطلقوا النار عليّ مباشرة فقطعوا رجلي”، فيما روى المسعف فتحي نصر الله الذي استُشهد نجله الطفل قيس، وقال: “نساعد الناس رغم تعرضنا لإطلاق النار أكثر من مرة”.

كما تحدثت سيدة تمثل مجموعة شبابية من مخيم طولكرم عن دورها خلال الاقتحامات في مساعدة الأطفال وإيصالهم إلى ذويهم، مشيرة إلى أن كثيراً من الأطفال تشتتوا بسبب النزوح ولم يعودوا إلى مدارسهم، وهم يحاولون جمعهم مجددا لاستئناف تعليمهم.

أما الطفلة ليليان، فقالت: “رسالتنا واضحة: نريد الضغط الدولي من أجل العودة إلى بيوتنا وإعمارها، نريد الأمن، نريد السلام”.

وخلال اللقاء، تم عرض ريبورتاج مصور يوثق جانبا من العدوان الإسرائيلي المتواصل على مدينة طولكرم ومخيميها نور شمس وطولكرم، مسلطا الضوء على حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية والمنازل والمرافق العامة، ناقلا مشاهد حية من معاناة السكان والنازحين في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشونها.

وعقب اللقاء، نفذ كميل، والديك، برفقة الوفد الدبلوماسي من السفراء والقناصل والدبلوماسيين العرب والأجانب، جولة ميدانية شملت المدخل الشمالي لمخيم طولكرم ومنطقة المطلة المقابلة لمخيم نور شمس، واطلع الوفد خلال الجولة على حجم الدمار وآثار العدوان الإسرائيلي، بما في ذلك عمليات التدمير والتخريب التي طالت المباني السكنية والبنية التحتية.

كما شملت الجولة زيارة الأراضي المحيطة بجدار الفصل والتوسع العنصري غرب ضاحية شويكة وعتيل شمال طولكرم، والاطلاع على معاناة المواطنين هناك والضرر الذي لحق بالقطاع الزراعي نتيجة ممارسات الاحتلال.

ضم الوفد سفراء مصر، و الأردن، و المغرب، و الاتحاد الأوروبي، و البرتغال، و الصين، و النمسا، و البرازيل، و بلغاريا، و تركيا، و اسبانيا، و ليتوانيا، و بولندا، و روسيا، و اليابان، و رومانيا، و المكسيك و سيريلانكا، و كندا، و الهند، و تشيلي، و فرنسا، و بريطانيا وعدد من ممثلي الدول الأخرى.