11:30 مساءً / 26 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

الشرق الأوسط 2025 — السعي نحو الاستقرار والتنمية على الخطوط الأمامية وخطوط الصدع

الشرق الأوسط 2025 -- السعي نحو الاستقرار والتنمية على الخطوط الأمامية وخطوط الصدع

شفا – شينخوا – ، في 2025، شهد العالم منطقة شرق أوسط شديدة التقلب ولكنها تشهد تحولا متزايدا.

وبدعم عسكري وسياسي من الولايات المتحدة، شنت إسرائيل ضربات على جبهات متعددة، ما أسفر عن صراعات لم يشهدها العالم منذ عقود. وقد كشفت هذه الاضطرابات عن عدم استقرار متأصل في المنطقة وتحديات أمنية مستمرة.

وفي خضم التغيرات العالمية العميقة، ترسم دول الشرق الأوسط مسارا جديدا — ساعية إلى تحقيق الأمن المشترك والتنمية المستقلة ودفع عجلة الإصلاح في الحوكمة العالمية. هذه التطلعات تجسد صحوة الجنوب العالمي الأوسع.

وانطلاقا من وقوفها الراسخ إلى جانب الشرق الأوسط في سعيه لتحقيق العدالة والسلام والتنمية، قدمت الصين مبادرات عالمية، وجهود وساطة، وتعاونا عمليا، وخبرات حوكمة، ما ضخ زخما إيجابيا في السلام والنهوض في المنطقة.

معضلة أمنية مستعصية

على مدار العام، استمرت صراعات متعددة في الشرق الأوسط، حيث كانت متداخلة وغالبا ما اتخذت منعطفات غير متوقعة. ورغم تغير موازين القوى الإقليمية، لم تظهر الاضطرابات أية مؤشرات على التراجع.

تجاوزت حرب غزة الأخيرة حاجز العامين وسط دوامات متكررة من الحرب والهدنة. تم التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في أكتوبر، لكن الغارات الإسرائيلية المتكررة استمرت، حيث قتل أكثر من 400 فلسطيني منذ الهدنة، بينما لا تزال الخلافات حول إدارة غزة بعد الحرب قائمة دون حل.

واليوم، غزة مدينة مدمرة. وتفيد السلطات المحلية بأن عدد القتلى تجاوز 70 ألفا، مع تدمير أكثر من 90 بالمئة من المباني في القطاع. ويواجه الفلسطينيون الناجون من الصراع المروع نقصا في الإمدادات، وارتفاعا حادا في الأسعار، وبردا قارسا في الشتاء، في ظل استمرار الأزمة الإنسانية الكارثية.

على مدار العام، امتدت تداعيات صراع غزة لتتجاوز نطاقها، حيث شنت إسرائيل غارات على أهداف في لبنان وسوريا واليمن. وحدث الصدع الأكبر في منتصف يونيو، عندما أشعل هجوم إسرائيلي مفاجئ على إيران “حربا استمرت 12 يوما”. دخلت الولايات المتحدة الصراع مباشرة، فقصفت المنشآت النووية الإيرانية، في خطوة صعدت التوترات بشكل حاد وهددت — لفترة وجيزة — بإشعال حريق إقليمي شامل.

وفي أوائل سبتمبر، شنت إسرائيل غارة على وفد حماس في الدوحة في قطر، ووسعت بذلك نطاق الصراع إلى دول الخليج للمرة الأولى، في تطور غير مسبوق صدم دول المنطقة وأثار قلقها.

وفي غضون ذلك، استمرت الصراعات الداخلية في بعض الدول. فالحرب الأهلية الدامية في السودان لا تزال مستمرة دون أية مؤشرات على الانحسار، بينما لا يزال اليمن وليبيا يعانيان من الانقسامات. وفي سوريا، حتى بعد مرور عام على التحولات السياسية الدراماتيكية، لا تزال المرحلة الانتقالية “على حبل مشدود”، إذ تحيط بها التهديدات الأمنية والتوترات العرقية الداخلية.

وتنبع الفوضى في الشرق الأوسط من مظالم تاريخية معقدة ومناورات جيوسياسية لقوى خارجية. وقد قوضت تصرفات بعض الدول المتهورة الوضع الأمني الهش أصلا بشكل خطير.

قدم عام 2025 دروسا قاسية لصناع القرار والمراقبين: فالضربات العسكرية لا تعالج الأسباب الجذرية، والقوة لا تحقق الأمن الحقيقي، والعقلية الصفرية لا تؤدي إلى سلام دائم. فبدون العدالة، لا تفضي اتفاقيات السلام الموقعة إلا إلى “سلام بارد”، بدلا من المصالحة الحقيقية والاستقرار الدائم.

ورغم التحولات الجديدة في المشهد الجيوسياسي للمنطقة وديناميكيات القوة، لا تزال التحديات الأمنية الكامنة والتوترات الهيكلية التي تغذي الصراع قائمة. ويبقى التوصل إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية في إطار حل الدولتين هدفا بعيد المنال وشاقا. ومن المرجح أن يشهد الشرق الأوسط فترة طويلة من الاضطراب، حيث يصبح الصراع منخفض الحدة هو الوضع العادي الجديد.

سعي مشترك نحو التغيير

في ظل معاناة الشرق الأوسط من دوامات الصراع والمعاناة، يبحث قادة المنطقة ومفكروها عن حل دائم.

وقالت مها يحيى، مديرة مركز مالكوم كير-كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت، “تعد قضايا الحوكمة جوهر مشكلات المنطقة،” قائلة إن السلام الدائم يبقى سرابا دون حلول سياسية.

وقال عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن تعذر وقف الحرب على غزة يبرز قصور النظام الدولي الحالي وتدهور القانون الدولي ليصبح “أداة انتقائية” تستخدمها بعض القوى الكبرى.

وفي ظل هذه الخلفية المضطربة، برز اتجاه واضح: دول الشرق الأوسط تنسق جهودها للتوصل إلى حلول سياسية للتحديات الإقليمية، ساعية في الوقت نفسه إلى مزيد من الوحدة والاستقلالية.

وفي يناير، وبعد أن اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “السيطرة على غزة”، سارعت السعودية ومصر ودول عربية أخرى إلى الرد وبدأت مشاورات عاجلة. وفي أوائل مارس، أقرت قمة عربية طارئة في القاهرة خطة عربية شاملة لإعادة إعمار غزة.

ومنذ تجدد القتال في مارس، كثفت الدوحة والقاهرة جهود الوساطة، من خلال جولات تنسيق مكوكية بين حماس وواشنطن وإسرائيل. وقد أظهرت هذه المساعي أن المنطقة، عندما تعمل بتناغم، قادرة على ممارسة نفوذ كان يُعتقد لفترة طويلة أنه حكر على القوى الخارجية.

وفي الوقت نفسه، لم يقف المجتمع الدولي مكتوف الأيدي، لا سيما دول الجنوب العالمي. فمع ارتفاع عدد القتلى في غزة وتفاقم المجاعة، ازداد الدعم العالمي لفلسطين وإدانة إسرائيل بشكل ملحوظ. ودافعت بلدان الجنوب العالمي بنشاط عن فلسطين، مؤكدة أهمية حل الدولتين.

وخلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، عقد مؤتمر دولي رفيع المستوى حول الحل السلمي للقضية الفلسطينية. وأعلنت فرنسا وعدد من الدول الغربية الأخرى اعترافها بالدولة الفلسطينية، ما زاد من عزلة إسرائيل والولايات المتحدة على الساحة الدولية.

ورغم أن هذه “الموجة من الاعتراف” لم توقف تحركات إسرائيل الأحادية، إلا أنها تظهر التيار الأوسع لتحول الحوكمة العالمية. كما يشير عمرو حمزاوي، من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، فإن هذا ينبئ بتزايد مطالب بلدان الجنوب العالمي بإعادة تشكيل الحوكمة العالمية، وهو مطلب بالغ القوة لدرجة أن العواصم الغربية لم تعد قادرة على تجاهله.

وعلى غرار نظيراتها في الجنوب العالمي، تظهر دول الشرق الأوسط عزما أكبر على دفع إصلاح الحوكمة العالمية والسعي إلى الاضطلاع بأدوار أكبر في الشؤون الدولية. وقد ازداد انخراطها في الآليات متعددة الأطراف، مثل البريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون، بشكل مطرد.

فعلى سبيل المثال، خلال العام الماضي، ساعدت السعودية وتركيا، كوسيطين، على تنظيم جولات عديدة من المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا، ما عزز بنشاط الجهود المبذولة لحل الأزمة الأوكرانية.

وفي خضم تغيرات لم يشهدها العالم على مدار قرن، يستكشف عدد متزايد من دول الشرق الأوسط مسارات تنموية جديدة بشكل مستقل. وبقيادة دول الخليج، تسرّع المنطقة من وتيرة التنويع الاقتصادي، حيث تستثمر بشكل كبير في الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة.

وفي أواخر 2025، أعلنت تركيا وإيران عن خطط لبناء خط سكة حديد يربط بين البلدين بشكل مشترك، بينما اتفقت السعودية وقطر على إنشاء خط سكة حديد فائق السرعة يربط بين العاصمتين، حيث يأتي ذلك في إطار مسعى أوسع نطاقا للارتباطية الإقليمية.

مصدر إلهام وأمل

وبينما يمثل السلام والاستقرار تطلعات دول الشرق الأوسط والشاغل الملح للمجتمع الدولي، فقد ساهمت المبادرات العالمية الأربع وغيرها من المقترحات الرئيسية التي طرحتها الصين في ضخ الاستقرار واليقين في عالم مضطرب، ما أسهم برؤى وحلول صينية للسلام والتنمية.

ويرى كاوه محمود، الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الكردستاني العراقي، أن مبادرات الصين تستجيب للمطالب الملحة للدول النامية للنزاهة والعدالة، وتقدم حلولا مستدامة للتحديات العالمية الراهنة، وتكتسب أهمية خاصة بالنسبة للشرق الأوسط.

ولا تزال القضية الفلسطينية محور التوترات الإقليمية. ومن خلال مشاركتها الفعالة في معالجة قضايا الشرق الأوسط عبر مجلس الأمن الدولي وغيره من المنصات متعددة الأطراف، أثبتت الصين موقفها المبدئي في دعم العدالة ودورها البناء، ما أكسبها التقدير والدعم في جميع أنحاء المنطقة.

وفي الوقت نفسه، تعد التنمية والنهوض من الأولويات المشتركة لدول الشرق الأوسط والجنوب العالمي الأوسع. وعلى الرغم من استمرار حالة عدم الاستقرار، لا تزال المنطقة تحتفظ بإمكانات اقتصادية هائلة. أفاد صندوق النقد الدولي في أكتوبر بأن منطقة الشرق الأوسط أظهرت مرونة اقتصادية في عام 2025، حيث من المتوقع أن يصل معدل نموها الاقتصادي إلى 3.3 بالمئة.

وتعد الصين شريكة استراتيجية موثوقة لدول الشرق الأوسط وصديقة مخلصة للدول العربية. ويتواصل نمو التعاون متبادل المنفعة بينهما، ما يعزز التنمية المستدامة في المنطقة.

وأشار تقرير صادر في نوفمبر عن مركز الأبحاث البريطاني ((آسيا هاوس)) إلى أن حجم التجارة بين دول الخليج والصين في عام 2024 تجاوز حجم تجارتها المجمعة مع الولايات المتحدة وبريطانيا ومنطقة اليورو، في حين توسع نطاق التعاون خارج إطار الطاقة التقليدية ليشمل قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة والبناء وغيرها.

وكما أشار أسامة الجوهري، مساعد رئيس الوزراء المصري، وغيره، فإن أولويات التنمية التي حددتها الصين حديثا للفترة 2026-2030 تتوافق بشكل كبير مع أجندات التنمية في العديد من دول الشرق الأوسط، ما يتيح فرصا جديدة للتعاون المثمر والنمو المشترك.

وقد شكلت نظرية التحديث صيني النمط وتطبيقاتها العملية، والتي تشمل تجربة الصين الناجحة في الحوكمة، مصدر إلهام وأمل لدول الشرق الأوسط في المستقبل. وصرح محمد حسين، وكيل أول وزارة ومدير الإدارات الرئيسيه للهيئه العامه للاستعلامات، بأن التحديث صيني النمط يمثل مسارا متميزا عن التغريب، ويقدم رؤى قيمة لاستكشاف استراتيجيات تحديث تتوافق مع التقاليد الثقافية العربية.

ويوافق العام المقبل الذكرى الـ70 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية، حيث ستعقد القمة الصينية-العربية الثانية في الصين. وسيمثل هذا الحدث إنجازا جديدا في العلاقات الثنائية، حيث سيعطي زخما جديدا لبناء مجتمع مصير مشترك صيني-عربي على مستوى أعلى وسيقدم إسهامات جديدة في السلام والتنمية في الشرق الأوسط وخارجه.

شاهد أيضاً

فوائد واضرار الكركديه

فوائد واضرار الكركديه

شفا – تحتوي الكركديه على العديد من المواد الفعالة والمفيدة لصحة القلب والجسم والمضادة للسرطان، …