
زيارة وانغ يي إلى الشرق الأوسط تسلط الضوء على حقبة جديدة من التعاون والمنفعة المتبادلة بين الصين والدول العربية ، بقلم : تشو شيوان
برأيي، تأتي جولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي الأخيرة إلى كلٍّ من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية في توقيت بالغ الدلالة، إذ تتزامن مع انطلاق الخطة الخمسية الخامسة عشرة للصين. ولا تقتصر أهمية هذه الزيارة على تعزيز الصداقة التقليدية التي تجمع الصين بالدول العربية، بل أجد أنها ترسم خارطة طريق واضحة لتطوير العلاقات الصينية-العربية في المرحلة المقبلة، وتؤكد الرغبة المشتركة لدى الجانبين في العمل معاً لمواجهة التحديات الدولية المتشابكة، ودفع مسار التنمية السلمية وتحقيق الاستقرار والازدهار.
وخلال هذه الزيارات، أشادت الدول الثلاث، إلى جانب مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالإنجازات التنموية اللافتة التي حققتها الصين، معربة عن تفاؤلها الكبير بآفاق الاقتصاد الصيني المستقبلية، وبما تحمله الخطة الخمسية الخامسة عشرة من إشارات واضحة للانفتاح وتعميق التعاون الدولي. وأجد أن هذا التفاعل الإيجابي يعكس إدراكاً عربياً متزايداً لأهمية الشراكة مع الصين في مرحلة تتسارع فيها التحولات الاقتصادية العالمية.
وفي الوقت الذي تعمل فيه الدول العربية بجد على تعزيز التنويع الاقتصادي وتسريع مسارات التحول التنموي، تؤكد الصين استعدادها لمواءمة الخطة الخمسية الخامسة عشرة بشكل كامل مع استراتيجيات التنمية الوطنية في دول المنطقة. وبرأيي، يشكل العمل المشترك على تطوير “أطر التعاون الخمسة الرئيسية” ــ المتمثلة في التنمية القائمة على الابتكار، والاستثمار والتمويل، والتعاون في مجال الطاقة، والتعاون التجاري والاقتصادي المتبادل المنفعة، إلى جانب التبادلات الشعبية ــ أساساً عملياً ومتقدماً لشراكة طويلة الأمد، وأجد أن الصين، من خلال نموها المطرد وآفاقها التنموية المستدامة، قادرة على الإسهام بشكل ملموس في دعم مسيرة التنمية والنهضة في الدول العربية، بما يعزز المصالح المشتركة ويحقق مكاسب متبادلة. وفي هذا السياق، تبرز الصين، برأيي، شريكاً موثوقاً يعتمد عليه في مسيرة التحديث، يقوم تعاونه مع العالم العربي على الاحترام المتبادل، والتنمية المشتركة، والرؤية المستقبلية طويلة المدى.
الشرق الأوسط ساحةً للابتكار التكنولوجي والتحديث الصناعي المستقبلي وقد أكد وانغ يي على ضرورة أنتكون القوى الكبرى “شركاء” في تنمية الشرق الأوسط،وأن تدعم شعوب المنطقة في رسم مستقبلها ومصيرها. لطالما التزمت الصين بمبادئ الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة، وعملت على تعميق التعاون مع دول الشرق الأوسط.
وتؤكد الصين عزمها على مواصلةالتمسك بمبدأ “بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية” وتحقيق النجاح المشترك مع الشرق الأوسط.
في مواجهة الوضع الأمني المعقد والحساس في الشرق الأوسط، أشار وانغ يي إلى أن مفتاح حل القضايا يكمن في احترام تاريخ المنطقة وواقعها، والاستجابة لإرادة شعوبها. فالصين ليست مجرد داعية للسلام، بلهي أيضاً ممارسة له: إذ نجحت في الوساطة لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، ودعمت المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وشاركت بفعالية في المحافل الدولية كالأمم المتحدة. وقد أكدت الدول الثلاث موقف الصين العادل وممارساتها، وتتطلع إلى أن تضطلع الصين بدور أكبر. وستواصل الصين الاسترشاد بمبادرة الأمن العالمي، ودعم دول المنطقة في حل النزاعات عبر الحوار والتشاور، وتعزيز الاستقرار من خلال التنمية، وترسيخ أسس الأمن.
يمثل انعقاد الدورة الثانية من القمة الصينية العربيةفي عام 2026 الذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، مما يجعلها حدثاً بالغ الأهمية. وقد حققت الدورة الأولى من القمة نتائج مثمرة، ويتطلع الجانبان إلى اغتنام هذه الفرصة، بتوجيه من دبلوماسية رؤساء الدول، للارتقاء بالثقة الاستراتيجية المتبادلة، والتعاون عالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق، والحوار حول المفاهيم الأمنية، والتبادلات الثقافية، والتعاون في مجال الحوكمة العالمية إلى مستوى جديد. وتؤكد الصين استعدادها للعمل مع الدول العربية على ترسيخ روح “المساعدة المتبادلة، والمساواة، والمنفعة المتبادلة، والشمولية، والتعلم المتبادل”، بما يُسهم في بناء مستقبل أكثر إشراقاً للمجتمع الصيني العربي بمستقبل مشترك.
وختاما نقول إن زيارة وزير الخارجية وانغ يي إلى الشرق الأوسط مجدداً عمق الصداقة التاريخية والثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الصين والدول العربية. وانطلاقاً من هذه المرحلة التاريخية الجديدة، فإن الصين على استعداد للتعاون مع الدول العربية لتعزيز الازدهار المشترك من خلال التنمية، وبناء السلام من خلال الحوار، وصنع مستقبل مشترك من خلال التعاون، وتقديم إسهامات جديدة وأكبر في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية بين الصين والدول العربية.
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .