6:22 مساءً / 12 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

ماجد أبو غوش.. رفيق الحبر والروح ، بقلم : محمد علوش

ماجد أبو غوش.. رفيق الحبر والروح ، بقلم : محمد علوش

ليس سهلاً أن نكتب عن الرحيل حين يكون الراحل قطعة من القلب، وجزءاً أصيلاً من حكايتنا، وصوتاً كان يسكن تفاصيل أيامنا، ويشاركنا قلق الكلمة ووجع الحلم ووجدان الوطن.


رحيل ماجد أبو غوش ليس فقدان شاعر وروائي مبدع فحسب؛ إنه فقدان رفيق درب طويل، وذكريات ممتدة عبر سنوات من العمل المشترك والنضال الثقافي والنقابي والفكري.


مع ماجد أبو غوش، كانت الكلمة أكثر من أداة تعبير؛ كانت رفقة حياة، عرفناه كما تعرف الشجرة من جذورها، ثابتاً في انحيازه للطبقة العاملة، وصادقاً في التزامه بالخط الثوري التقدمي، وحارسًا أميناً لقيم العدالة الاجتماعية، وشريكاً أصيلاً في العمل النقابي داخل اتحاد الكتّاب.


وقفنا معاً في مواقف كثيرة، حملتنا رؤى مشتركة، واتفقنا في قضايا جوهرية، واختلفنا في التفاصيل الصغيرة، لكننا كنّا نعود دائماً إلى البوصلة ذاتها، فلسطين والإنسان.


كم تشرفت على مدار سنوات بتقديم قراءات ودراسات حول تجربته الشعرية والروائية، في لقاءات لم تكن مجرد ندوات ثقافية، بل كانت فضاءات حوار إنساني وفكري وروحي، ولا أنسى أمسيات طولكرم التي كان فيها ماجد أبو غوش يشعل القصيدة وكأنها جزء من نبضه، وندوات رام الله التي جمعتنا على منصة واحدة، نتبادل الرؤى والضحكات، ونغوص في أسئلة السرد والشعر ومعنى الالتزام.


ذكرياتنا معه ليست مجرد صور؛ إنها محطات حياة.. هي تلك الأمسيات التي امتدت لساعات طويلة نتأمل فيها معنى الكتابة ودورها، وهي النقاشات الحادة أحياناً، والطريفة أحياناً أخرى، لكنها دائماً صادقة.


هي الوجوه التي التفت نحوه حين كان يبدأ قراءة نص جديد، وكأن الجميع يعرفون أن شيئاً مختلفاً سيولد في القاعة، وهي الأيام التي حملنا فيها الهمّ الثقافي والعمل النقابي كتفاً إلى كتف، نؤمن أنّ للكلمة دوراً في معركة الوعي، وأنّ للكتّاب واجباً ودوراً متقدماً في الدفاع عن العدالة وكرامة الإنسان.


ماجد كان يمشي في الحياة بخطى شاعر يعرف طريقه، لم يساوم يوماً على حلم، ولم يتراجع أمام تعب الروح، وكان في كل مرة نسمعه فيها يمنح الكلمات أجنحة، ويعطي اللغة روحاً تشبه طيبة قلبه وصلابة موقفه.


واليوم، ونحن نكتبه بصيغة الغائب، ندرك أن الغياب الحقيقي لا يكون إلا لمن لم يترك أثراً، أمّا ماجد، فقد ترك ما يكفي ليبقى حاضراً بيننا، في كتبه، وفي قصائده، وفي تلك اللحظات التي تظهر فجأة من الذاكرة حين تمرّ نسمة من الأمس، وفي الأثر العميق الذي تركه في كل من عرفه وسار معه في الدرب ذاته.


سلامٌ لروحك يا ماجد، يا رفيق الحبر والروح، سلامٌ على ما منحتنا من كلمات، وما زرعته فينا من مواقف، وما تركته من حضور سيظلّ يسافر معنا مهما ابتعدت المسافات.

شاهد أيضاً

المتحدث ليو ده جيون

متحدث : خفر السواحل الصيني يطرد سفنا فلبينية من المياه القريبة من شيانبين جياو الصينية

شفا – قال متحدث باسم خفر السواحل الصيني إن عدة مجموعات من السفن الفلبينية دخلت، …