11:39 مساءً / 21 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

الأطفال… حكايةُ البداياتِ الجميلة ، بقلم : البروفسور د. عطاف الزيات

الأطفال… حكايةُ البداياتِ الجميلة ، بقلم : البروفسور د

الأطفال… حكايةُ البداياتِ الجميلة ، بقلم : البروفسور د. عطاف الزيات

الأطفالُ همُ اللَّمْلَمَةُ الأَوَّلَى للنُّورِ حينَ يَهبِطُ على الدُّنيا، وهُمْ البَصْمَةُ الَّتِي تُعيدُ لِلْحياةِ مَعْنَاهَا كُلَّما تَعِبَتِ الأرواحُ وضَلَّتِ الدروب. يَمْضُونَ في العالمِ بِخِفَّةٍ لا يُجيدُها الكبارُ، كأنَّهم وُجِدوا لِيُذَكِّرُونَا أنَّ الفَرَحَ ليسَ بَعِيدًا، وأنَّ البِدَاياتِ مُمْكِنَةٌ دائمًا.

هُمْ مَرايا الصَّفاء، يَرَوْنَ العَالَمَ كما يَجِبُ أنْ يَكُونَ: نَقِيًّا، كامِلًا، خَالِيًا مِنِ الزَّيفِ. يَسْأَلُونَ بَساطَةً، ويَغْفِرُونَ بِسُرْعَةٍ، ويُحِبُّونَ بِقَلْبٍ لا يَعرِفُ الحِسابَاتِ. فِي ضَحِكاتِهِم مُوسيقى لا تُدرَّس، وفي خُطاهُم أُغْنِيَةٌ تُنَبِّهُنا أنَّ العُمْرَ أبْسَطُ مِمّا نَظُنّ.

الأطفالُ لا يَبْنُونَ بُيوتًا مِنَ الحِجارةِ، بَل يَبْنُونَ أَوطانًا مِنَ الضَّحِكاتِ واللُّعْبِ والبراءةِ، يَجْعَلُونَ المكانَ يَنطِقُ إنْ خَفَتَ كلُّ الأصواتِ. حِينَ يُمسِكُ طِفْلٌ بِيَدِكَ، تَشْعُرُ وكأنَّهُ يُمسِكُ العالَمَ كُلَّهُ، يُعيدُ ترتيبَهُ، ويَضَعُ فِيهِ مَساحَةً أوسعَ للحُبِّ والأمان.

وَلِأنَّهُمُ المُستقبَلُ، فَهُمْ أَوْلى بالعِنايةِ والاحْتِواءِ. نَظْرَةٌ تُطَمْئِنُهُم، كَلِمَةٌ تُشَجِّعُهُم، فِرَاصٌ يُمْنَحُ لهم ليَسْتَكْشِفُوا العَالَمَ، ودَعْمٌ يَجْعَلُهُم يُصَدِّقُونَ أنَّهم قادرونَ على أنْ يَكونُوا ما يَشاؤون.

الأطفالُ هَديَّةُ اللهِ لِهذا الكَوْنِ، وبِقاؤُهُم في حَالٍ مِن السَّعادةِ والكرامةِ لا يَزِيدُهُم جَمالًا فَحَسْب، بَل يُزِيدُ العالَمَ نَفْسَهُ قُدْرَةً على البَدْءِ من جَديد.

فَاحْتَضِنُوا الأطفالَ…


فَهُمْ أَصْلُ البِدايَةِ، وَوَعْدُ المُسْتَقْبَلِ، وسِرُّ النُّورِ الَّذي لا يَنْطَفِئ.


الأطفالُ هم نَبْضُ الحاضر وروحُ الحياة، وبَصْمَةُ الأمل التي تَملأ الدُّنيا ألوانًا وضحكات. في كلِّ ابتسامةٍ صغيرةٍ، وفي كلِّ خطوةٍ يخطوها طفل، هناك عالَمٌ كامل من الفضول والاكتشاف، وعالمٌ يُخبرنا أنَّ المستقبل يُبنى هنا، بين يديه الصغيرة.

هؤلاء الصغارُ ليسوا مجرد أحمالٍ ورعاية، بل هم صُنّاعُ غدٍ مشرق، يحملون في عيونهم فضولًا لا يُقهر، وفي قلوبهم براءةٌ تُعلِّمنا كيف نحبّ بلا قيود، ونثق بلا حدود. الأطفالُ يرون العالم كما يجب أن يكون: صافيًا، مليئًا بالفرح، وبعيدًا عن التعقيد الذي يثقل كاهل الكبار.

إننا حين نستمع إلى ضحكاتهم، أو نرى أيديهم تمتد لاستكشاف الأشياء حولهم، ندرك أن كل لحظة معهم هي درس في الصبر، والإبداع، والمغامرة. فكل لعبة، وكل رسم، وكل سؤال يطرحونه، هو نافذة جديدة على الإبداع البشري، ومفتاحٌ لفهم الحياة من زوايا لم نعتد أن نراها.

وما يجعل الأطفال أكثر تميزًا، هو قدرتهم على تحويل أبسط الأشياء إلى لحظات سحرية، وعلى تحويل أي مكان إلى حديقة أمل، وأي يوم عادي إلى مغامرة لا تُنسى. بهم يتعلم الكبار أن البساطة هي سر السعادة، وأن الفضول هو المحرك الحقيقي لكل إنجاز.

لذلك، يجب أن نمنحهم الفرصة ليكبروا في بيئة تحميهم، وتغذي خيالهم، وتشجعهم على التجربة والخطأ، وتزرع فيهم قيم التسامح والمشاركة والابتكار. فالأطفال اليوم هم القادة والعلماء والمبدعون غدًا، وعلينا أن نزرع فيهم بذور الطموح منذ اليوم.

الأطفال… ليسوا فقط أمل المستقبل، بل هم المعلمون الصغار الذين يُذكروننا أن الحياة جميلة، وأن كل يوم جديد فرصة لاكتشاف السعادة والفرح من جديد.

  • – الكاتبة والقائده التربويه البروفسور د. عطاف الزيات

شاهد أيضاً

استشهاد الشاب يونس اشتية برصاص الاحتلال في تل غرب نابلس

استشهاد الشاب يونس اشتية برصاص الاحتلال في تل غرب نابلس

شفا – استشهد شاب برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الجمعة، عقب محاصرة منزل، في …