
من التلقين إلى التفكير ، رحلة الطفل في ظل التربية الحديثة ، بقلم: ا.د. عطاف الزيات
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتشابك فيه مصادر المعرفة، لم يعد التلقين وسيلة تربيةٍ صالحة لجيلٍ يعيش بين الشاشات والذكاء الاصطناعي. لقد تغيّر الطفل، وتغيّرت أدواته، وبات من الضروري أن تتغيّر أساليبنا نحن الكبار في تربيته وتعليمه.
كان التلقين يومًا ما شعار التعليم التقليدي، حيث يُطلب من الطفل أن يحفظ ويكرّر دون أن يفهم أو يسأل. طفلٌ مطيع، لكنه عاجز عن التفكير الحر. أمّا اليوم، فالتربية الحديثة تنادي بثورة صامتة: علِّم الطفل أن يفكّر، لا أن يكرّر.
التربية الحديثة تؤمن بأن كل طفل مشروع مبدع صغير، وأن دوره ليس ملء عقله بالمعلومات، بل مساعدته على اكتشاف ذاته، وتنمية قدراته، وصقل فضوله. فبدل أن نقول له “احفظ الدرس”، نقول “حلّل، ناقش، جرّب”. بدل “اسكت لتتعلم”، نقول “تحدث لتفهم”.
منهج التفكير لا التلقين هو ما يجعل الطفل شريكًا في التعلم، لا متلقيًا سلبيًا.
وهو ما يحوّل الصف من مكان للتعليم إلى مختبر للحياة، حيث يتعلم الطفل كيف يواجه المشكلات، ويتخذ القرار، ويعبّر عن ذاته بثقة.
لقد أثبتت التجارب الحديثة أن الطفل الذي يُمنح فرصة للتفكير والتعبير، يصبح أكثر قدرة على الابتكار، وأقوى في شخصيته، وأعمق في فهمه للعالم من حوله. بينما الطفل الذي يُلقَّن، يعيش داخل إطار ضيّق، يكرر ما يُقال له دون أن يجرؤ على السؤال: “لماذا؟”
اليوم، تقع مسؤولية التحوّل من التلقين إلى التفكير على كل مربي، معلم، وأب وأم. علينا أن نزرع في أطفالنا شغف التساؤل بدل الخوف من الخطأ، وأن نُدرك أن التربية ليست أوامر وتعليمات، بل حوار وعلاقة إنسانية تبني الثقة وتُطلق الطاقات.
فلنُربِّ أبناءنا ليكونوا صانعي أفكار لا ناقلي كلمات، وليكن شعارنا في كل بيتٍ ومدرسة:
“علِّم الطفل أن يفكر… وستُعلّمه أن يعيش.”
- – ا.د. عطاف الزيات – خبيرة تربوية
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .