4:06 صباحًا / 12 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

الإعلان الدستوري الجديد ، خطوة رئاسية حكيمة لترسيخ الشرعية واستمرارية الدولة الفلسطينية ، بقلم : البروفيسور الدكتور جمال حرفوش

الإعلان الدستوري الجديد ، خطوة رئاسية حكيمة لترسيخ الشرعية واستمرارية الدولة الفلسطينية ، بقلم : البروفيسور الدكتور جمال حرفوش

الإعلان الدستوري الجديد: خطوة رئاسية حكيمة لترسيخ الشرعية واستمرارية الدولة الفلسطينية ، بقلم : البروفيسور الدكتور جمال حرفوش


أولاً: الإطار الدستوري والقانوني للقرار


يستند الإعلان الدستوري الجديد إلى السلطة الدستورية العليا الممنوحة لرئيس دولة فلسطين بموجب النظام الأساسي المعدل (القانون الدستوري الفلسطيني)، وبصفته رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.


وفي ظل تعطل المجلس التشريعي الفلسطيني منذ سنوات، بات من الضروري إيجاد آلية قانونية بديلة تضمن استمرارية مؤسسات الحكم وعدم وقوع فراغ دستوري في حال شغور منصب الرئيس.


يُعدّ هذا الإعلان من منظور الفقه الدستوري تدبيراً استثنائياً مشروعاً، يهدف إلى سدّ الفراغ التشريعي وحماية وحدة النظام السياسي، انسجاماً مع القواعد العامة في القانون الدستوري المقارن التي تجيز لرئيس الدولة اتخاذ إجراءات تحفظ كيان الدولة ومؤسساتها في الظروف الطارئة أو الاستثنائية.


ثانياً: المشروعية الدستورية ومبدأ استمرارية الدولة
إن ما أقرّه الرئيس في الإعلان الجديد يؤكد التزامه بمبدأ استمرارية السلطة، وهو مبدأ أصيل في الفقه الدستوري يفرض عدم ترك مؤسسات الدولة عرضة للشلل أو الانقطاع.


وقد جاء النص على أن نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يتولى مهام الرئاسة مؤقتاً لمدة لا تتجاوز 90 يوماً، في توازن دقيق بين الشرعية القانونية والشرعية السياسية التمثيلية لمنظمة التحرير، بما يحول دون احتكار السلطة أو الانقلاب عليها، ويضمن الانتقال السلمي المنظّم.


كما أن النص على إمكانية التمديد لمرة واحدة فقط “في حال القوة القاهرة” يُظهر وعي المشرّع الرئاسي بالضوابط القانونية للضرورة، وعدم فتح الباب أمام التمديد غير المقيّد أو إساءة استخدام السلطة.


ثالثاً: الانسجام مع مبادئ الشرعية الدستورية والديمقراطية


الإعلان الدستوري لا يشكّل التفافاً على الشرعية، بل هو تكريسٌ فعليّ لمبدأ التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة والمباشرة، في الوقت الذي يُؤكد فيه على أن الشرعية تستمد من الشعب لا من الفراغ.


هذا التوجه يعكس فلسفة قانونية راقية تتسق مع ما نصّت عليه المادة (2) من القانون الأساسي الفلسطيني بأن “الشعب مصدر السلطات”.


إضافةً إلى ذلك، فإن التأكيد على “حرية الإنسان، وسيادة القانون، وقيم المساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية” يعكس روح الدساتير الحديثة التي تعتبر حماية الحقوق والحريات جزءاً من الشرعية السياسية والدستورية للنظام.
رابعاً: الثناء على حكمة الرئيس وموقفه الدستوري المسؤول


يُظهر هذا القرار حكمة الرئيس محمود عباس ووعيه العميق بمسؤولياته الوطنية والدستورية، إذ اختار أن يُنظّم انتقال السلطة وفق قاعدة قانونية واضحة ومحددة، بدلاً من ترك البلاد عرضة للتجاذب أو الفوضى الدستورية.


لقد قدّم سيادته نموذجاً في القيادة الدستورية الرشيدة التي توازن بين مقتضيات الاستقرار ومتطلبات الديمقراطية، محافظاً بذلك على هيبة النظام السياسي ووحدة القرار الوطني.


كما أن إلغاؤه للإعلان الدستوري السابق رقم (1) لسنة 2024 يعكس نزاهة سياسية ومرونة تشريعية، تدل على أنه لا يتشبث بالنصوص إلا بقدر خدمتها للمصلحة الوطنية العليا.


خامساً: الأثر الوطني والسياسي للقرار


من الناحية الوطنية، يعزز الإعلان الجديد الثقة بالمؤسسات الفلسطينية ويبعث رسالة طمأنة للمجتمع الدولي بأن النظام السياسي الفلسطيني مستقر ومُنظم حتى في أحلك الظروف.


ومن الناحية القانونية، فإنه يُشكل مرجعاً دستورياً مؤقتاً يُسدّ به أي فراغ في السلطة، مع ضمان العودة إلى الشعب بوصفه مصدر الشرعية النهائية.


الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمود عباس هو خطوة قانونية رصينة وسياسية واعية، تعبر عن حسّ وطني رفيع ومسؤولية تاريخية في حماية النظام السياسي الفلسطيني.


لقد جسّد الرئيس من خلال هذا القرار مبدأ سيادة القانون واستمرارية الدولة، وأكد أن القيادة الرشيدة تُدار بالقانون لا بالعاطفة، وبذلك يكون قد وضع أساساً دستورياً متيناً لانتقال السلطة في فلسطين وفق قواعد الشرعية والديمقراطية.

  • – البروفيسور الدكتور جمال حرفوش – رئيس جامعة المركز الأكاديمي للأبحاث البرازيلي – أكاديمي و باحث في القانون و مترجم قانوني

شاهد أيضاً

اسعار الذهب اليوم

اسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت اسعار الذهب اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر كالتالي : سعر أونصة الذهب عالمياً …