3:49 مساءً / 19 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

حرب غزة تزيد “الإدمان الجماعي” بين الإسرائيليين

شفا – كشفت معطيات رسمية إسرائيلية جديدة عن ضرر اجتماعي ونفسي باهظ أصاب المجتمع الإسرائيلي، نتيجة حرب الإبادة الجماعية التي شنتها “إسرائيل” على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

فقد أظهر التقرير السنوي الصادر عن المركز الإسرائيلي للإدمان والصحة النفسية “آي سي إيه” (ICA)، ارتفاعا غير مسبوق في معدلات الإدمان على الكحول والعقاقير والمخدرات، حتى بات 1 من كل 4 إسرائيليين في دائرة الخطر.

يرسم التقرير الذي نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، صورة قاتمة لمجتمع يعيش ما يشبه “الإدمان الجماعي” كأحد إفرازات الصدمة الجماعية التي أحدثتها الحرب على غزة.

وبحسب التقرير، فإن حالة التوتر والقلق والخسائر البشرية ومشاهد العنف غير المسبوقة التي رافقت الحرب، دفعت قطاعات واسعة من الإسرائيليين إلى اللجوء للكحول والمنومات والمهدئات لتخفيف الضغط النفسي.

لكن تلك الوسائل المؤقتة تحولت سريعا إلى عادات متجذّرة يصعب التخلص منها، حتى بعد توقف العمليات العسكرية.

ونقلت الصحيفة عن مديرة المنظومة العلاجية في المركز، روني روكاح، قولها إن المدمن الذي زاد استخدامه للمواد المسببة للإدمان أثناء الحرب، سيجد الآن صعوبة أكبر في تغيير عاداته.

وأضافت: “الاستخدام في مستوى الخطر هو المرحلة التي تسبق الإدمان، حين تبدأ السيطرة بالتلاشي، وتظهر آثار الضرر على الأداء اليومي والعمل والدراسة والعلاقات”.

ويبيّن التقرير أن 26.6% من الإسرائيليين، يستخدمون مواد مسببة للإدمان في مستوى خطر مرتفع، فقد تضاعف تقريبا استخدام المواد الأفيونية، وارتفع استهلاك المهدئات والمنومات بمعدل 2.5 ضعف، في حين سجلت المواد المنبهة ارتفاعا مشابها.

ورغم أن الأعراض الحادة لاضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) تراجعت مقارنة بذروتها في بداية الحرب، فإن 16% من الإسرائيليين ما زالوا يعانون أعراضا نفسية خطِرة، مقابل 12% فقط قبل اندلاع الحرب.

ويعزو الخبراء هذه الزيادة إلى استمرار الشعور بعدم الأمان، والخسائر في الأرواح، وطول فترة التعبئة العسكرية، والضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي أعقبت اندلاع الحرب.

وحسب التقرير، فإن الفئات الأكثر عرضة للإدمان هي الشباب بين 18 و26 عاما، إذ أن 1 من كل 3 أشخاص قد تعرضوا لهذا الخطر، بعد أن عاش الإسرائيليون سلسلة من الأزمات المتلاحقة؛ جائحة كورونا، ثم الحرب، ثم حالة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.

وتبين روكاح “إنهم يحاولون العودة إلى العمل أو الدراسة أو العلاقات، لكنهم يجدون صعوبة، وهذه الفئة هي التي ستقود المجتمع الإسرائيلي، لذلك يجب أن نمنحها استجابة حقيقية”.

وحسب المعطيات، فإن الجنود النظاميين والاحتياطيين وأسرهم من بين الفئات الأكثر تضررا، إذ يبلغ الاستخدام الخطِر بين الجنود 1 من كل 3.

أما الأزواج والزوجات فيعانون معدلات أعلى من الإدمان، إذ سجلت زيادة بنسبة 170% في استهلاك الكحول، و180% في القنّب الهندي (الحشيش)، و250% في المواد الأفيونية.

وتؤكد روكاح أن دوائر الأذى تتسع ليس فقط لمن شاركوا في القتال، بل أيضا لعائلاتهم، وهو ما يدعوا للقلق.

وتقول روكاح “في البداية، استخدم الناس الكحول أو التدخين لتخفيف التوتر بعد الصدمة، لكن بعد عامين أصبح الإقلاع أصعب بكثير. لا يمكن معالجة الصدمة دون معالجة الإدمان، فالفصل بينهما يخلق ثغرة خطِرة”.

وتروي حالة لأحد جنود الاحتياط كتب لها قبل دخوله غزة “أرتدي درعي، أغلق قلبي، نلتقي بعد 3 أشهر”، وتعلق على ذلك بالقول “هؤلاء يعودون من الحرب، فيسقط الدرع، وتبدأ الصدمة الحقيقية بالظهور”.

ويخلص تقرير “يديعوت أحرونوت” إلى أن الحرب قد تنتهي ميدانيا، لكن آثارها النفسية والاجتماعية ستظل حاضرة لسنوات طويلة.

ففي الوقت الذي تواصل فيه “إسرائيل” إعلان “النصر” العسكري، يواجه مجتمعها معركة داخلية صامتة ضد الإدمان والاضطرابات النفسية، حيث لم تعد القنابل والدمار في غزة وحدها هي المشكلة، بل أيضا الخراب الداخلي في نفوس الإسرائيليين أنفسهم.

شاهد أيضاً

رئيس الوزراء يشدد على دور القطاع الخاص في الانخراط بجهود التعافي والإعمار في غزة

شفا – شدد رئيس الوزراء محمد مصطفى، على الدور الهام والمحوري للقطاع الخاص الفلسطيني في …