10:40 مساءً / 13 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

العرض العسكري في بكين : قوة السلام وإشارة للتنمية ، بقلم : تيان جيانينغ

العرض العسكري في بكين : قوة السلام وإشارة للتنمية ، بقلم : تيان جيانينغ

في 3 سبتمبر 2025، نظّمت الصين عرضا عسكريا مهيباً لإحياء الذكرى الـ80 للانتصار في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، حيث ظهرت المعدات العسكرية إلى جانب حمائم السلام في مشهد واحد، ليجسد مفهوم الصين القائم على “حماية السلام بالقوة”. وكما شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ: إن البشر جميعا سكان لكوكب واحد، ما يحتّم عليهم أن يقفوا معاً في أوقات الشدة، وأن يعيشوا معاً في تناغم، وألا يعودوا أبدا إلى قانون الغاب حيث يصير الضعيف فريسة للقوي.

ومن أجل ضمان استمرار مسيرة العالم في الاتجاه الصحيح، طرحت الصين أربع مبادرات، ولا سيما “مبادرة الحوكمة العالمية” التي أُعلنت في الأول من سبتمبر، والتي رسمت مسار تطور منظومة الحوكمة العالمية في المستقبل، وحددت المبادئ التوجيهية الأساسية لها. أما عرض الثالث من سبتمبر، فقد قدّم للعالم صورة واضحة عن قوة الصين العسكرية، وأسّس قاعدة داعمة فعّالة، لتمنح العالم في هذه المرحلة المضطربة عند مفترق الطرق طاقة جديدة تدفعه قدما نحو الاتجاه الصحيح.

شهد هذا العرض العسكري الكشف عن أسلحة ومعدات متقدمة مثل الصواريخ الفرط صوتية، و”الثالوث” النووي، وأنظمة القتال غير المأهولة، ما أثار اهتمام المجتمع الدولي. سواء كانت ردود الفعل “إعجابا” أو “قلقا”، فإنها جميعا تعكس أن العالم قد شاهد قفزة الصين في مجال تحديث الدفاع الوطني. كل المعدات المشاركة هذا العام هي معدات قتالية رئيسية محلية الصنع، بنسبة 100% إنتاج وطني، وهو ما يعكس جهود فرق البحث العلمي التي نجحت في تجاوز “العُقد الخانقة”. وكما قال كبير المهندسين لإحدى عربات الاقتحام الجديدة في قوات المشاة: إن فريقهم البحثي، بمتوسط عمر 32 عاما، تمكن خلال ثلاث سنوات فقط من اجتياز مسار تقني احتاجت إليه الدول المتقدمة عشر سنوات.

إن الظهور المكثف لـ “قوى جديدة” في مجالات حديثة مثل الأنظمة غير المأهولة والذكية، والقتال تحت الماء، والهجوم والدفاع الإلكتروني والسيبراني، بالإضافة إلى الأسلحة التقليدية البرية والبحرية والجوية – لا يُظهر فقط الإنجازات الكبيرة في الابتكار المستقل، بل يُشير أيضا إلى اعتماد الصين على نفسها في التقنيات الرئيسية، وتأسيس نظام صناعي دفاعي وطني شامل. ويُمثل هذا قفزة عسكرية إلى الأمام، وبيانا اقتصاديا في آن واحد: تكتسب الصين قوة تفاوضية ومرونة أكبر في السلسلة الصناعية العالمية.

لا تقتصر الاختراقات في التكنولوجيا العسكرية داخل أسوار المعسكرات، بل تدفقت بسرعة إلى مجالات الاقتصاد والمجتمع الأوسع، لتولّد صناعات ناشئة لا حصر لها. على سبيل المثال “نظام بيدو للملاحة”. هذا الكنز الوطني، الذي تم تطويره في الأصل لأغراض عسكرية، أصبح الآن مدمجا بعمق في الحياة اليومية. من تحديد المواقع الدقيق للهواتف الذكية إلى الإدارة السلسة للدراجات المشتركة، ومن تحسين كفاءة التوزيع اللوجستي إلى البذر الدقيق في الزراعة، تجاوزت قيمة الإنتاج المدني لنظام بيدو 500 مليار يوان صيني بحلول عام 2023، مما يجعله مثالا نموذجيا للتكامل العسكري-المدني.

مثال آخر هو الهلام الهوائي العسكري، الذي استخدم في الأصل للعزل الحراري الصواريخ، والذي يتم تطبيقه الآن بنجاح في حماية بطاريات المركبات التي تعمل بالطاقة الجديدة، مما يقلل بشكل فعال من خطر حرائق المركبات الكهربائية ويدفع ترقية السلسلة الصناعية ذات الصلة. يشير كل كشف عن المعدات إلى ترقية سلسلة صناعية كاملة وإنشاء سوق جديدة.

في الوقت نفسه، فإن تقنيات مدنية متقدمة مثل اتصالات الجيل الخامس، والحوسبة السحابية، والبيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، تواصل تغذية عملية بناء الجيش وتسريع خطاه نحو الذكاء. هذا التفاعل المتبادل جعل من الدمج العسكري–المدني مصدرا مهما للقوى الإنتاجية الجديدة النوعية في الصين، ووفّر زخما متجددا لتنمية الاقتصاد.

والأهم من ذلك، أن هذا النموذج من التكامل العسكري–المدني أظهر أيضا إمكانات كبيرة في التعاون الدولي. فقد خدم نظام بيدو دول مبادرة “الحزام والطريق” في مجالات النقل والزراعة والإنذار المبكر للكوارث؛ كما أصبحت الطائرات بدون طيار وتقنيات الطاقة الجديدة مجالات تعاون ناشئة بين الشركات الصينية وشركائها في الشرق الأوسط وإفريقيا. إن “القوة الصلبة” التي عرضتها الصين في ساحة العرض العسكري، تتحول عبر التدفقات التكنولوجية والتعاون الصناعي إلى “قوة ناعمة” تعزز الترابط العالمي والتنمية المستدامة.

قبل 80 عاما، حققت الصين النصر في الحرب بتضحيات جسيمة؛ وبعد 80 عاما، وبقوة أكبر تحمي الصين السلام الذي حصلت عليه بصعوبة، وتواصل البحث عن سبل للفوز المشترك مع العالم خلال مسار التنمية. وكما قال الرئيس شي: “الصين ستظل على الدوام قوة من أجل تحقيق السلام والاستقرار والتقدم في العالم.”


فالصين، بفضل قاعدة دفاعية قوية، ومحرك من التكامل العسكري–المدني المتجدد، تجمع بين الأمن والتنمية في مسار واحد، وتستكشف طريقا فريدا نحو التحديث. وبالنسبة للعالم، فإن الصين التي تستطيع أن تحافظ على الأمن وتدفع التنمية معا، قد تكون هي الركيزة المستقرة التي تحتاجها المنظومة العالمية في عصرنا اليوم.

شاهد أيضاً

نائب رئيس مجلس الدولة الصيني يؤكد على الانفتاح والتعاون في قطاع الهندسة

نائب رئيس مجلس الدولة الصيني يؤكد على الانفتاح والتعاون في قطاع الهندسة

شفا – افتُتحت اليوم الاثنين في شانغهاي الجمعية العامة لعام 2025 للاتحاد العالمي للمنظمات الهندسية …