5:16 مساءً / 20 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

استراتيجيات التكيف مع التحول الرقمي في فلسطين ، بقلم: د. عمر السلخي

استراتيجيات التكيف مع التحول الرقمي في فلسطين ، بقلم: د. عمر السلخي

استراتيجيات التكيف مع التحول الرقمي في فلسطين ، بقلم: د. عمر السلخي


التحول الرقمي… حتمية لا يمكن تجاهلها

يشهد العالم ثورة تكنولوجية غير مسبوقة، جعلت من الرقمنة شرطاً لبقاء المؤسسات وتطورها، لم يعد التحول الرقمي خياراً إضافياً، بل أصبح عنصراً وجودياً لزيادة الكفاءة، تعزيز الشفافية، وتمكين المجتمعات. وهنا يبرز مفهوم الاستشراف المؤسسي كأداة استراتيجية تسمح للمنظمات باستباق التغيرات، ورسم بدائل مستقبلية، والتعامل مع المجهول بمرونة.

الواقع الفلسطيني… معوقات الاحتلال ومساحات الفرص

فلسطين تعيش بيئة استثنائية؛ فسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الترددات والاتصالات تعيق تطوير البنية التحتية للإنترنت، كما أن الانقسام السياسي والقيود الاقتصادية يضاعفان التحديات. ومع ذلك، استطاعت مؤسسات فلسطينية أن تخطو خطوات ملموسة:

وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أطلقت الاستراتيجية الرقمية الوطنية (2025–2030) لتعزيز الحكومة الإلكترونية.

وزارة الحكم المحلي وضعت خطة لتحويل البلديات إلى بلديات إلكترونية (e-municipalities).

جامعات مثل النجاح وبيرزيت استثمرت في أنظمة التعليم الإلكتروني بعد جائحة كورونا.

شركات ناشئة في غزة مثل “Unit One” وفرت خدمات برمجة وتعهيد لمؤسسات عالمية، متحدية الحصار.

هذه التجارب تؤكد أن التحول الرقمي في فلسطين ليس مستحيلاً، بل يتطلب رؤية واستشرافاً استراتيجياً.

القطاع العام الفلسطيني: بين الرؤية والتطبيق

تتطلع الحكومة الفلسطينية نحو تعزيز الرقمنة عبر أنظمة الدفع الإلكتروني والخدمات الحكومية الرقمية. لكن ما يعيق التنفيذ هو ضعف الموارد البشرية المتخصصة، والاعتماد الكبير على المانحين، وغياب قاعدة بيانات وطنية موحدة.
الحل يكمن في حوكمة مؤسساتية رقمية قائمة على:

  1. الشفافية والمساءلة.
  2. بناء أنظمة حماية إلكترونية للأمن السيبراني.
  3. شراكات مع القطاع الخاص لتعويض النقص في الإمكانات.

الشباب والريادة… محرك الاستشراف والتحول

يشكل الشباب الفلسطيني أكثر من 60% من السكان، وهم الأكثر تفاعلاً مع العالم الرقمي. مبادرات مثل “فلسطين تبرمج” (Palestine Codes) أو مشاريع العمل الحر على منصات عالمية أثبتت أن الكفاءات الفلسطينية قادرة على اختراق الحدود الافتراضية.


في محافظة سلفيت مثلاً، ظهرت مبادرات شبابية لتسويق المنتجات الزراعية رقمياً، مما ساعد المزارعين على الوصول إلى أسواق جديدة رغم قيود الاحتلال.

أمثلة حديثة (2024–2025) تؤكد الاتجاه الرقمي

الاستراتيجية الرقمية الوطنية 2025-2030: أعلنتها الحكومة لتعزيز الحكومة الإلكترونية والشفافية.

الدفع الرقمي والتضمين المالي: أطلق البنك الدولي مبادرة لتطوير أنظمة دفع سريع ومحافظ إلكترونية في الضفة وغزة، لتقليل الاعتماد على النقد.

الريادة الفلسطينية في المحافل الدولية: شركات ناشئة شاركت في مؤتمر GITEX 2024 في دبي، كما نظم Palestine TechnoPark وبنك فلسطين معرض “The Hive 2025” لدعم الشركات الناشئة محلياً ودولياً.

مبادرات لمواجهة الانقطاع في غزة: توزيع شرائح eSIM عبر مبادرة “Connecting Humanity”، وتقرير “7amleh” 2025 حول الفجوة الرقمية، يثبتان أن التحدي الرقمي يُدار بمرونة وابتكار.

استراتيجيات فلسطينية للتكيف مع التحول الرقمي

  1. تعزيز البنية الرقمية المستقلة: الضغط السياسي والدبلوماسي لتحرير قطاع الاتصالات من هيمنة الاحتلال.
  2. تطوير رأس المال البشري: إدخال مساقات الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات، والتجارة الإلكترونية في الجامعات.
  3. توسيع الريادة الرقمية: إنشاء حاضنات أعمال في المدن والقرى لدعم الأفكار الريادية.
  4. تفعيل الحكومة الإلكترونية: جعل الخدمات الحكومية متاحة عبر التطبيقات والمنصات الرقمية لتقليل البيروقراطية. فلسطين الرقمية ممكنة رغم القيود

الاستشراف المؤسسي ليس ترفاً في الحالة الفلسطينية، بل هو ضرورة وطنية لمواجهة الاحتلال، وتحقيق التنمية المستقلة، وتثبيت الهوية في عالم متسارع. التحول الرقمي قد يكون الأداة الأهم لخلق فلسطين جديدة أكثر قدرة على الصمود والمنافسة، رغم كل المعيقات.

شاهد أيضاً

إسرائيل : عشرات الآلاف يغادرون والحكومة عاجزة

إسرائيل : عشرات الآلاف يغادرون والحكومة عاجزة

شفا – كشف تقرير خاص صادر عن مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست عن أرقام مقلقة …