3:44 مساءً / 13 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

تقرير : مشروع E1 : خطة استيطانية تهدد بفصل الضفة وتهجير التجمعات البدوية

تقرير : مشروع E1 : خطة استيطانية تهدد بفصل الضفة وتهجير التجمعات البدوية

شفا – منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة ، وقع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو اتفاقية مع بلدية مستوطنة “معاليه أدوميم” شرقي القدس، هي الأخطر على مستقبل الضفة الغربية، تتضمن تخصيص نحو 3 مليارات شيكل لمشاريع بنية تحتية، تمهيدًا لبناء أكثر من 7,600 وحدة استيطانية، منها 3,400 وحدة في منطقة “E1”.


تلك الاتفاقية، التي حضرها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ومسؤولون حكوميون آخرون، تعني عمليًا إطلاق أكبر مشروع استيطاني في الضفة منذ عام 2018. ويمتد المشروع على مساحة 12 ألف دونم صودرت من قرى فلسطينية محيطة مثل العيساوية، الطور، العيزرية، عناتا وأبو ديس، بهدف ربط “معاليه أدوميم” بالمنطقة الصناعية “ميشور أدوميم”.

لا للدولة الفلسطينية


لم يترك نتنياهو مجالًا للتأويل، إذ صرح خلال زيارته للمستوطنة أنه “لن تكون هناك دولة فلسطينية… هذا المكان لنا نحن”. وأضاف بأن “الجبهة الشرقية لإسرائيل ليست معاليه أدوميم بل هي غور الأردن”، ما يعكس توجهًا سياسيًا يعتبر الضفة الغربية بكاملها جزءًا من “أرض إسرائيل”.


هذا الموقف يترجم ميدانيًا عبر مشروع “E1”، الذي يمثل ضربة قاضية لحل الدولتين، إذ أن تكثيف الاستيطان في المنطقة سيؤدي إلى قطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة وجنوبها، ويعزل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني. وفي الوقت نفسه، يرسخ المشروع مفهوم “القدس الكبرى” كعاصمة موحدة لإسرائيل.

التجمعات البدوية: الحلقة الأضعف في المواجهة


إلى جانب تداعياته السياسية، يضع المشروع الاستيطاني التجمعات البدوية في محيط القدس على خط النار. هذه التجمعات التي يعيش فيها نحو خمسة آلاف فلسطيني موزعين على أكثر من ١٨ تجمعًا رعويًا، تواجه خطر التهجير القسري والإلغاء من الخريطة.


وقد وثقت منظمة البيدر وجود ١٨ تجمعًا بدويًا داخل منطقة E-1 وفي محيطها، تعرض في تلك التجمعات حوالي ٣٧٠٠ فلسطيني، معظمهم من عشيرة الجِهالين وعشيرة الكعابنة، للمضايقات من قبل المستوطنين والجيش الإسرائيلي.
ووثقت منظمات حقوق الإنسان منذ عام ٢٠٠٨ وحتى ٢٠٢٠: هدم ٣١٥ بناية في ١٠ تجمعات بدوية ضمن E-1، نحو ١٦١ منها سكنية، ما جعل ٨٤٢ شخصًا يُهجرون قسرًا، وأكثر من ٦٠٪؜ من الهدم طال تجمعات مثل خان الأحمر، جبل البابا وأبو نوار. وفيما يلي أبرز التجمعات البدوية المنتشرة في المنطقة:

خان الأحمر: يقطنه نحو ٢٠٠ شخص من قبيلة الجهالين، ويعد رمزًا للمقاومة الشعبية ضد التهجير. إسرائيل تحاول هدمه منذ سنوات بدعوى البناء غير المرخص.

وادي أبو هندي: يضم نحو ٣٠٠ نسمة ويعتمد سكانه على الرعي. موقعه جنوب شرق العيزرية يجعله داخل قلب المخطط الاستيطاني لـ”E1”.

جبل البابا: يقطنه حوالي ٧٠ عائلة بدوية، ويُنظر إليه كموقع استراتيجي لربط معاليه أدوميم بالقدس.

تجمعات الجهالين الفرعية: تنتشر على أطراف عناتا وأبو ديس، ويعيش فيها مئات البدو، معظمهم من لاجئي النقب منذ عام ١٩٤٨.

طبيعة التهديدات


التجمعات البدوية في هذه المنطقة تواجه أربعة مخاطر رئيسية:


التهجير القسري: نقل السكان إلى “مواقع بديلة” قرب مكب نفايات في أبو ديس أو مناطق محاصرة بلا مراعي، وهو ما تصفه منظمات حقوقية بـ”الاقتلاع الثاني”.
انهيار سبل المعيشة: فقدان الأراضي سيقضي على مصدر رزق أساسي قائم على الرعي وتربية الأغنام.
الحرمان من البنية التحتية: رفض سلطات الاحتلال منح تراخيص للبناء أو الخدمات، ما يدفع السكان نحو النزوح القسري.
تغيير ديموغرافي واسع: الهدف الاستراتيجي للمشروع هو تطويق هذه التجمعات وإحلال المستوطنين مكانها، لترسيخ ما يسمى “القدس الكبرى”.

البعد الإنساني والسياسي


استهداف هذه التجمعات لا يقتصر على البعد المكاني، بل يمثل قضية رمزية في الصراع. فهي الأكثر هشاشة والأقل قدرة على حماية نفسها قانونيًا أو ميدانيًا.


الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية حذرت مرارًا من أن إخلاء خان الأحمر أو غيره من التجمعات البدوية قد يشكل “نقلًا قسريًا” يرقى إلى جريمة حرب بموجب القانون الدولي. في المقابل، تبرر إسرائيل خطواتها بأنها “تنظيم للبناء غير المرخص”، فيما يرى الحقوقيون أنها سياسة منظمة لإفراغ الأرض من سكانها الأصليين لصالح المشروع الاستيطاني.

النتائج


مشروع “E1” يمثل تهديدًا استراتيجيًا يقوض أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.
تنفيذ المخطط يعني فصل شمال الضفة عن جنوبها، وعزل القدس الشرقية عن محيطها.
عشرات التجمعات البدوية، وعلى رأسها خان الأحمر، تواجه خطر التهجير القسري في خرق واضح للقانون الدولي.
المشروع يسعى إلى تغيير ديموغرافي واسع يعزز ما يسمى “القدس الكبرى”، ما يفرض واقعًا جديدًا على الأرض.

التوصيات


تحرك دبلوماسي عاجل: على السلطة الفلسطينية والمنظمات الدولية الضغط لوقف المشروع عبر آليات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية.


حماية التجمعات البدوية: إطلاق حملات دولية لاعتبار خان الأحمر وبقية التجمعات “مناطق محمية” لا يجوز المساس بها.
توثيق الانتهاكات: تفعيل دور منظمات المجتمع المدني لرصد عمليات الهدم والتهجير وتقديمها كأدلة قانونية.
ضغط اقتصادي: دعوة الدول المانحة لاتخاذ خطوات اقتصادية ضد الأنشطة الاستيطانية، بما في ذلك مقاطعة الشركات المتورطة.

خاتمة


يمثل مشروع “E1” أكثر من مجرد توسع استيطاني؛ إنه خطة استراتيجية لإعادة رسم خريطة الضفة الغربية على أسس تجعل الدولة الفلسطينية حلمًا بعيد المنال. من خلال فصل الشمال عن الجنوب، وابتلاع محيط القدس، وتهجير آلاف البدو، تُرسم حدود “القدس الكبرى” بالقوة، فيما يتقلص الوجود الفلسطيني إلى جزر معزولة.


في مواجهة هذا الواقع، يبقى السؤال الأكبر: هل ستكتفي الأسرة الدولية بإصدار بيانات إدانة شكلية، أم ستتحرك لحماية ما تبقى من فرص حل الدولتين ومنع تكرار نكبة جديدة بحق التجمعات البدوية والفلسطينيين في قلب الضفة الغربية؟

شاهد أيضاً

يائير لابيد : إسرائيل تنهار وتعيش عزلة دولية

شفا – قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وزعيم المعارضة يائير لابيد أن “إسرائيل” تمر بحالة …