1:14 صباحًا / 12 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

الإعلام الفلسطيني في لبنان .. ، معركة الوعي وحماية الهوية … ، بقلم : د. وسيم وني

الإعلام الفلسطيني في لبنان.. معركة الوعي وحماية الهوية… ، بقلم : د. وسيم وني

الإعلام الفلسطيني في لبنان.. معركة الوعي وحماية الهوية… ، بقلم : د. وسيم وني

لم يعد الإعلام مجرّد وسيلة لنقل الأخبار أو عرض البرامج، بل تحوّل إلى قوة ناعمة تُعيد تشكيل المجتمعات وتوجيه الرأي العام، حتى أصبح مرآة عاكسة لقيم الشعوب ومواقفها ، فالكلمة والصورة والصوت قادرة على رفع منسوب الوعي الجمعي وبناء أجيال واعية، كما يمكن – إن أسيء استخدامها – أن تهدم أسس المجتمع وتشوّه قيمه ، ولهذا يتحمّل الإعلام العربي والفلسطيني خصوصًا مسؤولية مضاعفة في حماية الهوية الثقافية والاجتماعية لشعبنا، وانتقاء ما يُعرض من مضامين، بما يتماشى مع قيمنا الوطنية وأخلاقنا وتاريخنا النضالي والمشروع الوطني الفلسطيني.

الإعلام الفلسطيني في لبنان.. جبهة نضال

يظل الإعلام الفلسطيني في لبنان جبهة متقدمة من جبهات النضال الوطني، وقد عبّر الشهيد القائد ياسر عرفات عن ذلك بقوله: “الإعلام هو جبهة من جبهات نضالنا الوطني، ومن يتحكم بالكلمة يتحكم بالوعي.”


فالإعلام ليس مجرد ناقل للأخبار، بل أداة استراتيجية لحماية الهوية الوطنية، وصون الذاكرة الجمعية، وترسيخ حق العودة والقدس عاصمة دولتنا المستقلة.


إن فهم الإعلام بهذه المعايير يجعل من كل خبر أو منشور أو برنامج جزءًا من الجبهة الوطنية التي تحمي المشروع الوطني الفلسطيني وتواجه محاولات الطمس والتضليل، وتعمل على رفع وعي المجتمع تجاه القضايا المركزية والتحديات التي تواجه شعبنا ومخيماتنا، خصوصًا في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية ومخيماتنا.

الإعلام.. صوت القضية وذاكرة اللجوء

بالنسبة للفلسطيني في لبنان، لم يكن الإعلام يومًا مجرد وسيلة لنقل الخبر، بل ظلّ على الدوام صوتًا للقضية وذاكرةً للجوء، فمن خلال الصحف والإذاعات والفضائيات، وصولًا إلى منصات التواصل الاجتماعي بكافة مسمياتها، استطاع الفلسطيني أن يحافظ على روايته التاريخية ويواجه محاولات التشويه والطمس، فالإعلام هنا ليس ترفًا ولا تزيينًا للواقع، بل خط الدفاع الأول عن هويتنا الوطنية، وحارسًا للأجيال من خطر الاغتراب والذوبان وحارساً للقرار الفلسطيني المستقل وبرنامجنا الوطني.

المخيمات.. بين الحاجة إلى إعلام هادف وخطر الإسفاف

تعيش المخيمات الفلسطينية في لبنان أوضاعًا اجتماعية واقتصادية وإنسانية معقدة، ما يجعلها ساحة مفتوحة أمام الشائعات والأخبار المضللة ، وفي ظل غياب المرجعيات الإعلامية المنظمة، تتحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى المصدر الأول للمعلومة، وهو ما يحمل خطورة كبيرة، فكما يمكن لهذه الوسائل أن تكون نافذة أمل وتواصل، قد تتحول أيضًا إلى أداة فتنة وتشويه للوعي إذا لم تُدار بمسؤولية ووعي.

الإعلام والتواصل.. ساحة لتعزيز الوعي الوطني

على الإعلام الفلسطيني أن يتجاوز دوره التقليدي لينتقل إلى دور أكثر تأثيرًا في التوعية والتثقيف، فيعزز الانتماء الوطني، يشجع على التعليم والعمل التطوعي، ويحارب الآفات الاجتماعية، أما منصات التواصل الاجتماعي فعليها أن تتحول من فضاءات للثرثرة ونشر الشائعات والشخصنة، إلى ساحات للنقاش البنّاء وحماية الوحدة الوطنية ، بحيث تصبح حصنًا للمخيمات في وجه الانقسام ومصدرًا لتعزيز التماسك وصون القرار الوطني المستقل.


كما يجب أن يكون الإعلام الوطني الفلسطيني مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالبرنامج الوطني الفلسطيني، بحيث يشكّل رافعة له وحماية للحقوق والثوابت التي لا تسقط بالتقادم، وعلى رأسها حق العودة والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة. فالإعلام ليس مجرد أداة لنقل الخبر، بل جزء من معركة الهوية والذاكرة الوطنية، ووسيلة لترسيخ الوحدة الداخلية، وتحصين وعي الأجيال ضد مشاريع التذويب والتصفية.

استغلال الإعلام لخدمة المصالح الضيقة

من أخطر التحديات التي يواجهها إعلامنا في لبنان تحوّل بعض المنابر إلى أدوات لخدمة أجندات ضيقة لا تمتّ بصلة للمشروع الوطني ، فحين يتحوّل الإعلام إلى بوق للمصالح الصغيرة أو وسيلة لتصفية الحسابات أو للشخصنة، يفقد رسالته الكبرى ويزرع الفرقة بدل الوحدة، كما أن مخيماتنا لا تحتمل المزيد من الانقسام، ولا يجوز أن يُستغل الإعلام كمنبر لشرذمة الصف الفلسطيني أو خدمة أجندات شخصية على حساب المصلحة الوطنية الجامعة.

الصحافة الصفراء.. معول هدم وتشويه

تتسلّل الصحافة الصفراء إلى واقعنا الفلسطيني لتبث سمومها عبر الإثارة والفضائح بعيدًا عن المهنية والموضوعية في ظل غياب الإعلام الفلسطيني، وهذه الصحافة لا تبني وعيًا، بل تهدم القيم وتغذي الفتنة وتشوه الرموزالوطنية وتحاول الإساءة إليها، وغالبًا ما تكون أداة تخدم أجندات خارجية على حساب القرار الفلسطيني المستقل والبرنامج الوطني .

كما ان غياب الإعلام الفلسطيني المنظم والمهني فتح المجال أمام الصفحات الصفراء لتملأ الفراغ ببث السموم وتزييف الرواية الفلسطينية، فبدل أن يكون الإعلام ساحة لتوحيد الموقف وصون الهوية، تحوّل بعضه إلى أداة للتضليل وإشاعة الفتنة داخل المخيمات، هذا الواقع أضعف حضورنا الإعلامي أمام أي مواجهة سياسية أو إعلامية مع هذه الصحافة، وأفقدنا القدرة على إيصال رسالتنا الوطنية بالشكل المطلوب ، ومن هنا تبرز الحاجة الملحة لإعلام فلسطيني مسؤول وموحّد، قادر على مواجهة التضليل، وصون الرواية الوطنية، وحماية وعي الأجيال من محاولات الطمس والتشويه.

الإعلام وحق العودة.. الرواية لا تسقط بالتقادم

من أعظم أدوار الإعلام الفلسطيني في لبنان أنه يرسّخ حق العودة في وعي الأجيال المتعاقبة، فالرواية الفلسطينية ليست قصة من الماضي، بل حاضر متجدد يذكّر بأن اللجوء حالة مؤقتة، وأن فلسطين هي الهدف والبوصلـة، إن كل خبر أو برنامج أو مقال يساهم في إبقاء حق العودة حيًا في الضمير الجمعي، كحق قانوني وتاريخي لا يسقط بالتقادم ولا تلغيه القوة ،وهكذا يصبح الإعلام حارسًا لذاكرة المخيمات ورافعًا لواء العودة في مواجهة مشاريع التذويب والنسيان.

الأخلاق الإعلامية.. واجب ومسؤولية

لا تنفصل الرسالة الإعلامية عن الأخلاق وعلى الإعلاميين والناشطين الفلسطينيين أن يتحلّوا بالمسؤولية في ما ينشرون، وأن يبتعدوا عن الشائعات التي تهز الثقة وتضرب وحدة الصف، فالمعلومة الكاذبة ليست مجرد خطأ، بل خيانة للوعي الجماعي، الإعلام الحقيقي هو الذي يُعلي قيمة الحقيقة ويجعلها سلاحًا لمواجهة الاحتلال وأدواته.

وختاماً إن الإعلام الفلسطيني في لبنان مدعوّ اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن يكون شريكًا أصيلًا في المشروع الوطني الفلسطيني وحماية القرار الفلسطيني، ملتزمًا بثوابته الكبرى: الحرية، العودة، الاستقلال وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .


فالمسؤولية الإعلامية لا تقف عند حدود نقل الخبر، بل تمتد لتكون جزءًا من معركة الدفاع عن الهوية الوطنية وحماية وحدة القرار المستقل وصون الذاكرة الجمعية. إن الإعلام المهني المسؤول هو الذي يرسّخ الوحدة ويعزز التماسك، ويتجاوز الصحافة الصفراء وأدوات الفتنة، ليبقى منبرًا يعكس آمال شعبنا وآلامه ويحافظ على البوصلة نحو فلسطين والقدس عاصمتها الأبدية.

فالإعلام المنحاز للحقيقة والعدالة، الرافض للتزييف والإسفاف، هو وحده القادر على ترسيخ الوعي وحماية القرار والبرنامج الوطني الفلسطيني ومنح الأجيال القادمة الثقة بأن فلسطين ستبقى قضيتهم المركزية حتى العودة والتحرير وبناء دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة كل اللاجئين إلى أراضيهم التي هجروا منها ودحر الاحتلال .

  • – د. وسيم وني – عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين .

شاهد أيضاً

اللواء د. كميل يوجه نداء عاجل للمجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية لوقف العقوبات الجماعية بحق ابناء محافظة طولكرم

اللواء د. كميل يوجه نداء عاجل للمجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية لوقف العقوبات الجماعية بحق ابناء محافظة طولكرم

شفا – وجه محافظ طولكرم اللواء د. عبد الله كميل نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي، والجمعية …