
شفا – سامح الجدي ، في قطاع غزة، حيث يختنق أكثر من 2.3 مليون نسمة في شريط ضيق محاصر لا تتجاوز مساحته 365 كيلومترًا مربعًا، لم تعد هناك مساحات أو أراضٍ فارغة قادرة على استيعاب موجات النزوح المتكررة. ومع استمرار الحرب الإسرائيلية ودمار عشرات آلاف الوحدات السكنية، يجد آلاف المواطنين أنفسهم مجبرين على النزوح نحو مناطق خطرة أو غير صالحة للعيش.
النزوح نحو الخطر
في أطراف غزة الشرقية والشمالية، تنتشر تجمعات لعائلات نزحت قسرًا من منازلها. هذه المناطق تُعد الأكثر تعرضًا لإطلاق النار أو الاجتياحات، لكن العائلات الفقيرة والنازحة لم تجد بديلًا.
يقول المواطن أبو أحمد (45 عامًا)، نازح من بيت حانون: “أبحث عن مأوى لعائلتي منذ أشهر.. لم نجد مكانًا سوى أرض فارغة قرب الحدود. نعيش بخوف دائم من الرصاص، لكننا بلا خيار آخر”.
ضيق جغرافي ومخاطر إنسانية
وفق تقديرات المركز الفلسطيني للإحصاء، يعيش في كل كيلومتر مربع من غزة أكثر من 6,000 نسمة، وهي كثافة من الأعلى عالميًا. هذا الواقع يجعل البحث عن مساحات بديلة شبه مستحيل، خاصة مع استمرار الحصار الذي يمنع التوسع العمراني أو استصلاح الأراضي.
خبير في مجال التخطيط الحضري، يوضح: “الكثافة السكانية غير الطبيعية، ودمار البنية التحتية، وغياب خطط إيواء عاجلة، كلها عوامل دفعت السكان للنزوح إلى فراغات مهما كانت خطورتها. هذا يهدد بوقوع كوارث إنسانية وأمنية”.
أسعار باهظة وخيارات معدومة
إلى جانب الخطر الأمني، تُعد الأزمة الاقتصادية وارتفاع الإيجارات سببًا رئيسيًا وراء نزوح السكان إلى مناطق مهددة. حيث وصل إيجار منزل صغير في غزة إلى مستويات قياسية، وهو ما لا يقدر عليه آلاف النازحين الذين فقدوا مصادر دخلهم.
تقول أم محمد (38 عامًا)، نازحة من شرق غزة: “بحثت عن بيت للإيجار لشهريْن.. أقل طلب كان 500 دولار، وهو مبلغ خيالي. اضطررنا للسكن في منزل نصف مدمر لا سقف له، لكنه أهون من التشرد في الشوارع”.
دعوات لحلول عاجلة
المؤسسات الحقوقية والإنسانية حذرت من تفاقم الأزمة، مؤكدة أن النزوح نحو مناطق خطرة قد يؤدي إلى “مآسٍ جماعية”. وطالبت بإنشاء مخيمات إيواء آمنة ومنظمة، وبالضغط الدولي لرفع القيود التي تمنع أي توسع عمراني أو إعادة إعمار.
المراقبون يرون أن غياب الحلول الاستراتيجية يعني أن الأزمة ستظل تتفاقم، وأن المواطن الغزي سيدفع ثمنًا مضاعفًا بين الخوف اليومي من الموت، وضيق المكان، وغياب الأمان السكني.