الدكتور الفاضل أحمد خولي … ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الدكتور الفاضل أحمد خولي … ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

ثمة أشخاص يمرّون في حياتنا كنسمة عليلة في صيف قائظ، يحملون إليك راحة القلب وسكينة الروح، ويتركون في داخلك أثراً لا يُمحى. ومن بين هؤلاء الذين شرّفني القدر بلقائهم، كان الدكتور أحمد خولي، الرجل الذي يستحق أن يُقال عنه: إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

منذ اللحظة الأولى التي رأيته فيها أثناء مقابلتي للتوظيف في جامعة النجاح الوطنية الفلسطينية، الجامعة التي أتشرف بالانتماء إليها، شعرت أنني أمام أخٍ كبير، لا أمام لجنة مقابلة. كان حضوره مريحاً، كنسمةٍ تُطفئ رهبة اللحظة، وصوته دافئاً يبعث الطمأنينة في نفسي. تبادلنا الحديث حول الأبحاث، فكان حديثه مشجعاً، مليئاً بالثناء الذي لا يرفعك غروراً، بل يدفعك للأمام.

وبينما كنت أتهيأ لأسئلة المقابلة الاعتيادية، قال لي جملة لن أنساها ما حييت:

“إن شاء الله يا دكتورة، تكونين معنا قريباً زميلة… فأنا أحب مصلحة طلابي، ولأن تميزك البحثي والعلمي سيكون خيراً لهم، وأنا أشهد الله أنني أحب أن أعطي الفرص للجميع بما يرضي الله.”

كلمات قليلة، لكنها بالنسبة لي كانت كالمفتاح الذي يفتح أبواب الأمل، وكاليد التي تمتد لتدفعك نحو بداية الطريق. لقد أدركت حينها أنني أمام إنسان لا ينظر إلى المنصب ككرسيٍّ يُعلي شأنه، بل كأمانة يُسأل عنها، وأمام رجل يرى في التواضع رفعة، وفي العطاء سموّاً، وفي خدمة الطلبة عبادة.

نعم… إنما الإنسان أثر. وأثر الدكتور أحمد خولي طيب وجميل، كعبير يظل عالقاً في المكان بعد رحيل صاحبه. أثر يذكّرك أن التواضع لا ينتقص من المكانة، بل يزيدها رفعة، وأن من يتقِ الله في منصبه يُبارَك له فيه، فيغدو أثره ممتداً في قلوب من حوله.

لقد التقيت في مسيرتي بالكثير من الناس، لكنني آثرت أن أكتب دوماً عن الجانب الإيجابي فقط، لأن الفضل لا يُنسى، ولأن العرفان بالجميل خُلق لا يسقط بالتقادم. ومن الجميل أن نتذكر دائماً من كانوا معنا في أول الطريق، ومنحونا الفرصة الأولى، فهؤلاء أثرهم خالد، لا يموت.

فيا دكتور أحمد، لك من اسمك نصيب، فأنت خوليٌّ في أثرِك، كريمٌ في عطاءك، نقيٌّ في نيتك، وطيبٌ في خُلقك. جزاك الله خيراً على إنسانيتك، وبارك في علمك وعملك.