
المشاركة العلمية في المؤتمرات الواقع والتطلعات ، بقلم : د. محمود حسين
تهدف المؤتمرات العلمية إلى تعزيز البيئة العلمية داخل المجتمعات من خلال دعم حركة البحث العلمي ونشر نتائجه. وتُعد هذه المؤتمرات منصة تجمع الباحثين والمتخصصين في المجالات المختلفة، مما يسهم في تبادل الخبرات والأفكار، ويُفضي إلى تعاون علمي مثمر يُنتج عنه دراسات وأبحاث جديدة. كما تُتيح هذه المؤتمرات فرصة لعرض الاكتشافات أو الظواهر المستجدة، وتسليط الضوء على فوائدها أو تقديم حلول للتحديات المرتبطة بها، بالإضافة إلى رفع مستوى الوعي بالمخاطر المحتملة المرتبطة بها.
أهمية المؤتمرات العلمية
تقدم المؤتمرات العلمية خدمة كبيرة لباحثين و الأكاديميين المشاركين فيها حيث :
- تزيد من اطلاع المفكر أو الباحث الأكاديمي المشارك على التغيرات و الأحداث العلمية المتطورة باستمرار في مجال تخصصه , و تعزز الثقة لديه بالبحث الذي بين يديه والنتائج التي توصل لها.
- إشهار اسم الباحث والتعريف بنفسه لدى المهتمين وأهل الخبرة .
- يدعم المؤتمر العلمي ثقة الباحث العلمي بنفسه و خصوصا عند عرض بحثه أمام نخبة من المختصين و الباحثين في نفس المجال .
- فرصة للباحث للتعلم من الأخرين من خلال معرفة أساليب التحليل و الطرق التي اتبعوها في دراساتهم وعرض البيانات والنتائج التي توصلوا إليها .
- الاجتماع و اللقاء مع المختصين و ما ينعكس عنه من التعلم المباشر و بناء علاقات أكاديمية .
- الملاحظات المقدمة في النقاشات و الدراسات التي يلقيها المتحدثين قد تفتح آفاق جديدة لدى الباحث حول موضوع البحث .
- تقدم الأبحاث المنشورة من خلال المؤتمر الدولي للباحثين و الأكاديميين المساعدة في تحصيل علمي أعلى و تساعدهم في تحقيق متطلبات الترقية الوظيفية , كما تعزز مهارات الباحث على الكتابة الأكاديمية و الاستفادة من تحكيم الخبراء لبحثه .
لذلك و فقا لهذه الأهميات ينبغي على كل باحث أو طالب أو مفكر أن يحضر أكثر من مؤتمر علمي لينمي مهارات التواصل و يدخل الساحة العلمية و عالم الاختصاص من أوسع أبوابه , بشرط ملائمة هذا اللقاء لاحتياجاته العلمية أو مهاراته الأكاديمية .
اختيار المؤتمر المناسب
أنت كباحث أو أكاديمي عليك اختيار المؤتمر العلمي المناسب لحضوره و مشاركة و نشرك بحثك فيه , و ذلك وفقاً لعدد من العوامل و المعايير و التي تحقق هدفك و تحدد نجاح مشروعك في التقديم و نشر بحث في هذا المؤتمر العلمي :
- فعلى المتقدم للمشاركة في المؤتمر العلمي معرفة اختصاص هذا الحدث المقام و الجوانب التي يركز عليها و نوعية الأبحاث المشاركة و مستواها العلمي , لأن لا يتقدم لمؤتمر يقدم أقل من مستواه الفكري أو أن تكون الأبحاث المقدمة مكررة و بلا فائدة جديد تعكس سمعة سيئة للمؤتمر و فشل الهدف المرجو من النشر .
- الجهات الداعمة : على الباحث التعرف على الجهات المنظمة للمؤتمر و الداعمة له مما يعرف بجودة و مصداقية هذا اللقاء , فبعض المؤتمرات العلمية تقام باسم الجامعة و هذه في الغالب هدفها تحقيق المنفعة العلمية و التعاون الأكاديمي , و بعض المؤتمرات تقام باسم مؤسسات أو منظمات و قد يكون هدفها من عقد هذا اللقاء في بعض الأحيان الدعاية و التعريف بها و بمجالاتها أو الترويج لمنتج ما و في بعض الأخرى قد يكون هدفها العلمي حقيقي و تسعى للتعريف بقدرات المنتسبين إليها و دعم قدراتهم و إيجاد الحلول لمشكل المجتمع .
- نطاق المؤتمر : يعتبر هذا الجانب مهم بالنسبة للكثير من المتقدمين لحضور المؤتمرات العلمية و ما ينعكس عنه بما يتعلق بالأبحاث العلمية المقدمة , فالمشاركة في مؤتمر علمي محلي ليس كجودة المؤتمرات العلمية الدولية و التي تقيم لقاءات بين أكبر الأسماء العلمية العالمية و تعطي فرصة للمشاركين الجدد و غير المعروفين بالانطلاق إلى العالمية و تقديم نتاجهم الفكري أمام هذه النخبة , و نشر بحث في مؤتمر دولي له الحصة الأكبر و الشهرة الأوسع بالامتيازات العلمية .
- الثقة : تتميز المؤتمرات العلمية عن غيرها من الندوات و اللقاءات بالموثوقية و المصداقية , و على الرغم من قلة عدد المؤتمرات العلمية التي دعمت عملية التحكيم إلا أن الحاجة الملحة لها استدعت قياما حديثاً حتى أصبحت اليوم من أهم ميزاتها و التي تفوقت فيها عن باقي وسائل النشر الأخرى بما في ذلك المجلات العلمية و التي قد ماثلتها بجودها و لكنها تأخرت عنها في سرعة الرد على الأبحاث المقدمة للتحكيم و النشر فيها .
- لغة المؤتمر العلمي و هذا ما قد يفرق المؤتمرات العلمية عن غيرها من وسائل التواصل العلمي و سبل النشر , فهو عامل التواصل المباشر بين المشاركين في المؤتمرات العلمية و هنا يأتي دور اللجان المعدة و المنظمة لهذه المحافل و التي تكون غالباً دوليه عن طريق تأمين مترجمين مختصين و فرض على الباحثين تقديم ملخص بعدة لغات مع أوراقهم العلمية المقدمة للنشر .
- وقت المؤتمر : يحدد وقت انعقاد المؤتمر العلمي عن طريق اللجنة المختصة بالإعداد و التنظيم و التي تدرس الوقت الملائم حسب الشريحة المدعوة و المشاركات المعنية في حضور هذا الحدث , و ذلك بحيث لا يتضارب مع مصلحة الحضور و أوقات عملهم , و على المتقدم للمشاركة معرفة ذلك قبل التقديم بطلب المشاركة .
- إمكانية النشر و الجهات الناشرة : قد تقوم بعض المؤتمرات العلمية بالتحكيم من أجل مصداقية البحث العلمي المشارك فيها دون النشر و بعضها يهتم بنشر هذه الأبحاث في ملحق المؤتمر العلمي و الذي يسمى ” واقع أعمال المؤتمر ” و البعض الآخر يلجأ إلى المجلات العلمية المحكمة للتعاقد معها لتحكيم و نشر الأبحاث المشاركة فيه , لذلك على الطالب الأكاديمي أو الباحث التعرف على ما إذا كان هذا المؤتمر يوفر ميزة النشر من خلاله قبل التقديم و المشاركة .
- فترة التقديم : تعطي الأولوية في المشاركة في المؤتمرات العلمية للأساتذة و الخبرات العلمية التي قدمت سابقاً دراسات غيرت من واقع المجتمع و يأتي بعد ذلك أهمية الدراسة المقدمة و أسبقية التقديم , فعلى الباحث دراسة موضوع و اختصاص المؤتمر العلمي المعلن عنه و الضوابط و القواعد المحددة للأوراق البحثية المشاركة , فإذا كان المؤتمر يوافق رغباته و يتوافق مع ضوابطه فعليه الإسراع في إرسال البحث و التقديم .
تتميّز المؤتمرات العلمية باحتوائها على مجموعة من الفعاليات المصاحبة التي تضيف قيمة مضافة وتُحفّز الباحثين على المشاركة لعرض إبداعاتهم وأبحاثهم العلمية. وتُعد ورش العمل من أبرز هذه الفعاليات، حيث تُوفّر مساحة مناسبة لعرض الاكتشافات والدراسات ذات الطابع التطبيقي على أرض الواقع، أمام جمهور من المهتمين والمتخصصين، وحتى المتشككين في جدوى الدراسة. ويقوم الباحثون بالتنسيق مع اللجان المنظمة للمؤتمر لتنظيم هذه الفعالية بما يضمن تحقيق أهدافها العلمية والتطبيقية.