
الطريق إلى سلفيت… بوابات الموت البطيء ، بقلم: د. عمر السلخي
على امتداد الطريق الرئيسي شمال غرب سلفيت، تتراكم المعاناة يومًا بعد يوم، وتتحول الشوارع إلى مشاهد يومية من الإهانة والضرب والاحتجاز، بفعل ممارسات جيش الاحتلال المتمركز خلف المكعبات الإسمنتية عند مداخل البلدات والقرى الفلسطينية.
في تلك المنطقة التي تُعد شريانًا حيويًا يصل سلفيت بالقرى المجاورة ومدينة نابلس، يمارس الاحتلال سياسة العقاب الجماعي بلا هوادة. ومنذ استبدال جنود الحراسة على المفارق قبل أيام قليلة، بات المشهد أكثر سوداوية. الجنود الجدد، والذين يُرجح أنهم من وحدة “المظليين” التي قاتلت في غزة، لم يأتوا بزيهم العسكري فقط، بل حملوا معهم حقدًا متجذرًا تُرجم إلى ضرب وتنكيل واستفزاز غير مبرر بحق المدنيين.
تحت الشمس… وابل من التنكيل والإهانات
شهود عيان ومواطنون مروا من الحواجز، أكدوا أن الجنود يتعمدون إيقاف السيارات الفلسطينية دون سبب، وإنزال الركاب منها، وتكبيلهم وإلقائهم على الأرض لساعات تحت الشمس الحارقة، وسط شتائم وضرب مهين، وتفتيش تخريبي للمركبات، وصل حد سرقة مبالغ مالية ومقتنيات شخصية.
هؤلاء الجنود لا يترددون في اعتقال الشبان لمجرد الاشتباه أو الاشتباه الملفق، ولا في إذلال كبار السن والنساء، وسط غياب تام لأي رقابة دولية أو تدخل منظمات حقوق الإنسان.
أسئلة بلا إجابات… وتعليمات بلا وجه حق
حتى اللحظة، لا تتوفر معلومات دقيقة حول أسباب هذا التصعيد غير المبرر، ولا عن هوية الضابط الذي أصدر التعليمات الجديدة. لكن ما هو مؤكد بحسب شهادات الضحايا، أن الجنود الجدد هم من أوساط المستوطنين المتطرفين، ممن يعتبرون الفلسطينيين “أهدافًا مشروعة” لتفريغ عقدهم وعنفهم.
حواجز تحول الجغرافيا إلى سجن مفتوح
الواقع في محافظة سلفيت لا يقتصر على الحواجز فقط ، بل بوابات حديدية تُغلق دون إنذار، مكعبات إسمنتية تشطر الطرق، نقاط تفتيش متحركة، وجنود مدججون بالسلاح يوزعون الإذلال على سكان قرى وبلدات المحافظة . كل هذه الإجراءات تحوّل التنقل إلى مغامرة يومية محفوفة بالخطر والمهانة.
من المسؤول؟
ليست هذه مجرد تصرفات فردية من جنود “متهورين”، ما يجري هو جزء من سياسة إسرائيلية ممنهجة هدفها تفكيك الحياة الفلسطينية، وزرع الرعب في قلوب الأهالي، ودفعهم نحو الهجرة القسرية أو الانكفاء عن أراضيهم.
هذا الواقع يتطلب موقفًا فلسطينيًا رسميًا وشعبيًا موحدًا، كما يستدعي تحركًا عاجلًا من قبل المؤسسات الحقوقية الدولية لوقف هذا التدهور الخطير في أوضاع حقوق الإنسان.
في محافظة سلفيت، لا تنتهي الحكاية عند حاجز… بل تبدأ منها، لأن الاحتلال لا يحاصر الأرض فحسب، بل يحاصر الكرامة والإنسان والحلم. وكل بوابة يُغلقها الاحتلال، يفتح الفلسطيني أمامها بابًا جديدًا للمقاومة والصمود.