11:21 مساءً / 25 يوليو، 2025
آخر الاخبار

الإعلام الرسمي الفلسطيني ، بين نيران الاحتلال وسهام التشويه ، بقلم : معروف الرفاعي

معروف الرفاعي

الإعلام الرسمي الفلسطيني ، بين نيران الاحتلال وسهام التشويه ، بقلم : معروف الرفاعي

في الوقت الذي تتساقط فيه القذائف الإسرائيلية على رؤوس الأبرياء في غزة، وتتحوّل الكاميرا إلى سلاح مقاومة، يواصل الإعلام الرسمي الفلسطيني أداءه الوطني والمهني في أصعب الظروف، متحديًا الحصار والقصف والانقسام والأزمات المالية، وإعلاميون وإعلاميات يخاطرون بحياتهم يوميًا من أجل نقل الحقيقة وفضح جرائم الاحتلال، ويقدّمون في سبيل ذلك قوافل من الشهداء والجرحى والأسرى، بينما تنهال عليهم، في مفارقة مؤلمة، اتهامات عبثية لا تستند إلى أي معلومة ولا إلى أي حد أدنى من النزاهة.


منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر 2023، استُشهد عشرات الصحفيين الفلسطينيين، بينهم مراسلون ومصورون يعملون في مؤسسات الإعلام الرسمي، وعلى رأسها تلفزيون فلسطين ووكالة الأنباء الرسمية “وفا”، وإذاعة صوت فلسطين، ولم يكن هؤلاء مجرد ناقلين للحدث، بل أصبحوا جزءًا من الحدث ذاته؛ يسكنون تحت القصف ويصوّرون من بين الركام، ويصرخون في وجه العالم بكلمات الحقيقة والدم.


في كل مرة يسقط فيها شهيد من أبناء الأسرة الإعلامية، يُطرح سؤال كبير: لماذا يستهدف الاحتلال الصحفي الفلسطيني؟ الجواب واضح وبسيط: لأنه شاهد حقيقي لا يمكن تدجينه، وكلمته وصورته تحرّك الضمير العالمي وتفضح الجريمة.


رغم كل ما سبق، ورغم أن مؤسسات الإعلام الرسمي تعمل في بيئة سياسية وأمنية ومالية تكاد تكون مستحيلة، يصرّ بعض الأصوات على تشويه صورتها، عبر ترويج اتهامات مضلّلة وغير موثقة، كمن يدّعي أن “مئات الآلاف من الدولارات تُصرف على مكياج المذيعات”، ففي وقت يُدفن فيه الزملاء تحت الركام، وفيما يُحاصر العاملون داخل مكاتبهم في ظل انقطاع الكهرباء والإنترنت وتردّي الظروف، تُطلق هذه الاتهامات لتقود نقاشًا عبثيًا يبتعد بنا عن جوهر المعركة.


لا أحد يُنكر أن الإعلام الرسمي بشكل خاص بحاجة دائمًا إلى تطوير ومراجعة ونقد بنّاء، لكن أن يتحول النقد إلى تشهير، وأن يُوجّه السهم إلى من يقف في الخندق الأمامي للمعركة الإعلامية، فتلك طعنة في الظهر، وخدمة مجانية للاحتلال.


العمل الإعلامي الفلسطيني يعيش حالة استثنائية، ففي غزة، يغيب الأمن والوقود والماء والاتصال، لكن الصوت لا ينقطع والصورة لا تغيب، وفي القدس، يلاحَق الصحفيون وتُصادر معداتهم وتُغلق مؤسساتهم، ومع ذلك يواصلون التغطية رغم أنف الاحتلال، وفي الضفة الغربية، تواجه الطواقم الإعلامية حواجز الاحتلال والاعتقالات والملاحقات.


أما على الصعيد المالي، فمؤسسات الإعلام الوطني تعاني من أزمة حقيقية، رواتب متأخرة، إمكانيات محدودة، وإنتاج ضخم مطلوب في كل لحظة، لكن الرسالة لا تتوقف، وفي ظل هذا كله، لا يزال تلفزيون فلسطين يبث برامجه، وتبث “وفا” أخبارها، وتستمر الإذاعات الوطنية وعلى رأسها إذاعة صوت فلسطين في توصيل صوت الأرض والناس.


مؤسسات الإعلام الرسمي ليست ديكورًا ولا رفاهية، بل هي مؤسسات وطنية يجب أن تُحمى، لا لأنها بلا أخطاء، بل لأنها تُعبّر عن رواية شعب، وتوثّق نضاله، وتواجه ماكينة إعلامية إسرائيلية ضخمة، مدعومة ماليًا وتقنيًا وسياسيًا من قِبَل قوى كبرى.


من يهاجم هذه المؤسسات دون وعي، يُضعف جبهة الصمود الإعلامي الفلسطيني، ويخدم – عن قصد أو جهل – أهداف الاحتلال في إسكات الصوت الفلسطيني وتشويش صورته.


أخيرا، في معركة الوعي، لا يقل الإعلام خطورة عن الجبهة العسكرية، وما دامت إسرائيل تستهدف الإعلام الفلسطيني، فهذا اعتراف بقوته وتأثيره، ولهذا، لا بد أن نقف جميعًا خلف إعلاميينا، لا أن نغرق في جدالات سطحية حول “المكياج” في وقت تُسفك فيه الدماء ويُهدم فيه الوطن.


الوقت ليس للنقد العبثي، بل للتكاتف، وبدلًا من بث الشائعات، فلنرفع صوتنا عاليًا دعماً لمن ينقلون وجعنا، ويكتبون الحقيقة بدمائهم.


– معروف الرفاعي – سياسي واعلامي مقدسي

شاهد أيضاً

برصاص مستوطن

إصابة طفل برصاص مستوطن في قرية المغير شمال شرق رام الله

شفا – أصيب طفل برصاص مستوطن، مساء اليوم الجمعة، في قرية المغير، شمال شرق رام …