3:39 مساءً / 20 يوليو، 2025
آخر الاخبار

المسرح كصرخة من الجسد العربي الممزق ، قراءة في مسرحية أنين الأرواح للدكتورة ميسون حنا ، بقلم ، الصحفي نضال الخليل

المسرح كصرخة من الجسد العربي الممزق ، قراءة في مسرحية أنين الأرواح للدكتورة ميسون حنا ، بقلم ، الصحفي نضال الخليل

المسرح كصرخة من الجسد العربي الممزق ، قراءة في مسرحية أنين الأرواح للدكتورة ميسون حنا ، بقلم ، الصحفي نضال الخليل


في حضرة الألم العربي المتجدد يظل المسرح أحد الأماكن القليلة التي تحتمل أن تقول ما لا يُقال أن تبوح بما يكتمه الصمت الجماعي لا المسرح ولا النصوص التي تقدمها تُعَدّ تقليدية فهي تراوح بين الفلسفة والوجدان بين الصرخة والتأمل ومن بين هذه الأعمال التي تؤرق تنمو أنين الأرواح كنص لا يطلب فقط أن يُعرض بل أن يُعاش في كل تفاصيله كنزيفٍ مكشوف كجرح لا يلتئم.


هنا حيث الكلمات تُختزل إلى أنين والوجوه تنكسر إلى أشلاء تُطرح أسئلة لا تنتهي:


كيف يمكن للكلمة أن تظل حيّة وسط غياب الأمل؟
وكيف يمكن للمسرح أن يكون شهادة على جرح لا يُشفى؟

أنين الأرواح – المسرح كصرخة من الجسد العربي الممزق


قراءة تأملية في نصّ لا يُعرض، بل يُعاش
في عالم باتت فيه الكلمات بلا مأوى وفي زمن يفقد فيه الزمن معنى الوجود تأتي أنين الأرواح لتذكّرنا بأن المسرح ليس مجرد خشبة تُضاء بل مكان حيث تتفتق الجراح وتتكلم.


هذه ليست مسرحية تنسج سردًا تقليديًا بل هي أزيز الجرح العربي المفتوح الذي لا يقبل أن يُطمس أو يُتجاوز.
تأخذنا المسرحية في رحلةٍ عبر حطام شخصيات ليست سوى ظلّ ذاتٍ منكسرة لا تبحث عن خلاص شخصي بل عن تسجيل حالة مستمرة من الانكسار الجماعي حيث الأم ليست امرأة وحيدة، بل كل امرأة تحمل عبء الألم والصبر، حيث الشاب ليس فردًا، بل تمزق الروح بين البقاء والموت حيث الفتاة ليست حبًا بقدر ما هي مقاومة للحياة التي تُفرَض عليها.


الزمن في أنين الأرواح لا يتقدم بل ينكسر لا سرد متتالي بل سلسلة من الانفجارات التي تأخذنا بعيدًا عن منطق الحكاية المألوفة إلى منطق الذاكرة الحية حيث كل لحظة هي نهاية وبداية في آن واحد.


اللغة هنا ليست وصفًا للأحداث بل جسد يتألّم الكلمات قصيرة متقطعة، كسطورٍ تحاول أن تخرج من بين شظايا الألم حين تقول الفتاة:


“أشتهي الموت!”


فإنها لا تستسلم بل تصرخ عن انسداد الأفق عن النهاية التي ليست سوى بداية لشكل آخر من الصراع.
في هذا النص لا تتخلى السلطة عن صوتها حتى في شكل المذياع ذلك الجلاد الذي يُعيد إنتاج نغمة القتل والإذلال كأمر بديهي كحقيقة لا تحتاج نقاشًا هو الصوت الذي يحاصر الشخصيات ويجعل من الموت نظامًا.
رمزية النص تكشف عن وجه مكشوف لا يرضى بالمجازات الجميلة


الزوجة المغتصبة، الجرح الذي لا يُشفى، العرس المؤجل، ليست معانٍ فقط بل وقائع مُرّة ترفض أن تندفن تحت السرديات الرسمية.


لكن وسط هذا الخراب، ينبثق سؤال الحياة من بين الأنقاض في لحظة تتعلم فيها النساء كيف تُشكّل العنقاء في صوت لا يعلن الانتصار لكنه يؤكد الوجودnالعنقاء هنا ليست أسطورة بل حقيقة حياة تكافح لكي تُقال.
أنين الأرواح ليست فقط نصًا مسرحيًا عن فلسطين أو عن الوطن العربي إنها شهادة من جسد لا يهدأ، لا يرضى أن يموت صامتًا نص يحطم الأضواء ليكشف عن نيران بداخلنا ليذكرنا بأن المسرح لا يحتاج إلى جمهور ليعيش بل إلى شهود على الحقيقة التي لا تقبل التجميل.

الدكتورة ميسون حنا طبيبة وكاتبة -أردنية ولدت عام 1955، تمضي في كتاباتها المسرحية طريقًا يجمع بين الإحساس العميق بالهوية والذاكرة وبين النقد الحاد للواقع العربي.
تعتبر من الأصوات التي رفعت المسرح من مجرد فن ترفيهي إلى فعل مقاومة لا تبتعد عن قضايا الإنسان في زمن تحاصر فيه الأحلام.


من نصوصها التي أسهمت في تشكيل المسرح العربي الحديث : شبّاك الحلوة، مقتل شهرزاد، وعازف الناي.
تستمر أعمالها في تحريك الوعي وتحدي الصمت وتأكيد أن المسرح لا يُخاطب فقط العيون بل يفتّش في الأعماق.

حين نغادر خشبة أنين الأرواح لا نغادرها فقط ونحن نحمل أثقال كلماتها بل ونحن نجرّ أصداء صمتها الذي يصرخ داخلنا ليس من نصوص كثيرة تقف على حدود الكلام فتُجبرنا على النظر في ذلك الصمت في تلك المساحات التي لا يُقال فيها سوى أنين الروح.


هنا في هذه المساحة التي قد لا تُشاهد بل تُشعر ندرك أن المسرح صار فعل حياة وإنسان ليس لأننا شاهدنا عرضًا بل لأننا تعرّفنا إلى الألم الذي يُصير المسرح وجودًا مستمرًا وجرحًا يتكلم حين تعجز الكلمات


أنين الأرواح ليست دعوة للاستسلام بل تحدٍّ للصمت والاحتلال، للموت والإقصاء وللنسيان هي إيمان بأن الصوت لا يُخمد وأن الذاكرة — وإن جُرحت — تبقى حية تنتظر من يقرأها من يعيشها ومن يُعيد لها شكل العنقاء.

شاهد أيضاً

الاحتلال يخطر بهدم 7 منازل في الخضر جنوب بيت لحم

الاحتلال يخطر بهدم 7 منازل في الخضر جنوب بيت لحم

شفا – أخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، بهدم 7 منازل في بلدة الخضر جنوب …