1:21 صباحًا / 26 أبريل، 2024
آخر الاخبار

الدستورية .. هل تكون الثورة المضادة؟ بقلم : د.سرحان سليمان

لم يكن يعلم غالبية المصريين بالمحكمة الدستورية العليا ومهامها قبل الثورة،ويضاف لها ايضا المحكمة الادارية العليا وهيئة مفوضى الدولة،وربما هذا يرجع الى عدم اتاحة الفرصة الى ممارسة العمل السياسى،بل اننى اذهب بعيدا اذا قررت ان هناك قانونيين ورجال سياسة لا يدركون ما هية وظائف واعمال وصلاحيات تلك الجهات،وكيفية التعامل معها،لكن بعد الثورة اصدمت الكثير من القضايا والتشريعات بالمحكمة الدستورية،وبالاحرى بمدى دستورية تلك التشريعات،والامر هنا بالتأكيد يتعلق بامور قضائية ربما لا ندرك اسسها وتشابكاتها،لكن الهام فى الامر هو مدى توافق المحكمة الدستورية بما يخدم الثورة ومطالبها وخاصة فى عجز الثورة عن اصدار قوانيين وتشريعات صالحة لمرحلتها،او التعامل والتكيف مع ما هو متاح من تلك،فى تحقيق اهداف بعينها،ولعل تصريحات بعض القضاة بنبرة حادة شديدة كانه صور نفسه انه ضد الثورة،وابرز تلك العلامات المستشار الزند الذى له احاديث منذو الثورة واحكام على تشريعات سابقة على احكامها كأنه يكلف نفسه للحكم على دستورية ومطابقة التشريعات والمؤسسات للقانون الحالى،وببساطة كمحلل للاحداث يبدو لى ان اصدار الزند لاحكام مسبقة بخصوص قانون العزل السياسى وامكانية حل المجلس الشعب خطأ كبير من قاضى،فكيف يطالب المصريين باحترام احكام القضاة والمحاكم وعدم التعليق عليها والاستسلام لاحكامها،وفى الوقت نفسه يقوم باصدار احكام مسبقة دون الانتظار لحكم المحكمة،كما انه اراد بتصريحه اثارة الرأى العام لتحقيق ربما ما لا يدركه الكثيرين،ولن نقف كثيرا عند الزند فهو رجل من القضاة الذين يحسبهم الكثيرين على النظام السابق،وربما يرقى الكثيرين الى وصفه بانه رجل من رجال الثورة المضادة،وهنا كان يجب ان يحتفظ القضاة بالجلل الذى يضيفه المصريين لهم وما يضيفه مكانتهم الحساسة فهم الميزان الذى يلجأ اليه المتخاصمين ويجب الا يكونوا طرفاً او ضمن طرف ،وان احس القاضى بانه لا يستطيع مقاومة ذاتيته فقد نزاهته .

 

فاننا امام عدة قضايا حاسمة فى يد المحكمة الدستورية العليا اهمها دستورية مجلس الشعب وصلاحيات الرئيس والجمعية الدستورية،وغيرها،والسؤال دائما يأتى بعد كل اتفاق وبعد كل توافق وعندما يحدث استقرار فى خطوة لاحداث نوعا من التدرج نحو الحياة السياسية الطبيعية،الا انه يظهر التصادم مع الدستورية العليا،فهل تستخدم المحكمة الدستورية فى الضغط ضمن اتجاه او جهة بذاتها لتحقيق اهداف خاصة لتلك الجهة او الاتجاه؟ والسؤال هنا لانه لماذا لم تعلن الدستورية رأئيها فى تلك القوانيين والتشريعات والمؤسسات اثناء تشيكلها او الاتفاق عليها،وعدم الانتظار الى حين تقديم طعن ضدها من اخرين؟،وانا ادرك ان من ضمن اسلوب التحاكم لدى الدستورية ان يطعن جهة او شخص فيما تراه لديها،ولا تبدى المحكمة رأئيها مسبقاً…لكن الامر يتعلق بالمرحلة الحساسة والدقيقة التى ربما لا تتحمل كثيرا من التفسيرات والتعقيدات الدستورية مما يحدث نوعا من الاضطراب وعدم الاستقرار واحساس المواطن بعدم الراحة النفسية والتأثير عليه،وخاصة اننا فى توقيت يجب ان يسخر فيه كل مؤسسات الدولة فى خدمة ما تراه المرحلة الثورية او مرحلة التغيير والانتقال بصورة سلسة الى المرحلة القادمة .

 

وربما محاكمة مبارك ومعاونية والحكم الصادر ضدهم لم يصل تفسيراته الى الكثيرين مما جعل المعظم،ان يحكم عليه بانه غير نزيه وفقا لرؤيته،واننى من المعجبين بالمقدمة التى ارساها المستشار احمد رفعت فى بداية المحكمة التى اضفت الكثير من التعليقات الهامة والتى وضحت الكثير،ان المحكمة لديها نطاق معين تصدر من خلاله الحكم،ولا تخرج خارجه لما يتلائم مع المزاج العام او ما تؤمن به المحمة ذاتها،فقد قرأت فيما قاله انه غير راض عن الحكم وان بوده ان يحكم باقصى من تلك الاحكام لكن ما بيديه يفصل بتلك الاحكام الصادرة،وهذا معقول ويمكن تقبله،لكن ما لا يمكن تقبله ان يكون ظاهراً وواضحاً تقصير الجهات المعنية والمساعدة فى تقديم الادلة ،وهذا يعنى ان تلك الجهات تؤيد الثورة المضادة وتدعمها علناً وبوضوح ولا يملك المصريين حتى الان طريقة معينة للتعامل معا لتصبح ضمن طيات الثورة،فالشعب لا يكره الامن الوطنى او يعادى الشرطة،لكن يكره ويعادى من لا يساعد الثورة وتقديم الادلة،بل كنا ونزال امام فرصة غير عادية للتصالح مع تلك الجهات،والامر بيدها بان تفعل ما يظهر انها ضمن طيات الثورة وقابلية التغيير والتطور والاتجاة نحو دولة جديدة تحترم الحريات وترسى العدل والمساوة.

 

القضاء بلاشك هو ميزان استقرار اى مجتمع ،وبدونه تحدث الفوضى والاضطراب،لكن يجب ان يكون مهامه ما ذكرنا،ولا يكون هو نفسه سبب الفوضى وعدم الاستقرار،فلدى قناعة قوية بان هناك حالة من الغضب والاستياء الشعبى تجاة المحكمة الدستورية العليا واتجاه بعض القضاة،ويجب النظر الى ذلك دقيقاً وبعين الاعتبار،ولكن الاهم فى الموضوع عدم ارسال اشارات تفيد ان القضاء او الدستورية يعاند او ضد الثورة ،وهذا ما يحتاج لتفسير اكثر واعلام اكثر نحو ذلك حتى لا يحدث فجوة بين الشعب واهم مؤسساته وهى القضاء.

يجب الا ينسى القضاة والذين قصروا فى تقديم الادلة وعاندوا اصدار قوانيين واحكام تخدم الثورة او ربما ما يتلائم مع المرحلة الحالية ان يعلموا ان من اهم اسباب قيام الثورة هو الظلم وعدم المساواة وعدم الفصل العدل بين المواطنيين،فلا يجب معاودة ما قامت من اجله الثورة والا يصبح الامر فى غير صالح الشعب وليس فى صالح تلك الجهات ايضاً،ويجب ان تساعد الدستورية العليا والادارية العليا وهيئة مفوضى الدولة من يقوم باصدار تشريعات او تؤسس هيئات او مؤسسات فى انها صالحة التنفيذ ولا يطعن عليها ،وحتى فى حدود الضمنية اذا صعب ان يكون يكون ذلك مشاركة،فندرك فصل السلطات بين التنفيذية والتشريعية،لكن الامر الحرج والملح اننا نريد الخروج من النفق المظلم لدستورية معظم القوانيين والتتشريعات.

د.سرحان سليمان

الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى

شاهد أيضاً

مسؤول أممي : إذا أردنا بناء غزة من جديد فسيتطلب الأمر 200 سنة ولغاية اليوم مطلوب 40 مليار دولار

مسؤول أممي : إذا أردنا بناء غزة من جديد فسيتطلب الأمر 200 سنة ولغاية اليوم مطلوب 40 مليار دولار

شفا – قال المدير الإقليمي بالبرنامج الأممي الإنمائي عبد الله الدردري، اليوم الخميس، إن كل …