1:40 مساءً / 24 يونيو، 2025
آخر الاخبار

نحو الهاوية ، حين تصير النار لغة السياسة ، بقلم : محمد علوش

نحو الهاوية ، حين تصير النار لغة السياسة ، بقلم : محمد علوش

نحو الهاوية: حين تصير النار لغة السياسة ، بقلم : محمد علوش

نعيش مرحلة هي الأخطر والأكثر احتمالية للمزيد من الانفجارات، في منطقة أرهقتها الحروب والوعود، تصاعدت ألسنة اللهب من جديد، لا بوصفها ناراً عابرة، بل كمن يوقظ التنين من سباته الطويل، فالحرب التي كانت تلوّح من بعيد، كطيف خافت في الأفق السياسي، بدأت تخطو نحو الضوء، معلنة أنها لم تعد احتمالاً، بل واقعاً قاب قوسين من الانفجار.


إسرائيل وإيران، خصمان في لعبة الشطرنج الجيوسياسية، تحوّلت بينهما الخيوط الخفية إلى حبال مشدودة على رقاب الحقيقة، والضربات المتبادلة، التي لطالما وصفت بـ”الرسائل التحذيرية”، بدأت تفقد وقار التلميح، وصارت تصرخ بالفصحى الدموية للمواجهة، ولم تعد الطائرات المسيّرة طيّ الظلال، بل باتت تجوب سماء الشرق الأوسط علناً، تبحث عن هدف يبرر المعركة القادمة.


وفي هذا المسرح المحتدم، تدخل الولايات المتحدة كما تدخل الريح باباً مفتوحاً، لا استئذان ولا وجل، دخولٌ لم يكن مفاجئاً، بل متوقعاً، إذ لا يمكنها أن تسمح لحليفتها القديمة أن تترك وحدها في مهب الاحتمالات النووية، لكن ما تغيّر الآن هو النبرة، إذ تحوّلت من دبلوماسية الحذر إلى عسكرة القرار، فالبوارج تُبحر، والصواريخ تُشحذ، والكلمات التي كانت تكتب على ورق المفاوضات أصبحت تُنقَش على جسد الأرض بالنار والدم.


لقد دخلت الحرب مرحلة الخطر الأعظم، لا لأن البنادق اشتعلت فقط، بل لأن العقول هدأت، وتكلم البارود، ولم تعد هناك مسافة بين التهديد والتنفيذ، بين الإنذار والانفجار، كل طرف يرى في الآخر مرآة هلاكه، وبدلاً من كسر المرآة، يحطّم نفسه فيها.


والأخطر أن هذه الحرب، إن اندلعت فعلاً بكل ما تحمله من أبعاد نووية وتكنولوجية وأمنية، لن تكون حرب حدود، بل حرب وجود، لن تبقى محصورة بين إيران وإسرائيل، بل ستتمدد كالأفعى الجائعة، تلتهم من حولها كل ما له علاقة بالاستقرار الإقليمي، فمن العراق إلى سوريا، ومن فلسطين ولبنان إلى الخليج، ستصحو كل الجراح القديمة، وتتشظى كل المعاهدات الهشّة.


إنه زمن الحافة، زمن تكتب فيه السياسة بحبر الخوف وتُمارس بلغة الطائرات والصواريخ، والتاريخ يعيد نفسه، لكن هذه المرة بلا قناع، بلا حياد، بلا مخرج طوارئ، فهل نحن على أبواب شرق أوسط جديد، أم على شفير شرقٍ يعاد تشكيله بالنار؟
الجواب، كما في كل الحروب، لا تملكه الحكومات وحدها، بل تحمله صرخات الأبرياء، ودموع المدن، وأنين الخرائط.

شاهد أيضاً

الرئاسية العليا لشؤون الكنائس تنعى المطران كمال بطحيش

الرئاسية العليا لشؤون الكنائس تنعى المطران كمال بطحيش

شفا – تنعى اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين، ممثلة برئيسها عضو اللجنة …