
الحرير يعود من بوابة آسيا الوسطى… الصين تُعيد رسم خريطة الاقتصاد العالمي ، بقلم: ريماس الصينية
تُشكّل دول آسيا الوسطى الخمس — كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان — محورًا استراتيجيًا في مبادرة ”الحزام والطريق“، حيث تشارك مع الصين في بناء ”الممر الاقتصادي بين الصين وآسيا الوسطى وآسيا الغربية“، أحد الممرات الستة الرئيسية ضمن المبادرة، وجزء لا يتجزأ من الحزام الاقتصادي لطريق الحرير.
ينطلق هذا الممر من منطقة شينجيانغ الصينية، ويمرّ عبر دول آسيا الوسطى، ليصل إلى الخليج العربي وسواحل البحر الأبيض المتوسط وشبه الجزيرة العربية.
وعلى مدى 12 عاما، واصلت الصين بالتعاون مع الدول العربية ودول آسيا الوسطى تنفيذ سلسلة من المشاريع الكبرى ضمن إطار المبادرة، ما انعكس إيجابا على شعوب المنطقة وساهم في تعزيز التنمية الشاملة.
في سبتمبر 2004، اتفقت حكومتا الصين وكازاخستان على تخصيص قطعة أرض مشتركة على الحدود بين البلدين، لإنشاء ”مركز خورغوس للتعاون الحدودي الدولي“، وهو مشروع رائد يجسّد مفهوم المدينة الحرة متعددة الوظائف. يدمج المركز بين التصنيع، والتجارة، والتوزيع، والخدمات المالية، والسياحة، ضمن فضاء مفتوح لحركة السلع والأشخاص.
ويُعدّ هذا المركز الحدودي الدولي الفريد من نوعه في العالم، موطنًا لأكثر من 3500 متجر يبيعون ما يزيد على 2000 نوع من السلع المستوردة من أكثر من 50 دولة.
وفي هذا السياق، يقول دانييل ميلنيكوف، نائب مدير قسم تطوير الأعمال في المتجر البيلاروسي المعفي من الرسوم الجمركية:
“نبيع هنا منتجات بيلاروسية مثل الحلوى والمشروبات، وقد تلقينا دعمًا كبيرًا من المركز خلال العام الماضي، لا سيما فيما يتعلق بالسياسات التفضيلية التي ساعدتنا في توسيع استثماراتنا بشكل مباشر.“
من جانب آخر، تسلك المنتجات الزراعية من شينجيانغ طريق ”الممر الأخضر“ لتُصدَّر بسرعة إلى أسواق آسيا الوسطى، حيث تصل الخضروات والفواكه الطازجة في غضون ساعات إلى المتاجر الكبرى في مدينة ألماتي الكازاخية.
ويُعتبر مركز خورغوس نموذجًا متقدّمًا للتعاون الاقتصادي الحدودي، إذ تطوّر من مركز بسيط للتجارة الثنائية إلى منصة إقليمية شاملة، تشمل المعارض التجارية، والمنتديات الاقتصادية، وفعاليات التبادل الثقافي، والمؤتمرات المهنية.
وفي مجال البنية التحتية، أنجزت الشركات الصينية مشروع نفق السكك الحديدية ”أنغرين–باب“، وهو الأطول في آسيا الوسطى، منهيةً بذلك معاناة السكان المحليين الذين كانوا يضطرون لعبور الجبال أو المرور عبر أراضي دول أخرى.
كما تم افتتاح طريق النقل الدولي بين الصين وقيرغيزستان وأوزبكستان، ليربط المناطق الجبلية بشبكة طرق حديثة وسلسة.
وفي قطاع النقل عبر السكك الحديدية، تمرّ نحو 80% من قطارات الشحن بين الصين وأوروبا عبر آسيا الوسطى، ما يجعل من هذه المنطقة شريانًا رئيسيًا لـ”قوافل الفولاذ“ التي تجوب القارة الأوراسية.
ووفقًا للإحصاءات الرسمية، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ودول آسيا الوسطى الخمس في عام 2023 نحو 94.8 مليار دولار أمريكي، محققًا رقمًا قياسيًا غير مسبوق.
لا شك أن التعاون بين الصين ودول آسيا الوسطى يسير بخطى راسخة، ليصبح نموذجًا يُحتذى به في تحقيق التنمية عالية الجودة ضمن مبادرة ”الحزام والطريق“.
فالصين وهذه الدول ليست مجرد جيران، بل شركاء وأصدقاء وأشقاء يتقاسمون المصير ذاته.
ومع انطلاق ما يُعرف بـ”السنوات الذهبية الثلاثين“ الجديدة للعلاقات بين الجانبين، يبدو المستقبل واعدًا بالتكامل والازدهار المشترك.
وفي ظل التزام الطرفين بمبادئ الاحترام المتبادل، وحسن الجوار، والتعاون متبادل المنفعة، من المنتظر أن يكتبا معًا فصلًا جديدًا أكثر إشراقًا في العلاقات بين الصين ودول آسيا الوسطى، ويُسهما في بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية.
- – ريماس الصينية – صحفية في CGTN العربية – الصين
إقرأ مزيداً من الأخبار حول الصين … إضغط هنا للمتابعة والقراءة