
على بوابة رفح… والقلوب مشدودة ، بقلم: سوما حسن عبدالقادر
منذ ثمانية عشر شهرا، وغزة تقاوم وحدها في قلب الجحيم. قصف لا يهدأ، وتجويع ممنهج، وأشلاء متناثرة تحت أنقاض البيوت، بينما العالم يتفرج بصمت بارد، وبعض الجيران يغلقون الأبواب ويشددون القيود.
لكن في خضم هذا الصمت، جاءت صرخة من عرض البحر: سفينة (مادلين) التي حاولت إيصال رسالة حياة إلى غزة، ومن على متنها أحرار من دول شتى، لم يسمح لهم حتى بالاقتراب. تم اعتراضهم، واحتجازهم، وكأن الكلمة أصبحت جريمة، وكأن التضامن أصبح خطرا.
فشل (مادلين) لم يكن النهاية، بل الشرارة. من المرافئ المغاربية، من شوارع تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، وليبيا ومن قلب أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية والجنوبية، انطلقت انتفاضة الأحرار. عشرات الحافلات والسيارات، من أكثر من 32 دولة، تحمل قلوب تتجه إلى معبر رفح، لا طلبا للعبور، بل لفتح بوابة كرامة.
انطلقت القافلة، غير آبهة بالصمت الرسمي، وغير خائفة من العواصف السياسية. إنها مسيرة حياة، لا فقط مسيرة تضامن. جاءت تحمل وجع الإنسانية، وغضبها. جاءت تقول إن الشعوب لم تمت، وإن العالم ليس كله خذلانا.
اليوم، كل الأنظار تتجه إلى مصر. هل ستفتح بوابة رفح أمام الأمل؟ أم أن المخاوف الأمنية ستطغى على نداءات الأطفال الجوعى؟
هل ستفهم هذه المسيرة ككسر للحصار… أم كتحد؟ هل ستصنف كحركة إنسانية… أم كمؤامرة؟
إنها لحظة فاصلة. ليس لغزة فقط، بل لمصر، ولمنطقة كاملة تختبر إنسانيتها. الشعوب قد انتفضت، أما الحكومات فبعضها ما زال يراجع الحسابات.
إنها أيام قليلة تفصل بين التاريخ والخذلان. بين الخوف والكرامة. بين معبر مغلق، وضمير مفتوح.
رفح، بوابة الإنسان إلى الإنسان، فهل تفتح؟