1:48 صباحًا / 2 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

واقع مرير ، بقلم : فداء بن عرفة

واقع مرير ،  بقلم : فداء بن عرفة

واقع مرير ، بقلم : فداء بن عرفة

الواقع الذي نعيشه اليوم في العالم العربي يعكس حالة من الانقسام والفتنة التي تحولت من خلافات سياسية إلى عداء شخصي بين شعوب تجمعها روابط الدم والتاريخ والدين. ما حدث مع قافلة الصمود خير مثال على ذلك، حيث تحول العمل الإنساني لدعم غزة إلى ساحة للاتهامات والشتائم بدلاً من أن يكون منصة للتضامن. بعض المصريين هاجموا القافلة واتهموها بأنها “خوانجية” فقط لأن فيها مشاركين من قناة الجزيرة، رغم أن القناة تعمل كأي وسيلة إعلامية تبحث عن المشاهدات، وليس بالضرورة أن تعبر عن توجهات كل المشاركين. الأصعب من ذلك أن البعض شتم السوريين والجولاني، وهذا خطأ كبير لأن الخلافات السياسية لا يجب أن تتحول إلى كراهية عرقية أو طائفية. أنا شخصياً لدي أصدقاء سوريون وأحترمهم، ولم أرد على تلك الشتائم لأني أعتبرها فتنة تهدف إلى تمزيق اللحمة العربية.

بعض الذين هاجموا القافلة قالوا: “لماذا لا تدخلون غزة عبر سوريا أو الأردن؟”، وهذا السؤال في ظاهره منطقي، لكنه يتجاهل حقائق السياسة والجغرافيا. فسوريا اليوم ليست كما كانت قبل 2011، والدخول عبرها يعني المرور عبر مناطق متنازع عليها بين النظام والمعارضة، مع وجود قوات أجنبية، مما يعرّض القافلة للمخاطر أو الرفض من أطراف الصراع. أما الأردن، فمع أنه بلد شقيق، إلا أن موقعه الجغرافي يجعل الوصول لغزة عبره معقداً، حيث يتطلب عبور نهر الأردن ثم الضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل وتفرض قيوداً مشددة على الحركة. مصر كانت دائماً المعبر الرئيسي إلى غزة، لكن حتى ذلك أصبح صعباً بسبب التعقيدات السياسية.

لكن الأهم أن هذا السؤال يحمل في طياته اتهاماً ضمنياً بأن القافلة “تتجنب” هذه الطرق، بينما الحقيقة أن المعابر مغلقة بأوامر سياسية، سواء في رفح أو غيرها. اللوم هنا يجب أن يكون موجهاً للأنظمة التي تفرض الحصار على غزة، وليس للمتطوعين الذين يحاولون كسر هذا الحصار بأي طريق ممكن. فلو فتحت سوريا أو الأردن أو مصر حدودها دون قيود، لاختار الجميع أقرب طريق، لكن المعضلة أن كل هذه المعابر تخضع لاعتبارات سياسية فوق إرادة الشعوب.

في خضم كل هذا، حاولت أن أضحك مع إخواننا الجزائريين والليبيين، وقلت إن علاقة تونس وليبيا والجزائر مثل “توم وجيري”، يتنافسون ويتناقشون كالإخوة، لكن وقت الأزمات يتحدون. هذا المزاح كان بريئاً، لكن البعض قد يسيء فهمه بسبب غياب الثقة بين الشعوب العربية. المشكلة الكبرى هي أن الرحمة والوحدة بين العرب أصبحت غائبة، وحلت محلها الكراهية بسبب الإعلام المسموم وصراعات الأنظمة.

يجب أن نذكر أنفسنا أن العدو الحقيقي هو الاحتلال والظلم، وليس بعضنا البعض. علينا أن نركز على ما يجمعنا، ونرفض محاولات تقسيمنا. الكلمة الطيبة والصبر والحوار هم طريقنا لاستعادة التضامن العربي الذي نفتقده اليوم.

  • – فداء بن عرفة – لشاعرة وكاتبة تونسية – تونس

شاهد أيضاً

اسعار الذهب اليوم

اسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت اسعار الذهب اليوم الجمعة 1 أغسطس كالتالي : سعر أونصة الذهب عالمياً …