مَحْكَمَةُ الغَرام ، بقلم : نسيم خطاطبة

مَحْكَمَةُ الغَرام ، بقلم : نسيم خطاطبة

المدّعي

عُذرًا، يـا قاضيَ الغـرامِ، فإنّني
أشكو اشتياقًا، والوُجودُ ظلامُ

قلبي يُسافـرُ حيثُ كانتْ ذكـرُها
ويُذيقني حِرمانَها، ويُضـامُ

أحلامُ قلبي شتّت أفكاريَ
وتناثَرَتْ في مُهجتي الأقلامُ

يا قاضيَ العُشّـاقِ، أَفتِني هـنا
فالعَينُ تبكي، والجَوى إيلامُ

القاضي

نادوا المُتَهمَ الكريـمَ، لعلّهُ
يُفْضي إلينا ما جَنَتْهُ الأيّـامُ

فليأتِ في شُهـودِ الهوى بثلاثةٍ
إن كانَ في حُبٍّ لهُ إجرامُ

لا رحمةٌ تُرجى إذا ما جانِـيـا
خانَ الوفا، أو زَلّ منهُ لِثـامُ

فالحُبُّ عدلٌ إن صفا مَورودُهُ
وبهِ القلوبُ تطيبُ، والسّـلامُ

تكلّمْ، يا جانيَ الهوى، وأجِبْنـا
بِصِدقِكَ الفَذِّ الجَميلِ التّـامُ

المُتّهَم

وقعتُ في حُبٍّ طهورٍ لم يَضِمْ
لكنَّهُ نَخَرَ الفؤادَ، وهـامُ

ما عُدتُ أدرِي كيف أُطفِئُ نارَهُ
والبُعدُ أقسَى، واللّقـاءُ حرامُ

قد كانَ بيني والبُعادِ سُدودُهُ
ومدى الطّريقِ جُنودُهُ أصـنامُ

ما كنتُ أرغبُ في الهوى حُكمًا على
قلبٍ، فإنّي عاشقٌ مستـهامُ

فاسألْ فؤادي كيف نامَ بدمعةٍ
وكأنّهُ في صدرِهِ زلزالُ وحممُ

الحُكم

وبعدَ أنْ سَمِعَ القضاءُ دُعاءَهمْ
والمُدّعي، والمُتّهم، والشّـامُ

وبعدَ قِراءةِ الحُجُجِ المُستندَةْ
في الحُبّ لم تُخطئْ هنا الأقـلامُ

نُعلنْ، بأنَّ الحُبَّ حيٌّ خالدٌ
ما دامتِ الأرواحُ والأجسـامُ

فالعِشقُ يجتازُ المدى، وبِحرقةٍ
يُولدُ الحُلمُ الجَميلُ، ويَسـامُ

رُفِعتْ جَلسةُ العِشاقِ بعدَ نُطوقِها
بِالحُكمِ: لا يُعدَمْ هُنا الإلـهامُ

وإليكمُ، أهدينا عِطرًا فائحًا
من “عودِ حُبٍّ” فاحَ فيه خِتـامُ

نسيم خطاطبه