
شفا – خاص – شاركت الباحثة والكاتبة وفاء داري متحدثة رئيسية في الملتقى العلمي الدولي الأول الموسوم بـ “الطفل العربي وتحديات الميديا الرقمية: الواقع والفرص المستقبلية”، والذي نظمته جامعة باتنة 1 – الجزائر ممثلة في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، قسم علوم الإعلام والاتصال، يوم السبت الموافق 01 جوان/يونيو 2025، عبر تقنية التحاضر المرئي (زووم).
وقدّمت الباحثة والكاتبة داري في الجلسة الافتتاحية مداخلة علمية نوعية بعنوان:
“الطفل العربي وتحديات الميديا الرقمية بين التهديدات التربوية والتحولات الثقافية”، وهي دراسة علمية موسعة اعتمدت للنشر في مجلة دولية محكمة، مجلة الأصالة، تُعنى بنشر مختلف البحوث الإنسانية. تصدر عن الجمعية الليبية للعلوم التربوية والإنسانية
العدد الحادي عشر، المجلد الثاني – يونيو 2025. البحث الموسوم: “الطفل العربي وتحديات الميديا الرقمية بين التهديدات التربوية والتحولات الثقافية”
وسعت من خلالها إلى تحليل تأثير التحولات الرقمية المتسارعة على الطفل العربي من منظور اجتماعي، ثقافي وتربوي.
قراءة نقدية في التحولات الرقمية وتأثيرها على هوية الطفل العربي
تناولت المداخلة بالنقد والتحليل واقع الطفل العربي في بيئة إعلامية رقمية مفتوحة تتشابك فيها عناصر الترفيه والمعرفة، وتتصارع فيها القيم الثقافية المحلية مع الموجات العالمية للمحتوى الرقمي. وأشارت الباحثة إلى أن الميديا الرقمية لم تعد مجرد وسيلة، بل أصبحت فاعلًا ثقافيًا يُعيد تشكيل وعي الطفل، وأنماط تفاعله مع اللغة والمجتمع.
وسلطت الدراسة الضوء على مفارقةٍ جوهرية، تتمثل في غياب الإنتاج الأدبي المحلي المواكب، في مقابل طغيان محتوى رقمي أجنبي مغاير، يُقدَّم بلغات غير العربية، ما يسهم في تآكل الهوية الثقافية واللغوية، ويضع الطفل العربي في قلب أزمة انتماء لغوي وثقافي.
إشكالية مركزية: هل يساهم أدب الطفل في تعزيز الهوية بالفضاء الرقمي؟
انطلقت الدراسة من سؤال محوري حول دور أدب الطفل العربي في زمن الهيمنة الرقمية، ومدى قدرته على تنمية الخيال والإبداع، وتعزيز الهوية ، في ظل تحديات التقنية والانفتاح الثقافي. وطرحت الباحثة رؤية نقدية لمنظومة الإنتاج الأدبي، مشيرة إلى قصور كبير في المحتوى العربي الموجَّه للأطفال، مقارنة بالطلب المتنامي والمتغير في العالم الرقمي.
ثلاثية التحليل: تحديات، فرص، واستراتيجيات
انقسمت الدراسة إلى ثلاث محاور رئيسية:
1. تحليل التحول الرقمي من زاوية اجتماعية تربوية وثقافية.
2. تشخيص التهديدات التي تواجه الطفل العربي، ومنها غياب التشريعات، هشاشة التوجيه الأسري، وفقر المحتوى التربوي الرقمي.
3. طرح رؤى استراتيجية تُمكن من بناء سياسات داعمة لطفل رقمي واعٍ ومتوازن.
وفي هذا السياق، شددت الباحثة على فرصٍ كبرى كامنة في البيئة الرقمية، أبرزها تعزيز التعليم التفاعلي، وتمكين الطفل من التعلم الذاتي، وتطوير محتوى سردي عربي غني بالقيم، داعية إلى دمج الثقافة الرقمية في المناهج التربوية الرسمية.
نتائج وتوصيات: من التنظير إلى الفعل
خلصت الدراسة إلى أن الطفل العربي بات جزءًا لا يتجزأ من عالم رقمي متعدد الأبعاد، لكن دون حماية كافية أو محتوى ملائم. وأوصت بوضع تشريعات موحدة لحمايته، وبتحفيز الشراكات بين الإعلام والتربية والتكنولوجيا لإنتاج محتوى عربي جاذب، وإدراج التربية الإعلامية كمكون أساسي في التعليم العربي.
حضور فلسطيني متميز في ملتقى دولي رفيع
تميّزت مشاركة الأديبة. وفاء داري في هذا المحفل العلمي الدولي، ليس فقط باعتبارها صوتًا فلسطينيًا مثقفًا يناقش قضايا الطفولة في العصر الرقمي، بل لأنها قدمت مقاربة متكاملة تجمع بين الرؤية الأكاديمية والخبرة الأدبية، وهو ما نال اهتمام وتقدير الحاضرين، من أكاديميين ومهتمين من مختلف الأقطار العربية.
في الختام
جاءت هذه المشاركة لتعزز الحاجة إلى فهم جديد لدور الميديا، ليس كأداة ترفيهية فقط، بل كوسيط ثقافي قادر على تمكين الطفل العربي وصقل هويته، خاصة في ظل تسارع التغيرات العالمية، والانفتاح الرقمي غير المنضبط.
ويُؤمل أن تشكل توصيات هذا الملتقى أرضية فعلية لإعادة التفكير في العلاقة بين الطفل والميديا، بما يحقق التوازن بين الاستفادة من التقنية وحماية القيم الثقافية والتربوية الأصيلة


