
الدكتور فخري مصطفى دويكات، أثرٌ طيبٌ لا يُنسى، ونُبلٌ يَفيض احتراماً ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات
في عالمٍ يمتلئ بالألقاب والمناصب، نادرًا ما تلتقي بأشخاص يُضيئون المكان بخلقهم قبل علمهم، وبتواضعهم قبل ألق أسمائهم، ويتركون في القلب أثراً طيباً لا يُمحى. ومن بين هؤلاء الذين تتزين بهم ميادين التربية والعلم، يبرز الدكتور الفاضل فخري مصطفى دويكات، الرجل الذي جمع بين التخصص الأكاديمي الرصين، والأخلاق العالية، والتواضع الذي لا يعرف تصنعاً ولا ادّعاء.
تشرفتُ بلقائه للمرة الأولى في جامعة القدس المفتوحة فرع طوباس عند مشاركتي في مناقشة مشاريع التخرج مع نخبة من الزملاء الكرام. وما إن دخلت المكان، حتى استقبلني الدكتور فخري بوجهٍ بشوشٍ يفيضُ احتراماً ودماثة، وبروحٍ علميةٍ راقية تدل على وعيه التربوي العميق وحبّه للعلم. لم يكن يكتفي بالدور الإداري كمدير للفرع، بل كان حاضراً كأكاديمي ومربي ومشرف ومشجع وداعم حقيقي للطلبة والباحثين.
وما أجمل أن يتجدد اللقاء، لكن هذه المرة في إطارٍ علميّ بحثيّ، حين تشاركنا مع نخبة من الزملاء في إعداد بحثٍ علمي لمجلة محكّمة، فرأيته كيف يتعامل مع البحث بصدق وحرص، وكأنّه يبني لبنة من لبنات التطوير العلمي، لا لمجرد نشر أو ترقية، بل لأنه يؤمن بأن البحث العلمي هو أساس نهضة المجتمعات. هو من أولئك الذين يحملون العلم كرسالة لا كوظيفة، وكأمانة لا كشهرة.
الدكتور فخري دويكات مثال للقيادي الذي يتقدم الصفوف لا بكثرة الحديث، بل بجمال الفعل وصدق النية. رجل يسعى لتطوير الجامعة رغم التحديات، ويؤمن أن الرقيّ لا يُصنع بالظروف بل بالإرادة. رأيته كيف يتعامل مع موظفيه بكل احترام وتقدير، بعيداً عن الاستعلاء والتسلط، فأدركت أن الإدارة عنده ليست سلطة، بل خدمة ومسؤولية.
إنه الأكاديمي المتخصص في التربية الخاصة، الذي لم يجعل من تخصصه جداراً يختبئ خلفه، بل نافذة يطلّ منها على آفاق التطوير والإبداع، مشاركاً في المؤتمرات المحلية والعربية والدولية، حاملاً اسمه واسم وطنه وعلمه بأبهى صورة. لا يرضى أن يقف في مكانه، بل يسعى دائماً إلى تطوير نفسه، وكأن العلم عنده نهر لا ينضب، وهو الظمآن له شوقاً لا حاجة.
يشبه الدكتور فخري في حضوره الشجرة المباركة، التي لا تكلّ من العطاء، ولا تبخل بظلها على عابرٍ أو متعب، ويشبه في أخلاقه السحاب الماطر، يمرّ فينبت في القلوب ورد الامتنان والدعاء. وهو ممن يُقال فيهم حقاً: “إنما الإنسان أثر”. وأثرك، يا دكتور فخري، طيبٌ وعميقٌ وخالد، كالعطر الذي يسبق صاحبه، وكالضياء الذي لا يُخفى.
لك منا كل الاحترام والتقدير، فأمثالك يُسطّرون بمداد الفخر، ويُكتب عنهم بإعجاب لا يجفّ، لأنك لست مجرد مدير فرع، بل قدوة في الأخلاق، ونموذج في التربية، ورمز في التواضع والعطاء.
دمتَ كما أنت… أثراً لا يُنسى، وقيمةً تُحترم، ورجلاً يفتخر به كل من عرفه.