
شفا – أكد الأمين العام للجبهة العربية الفلسطينية، سليم البرديني، أن العدوان الصهيوني الجاري لا يجب ان يختزل في كونه تصعيدا عسكريا عاديا او انتهاكا أمنيا عابرا ، بل هو تعبير عضوي عن طبيعة الكيان الصهيوني ككيان استيطاني-استعماري، يقوم على منطق التوسع والاستبدال الديموغرافي، ويرتكز إلى شرعية القوة المطلقة بدل شرعية القانون الدولي. فإن ما تشهده فلسطين اليوم، من غزة إلى القدس، وما تتعرض له سوريا ولبنان من انتهاكات متكررة، ليس إلا فصلاً من فصول مشروع “الاستعمار الاستيطاني” المتصاعد، الذي يسعى إلى تفكيك البنى الجيوسياسية للعالم العربي، وإعادة تشكيل المنطقة تحت هيمنة المشروع الصهيوني، كحليف استراتيجي للإمبريالية المعاصرة.
وقال الامين العام: ان مراحل الإبادة الجماعية الوحشية في غزة، والتي ترافقت مع سياسة التجويع والحصار على سكان القطاع، ليست سوى الحلقة الأولى في منظومة متكاملة تهدف إلى فرض “السيادة الديموغرافية” في فلسطين التاريخية عبر بناء المستوطنات وسرقة الأراضي وتغيير معالم الجغرافيا وطمس الذاكرة. وفي الوقت ذاته، تنفذ عمليات تهجير قسري ودمار ممنهج لمخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، تمهيدا لضم أحيائها إلى جسد الاستيطان وتوسيع شبكة “الكيان اليهودي”.
واوضح الامين العام ان الاحتلال الصهيوني يعتمد على ثلاثية “الاحتلال، التهجير، التهويد”، وهذا ليس تكتيكاً عسكرياً، بل سياسة ممنهجة لتحقيق “السيادة الديموغرافية” التي تجعل من فلسطين التاريخية أرضاً بلا شعب، وفقاً للأسطورة الصهيونية.
واضاف الامين العام ان المشروع لن يقتصر على فلسطين وحدها، فهو امتد الان إلى لبنان وسوريا. موضحا
ان هذه الوقائع المتلاحقة تشكل معا فصولا مترابطة في مشروع “اسرائيل الكبرى” الذي لن يقف عند هذه الحدود كما يصبو إليه الاحتلال الصهيوني ، بدعم من الإمبريالية المعاصرة وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية بهدف تجزئة الأمة العربية الى كيانات طائفية هشة يسهل ضبطها وتحريكها لخدمة الاحتلال وأهدافه.
وفي هذا الإطار، شدد الأمين العام سليم البرديني على ضرورة توحيد القوى الفلسطينية خلف استراتيجية مقاومة شاملة تجمع بين العمل الشعبي والدبلوماسية النشطة، والعمل على استنهاض الوجدان العربي عبر حملات ثقافية وإعلامية تعيد وصل الأجيال المعاصرة بذاكرة الأمة وجذورها الحضارية، وتفضح عمليات طمس الهوية وتزييف التاريخ.
كما دعا الامين العام الى تفعيل التضامن العربي الإقليمي واعادة تعريف مفهوم الأمن القومي بعيداً عن الأجندات الغربية. وفرض مقاطعة شاملة للكيان المحتل، على مستوى الحكومات والشعوب. والعمل على توسيع المعركة القانونية والدولية عبر مقاضاة إسرائيل أمام محاكم الجرائم الدولية، ومساءلة الدول الداعمة للاحتلال بموجب ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
واوضح الامين العام ان فلسطين ليست مجرد أرض محتلة فحسب ، بل هي استعارة كبرى للتحرر والكرامة ومرآة تكشف عورة النظام العالمي. فما يحدث فيها هو اختبار لأخلاقيات العصر ولمبادئ العدالة والانسانية والقانون الدولي فشل فيه العالم حتى الان امام مشاهد الابادة في غزة.
مضيفا إننا، في الجبهة العربية الفلسطينية، نرفع تحذيراً تاريخياً: المشروع الصهيوني ليس عدواً للفلسطينيين فحسب، بل هو عدو للإنسانية جمعاء، كونه يجسد أخطر أشكال العنصرية في القرن الحادي والعشرين. ونضالنا ليس دفاعاً عن الحجر والشجر، بل هي معركة ضد الظلم والاستبداد واعداء الانسانية.
واختتم الامين العام ان شعبنا العظيم لم ولن يكون ضحية التاريخ الممنوح، بل كان وسيبقى صانع التاريخ الممكن.