المقاومة والعقد الاجتماعي ، بقلم : فادي البرغوثي
مثلما كان العقد الاجتماعي، هو الأساس الذي ربط الشعوب في بعضها البعض ليكون الحكم ليس لفئة أو حزب معين بل لاتفاق يراعي جميع المصالح فيما بينها، ليكون كل مجموعة أو فرد تتصرف ضمن هذا العقد ولا تحصل على كل شيء ولا تفقد كل شيء وتتصرف ضمن الحدود المقبولة ضمن الحرية التي لا تنتهك حقوق الآخرين.
في المجتمعات التي تقع تحت الاحتلال فإن العقد الاجتماعي يكون هو المقاومة التي تجتمع عليه كل التنظيمات والمجتمعات ذلك ان الانسان والمجتمع يعيش ضمن تهديد مستمر يدفعه بشكل كامل للتخلص من هذا الخطر الداهم والمستمر.
وبما أن العقد الاجتماعي هو الأساس الذي يشكل الوحدة بين افراد ومجموعات واحزاب المجتمع وجوده ضروري للمجتمعات والشعوب لأنه في لحظة انفراطه تصبح كل فئة ومجموعة في المجتمع تعيش في نسق تصرفها بعيدة عن مشاعر وتصورات المجتمعات المختلفة ما يعني الفرقة والانقسام والتفرقة.
في اعتقادي وصلت الأمور لما نحن فيه من انقسام ليس في تاريخ ٢٠٠٧ التي سيطرت فيه حركة حماس على قطاع غزة وسيطرت فيه حركة فتح على الضفة ، إنما الانقسام قبل ذلك بكثير وتحديدا حينما وقعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق سلام مرحلي تحول مع الأسف إلى ابدي وبالتالي أسس العقد الاجتماعي الذي كان يضم الجميع، انفرط في تلك اللحظة بينما نتائجه ظهرت في عام ٢٠٠٧ م.
على ضوء هذا التصور ستبقى الأمور مثلما هي، طالما ظلت الأمور تتراوح مكانها وتضمن تصورات مختلفة متباعدة لا اساس لجمع الناس فيها على كلمة واحدة مثل المقاومة التي يمكن للجميع أن يتبناها مع طرقها المختلفة في إطار موضوع تكاملي بين الجميع ضمن التصورات المختلفة.
فعمليا اثبت بأن المقاومة السلمية تستمد قوتها وامتدادها في المقاومة العنيفة والعكس صحيح ، فعلى سبيل المثال نشطت المقاطعة بعد السابع من أكتوبر في كافة دول العالم وكذلك محكمة الجنايات الدولية التي اصدرت امر باعتقال نتنياهو ووزير جيشه السابق غالانت، كما ان هذه المقاومة الغير عنيفة تدعم المقاومة العنيفة في اظهارها بانها مقاومة حقيقية وليست قطاع طرق أو مجموعات إرهابية كما يحاول الاحتلال تصوره.
في إطار هذا التصور ان نعيد بناء العقد الاجتماعي الفلسطيني على أسس نضالية ضمن تصورات وقناعات كل طرف طالما الاحتلال باقي وكل بقعه يتم تحريرها تصبح انجاز قوي للجميع دون استثناء.
اما ان نبقى نتوهم ان الاحتلال يمكن أن يعطينا شبر فقط دون نضال فإن هذا وهم ويجعل أسس العقد الاجتماعي للشعب الذي يقع تحت الاحتلال يفرط، ونصبح في مكان ننفذ فيه برنامج الاحتلال دون أن نكون واعين لمآلات الأمور.